الصيانة الوقائية للشرفات: دراسة حالة مشروع إصلاح شرفات بناية 75 هنري ستريت

عندما لاحظت إدارة ولجنة الملاك في مبنى “75 هنري ستريت” تشققات في بعض شرفات البناية ذات الـ33 طابقًا، قررت التحرك بشكل فوري، رغم أن المراجعة الدورية لم تكن مقررة بعد. هذا القرار الواعي أنقذ المبنى من مشاكل أكبر قد تكون ظهرت لاحقًا، وحافظ على سلامة السكان والمشاة أسفل المبنى. يتناول هذا المقال قصة المشروع من بدايته إلى نهايته، ويشرح أهمية الصيانة الوقائية في مشاريع البنايات السكنية، مع التركيز على خطوات التشخيص والمعالجة، وأهمية التدخل المبكر قبل مواعيد الفحص الإلزامية.

اكتشاف المشكلة: كيف بدأت القصة؟

في عام 2018، وفي فترة ما بين دورات برنامج فحص واجهات السلامة (FISP)، لاحظت الإدارة وجود تشوهات في عدد من الشرفات. هذه الشرفات مصنوعة من الخرسانة المسلحة وتُرجع تاريخها إلى سنة بناء المبنى عام 1968. باستخدام المناظير، تم رصد تشققات في الزوايا والأطراف الخارجية، وهي المناطق الأكثر عرضة للتدهور بسبب تعرضها المباشر للعناصر الجوية.

السبب الرئيسي في هذه المشاكل كان اختراق الدرابزينات مباشرةً عبر حافة الخرسانة، مما خلق نقاط ضعف في الزوايا، حيث تظهر الشقوق بشكل دوري.

التشخيص: فحص شامل ودقيق

بعد الكشف البصري، تم تنفيذ تقييم يدوي باستخدام تقنية “الدق بالميز” (Hammer Sounding) على كل الحواف الخارجية للشرفات. أظهرت النتائج أن تسليح الحديد قريب جدًا من سطح الخرسانة، وهو ما يجعلها أكثر عرضة للتلف والتشقق.

هذا النوع من التحليل ضروري لتحديد مدى انتشار التآكل، ومعرفة الأماكن التي تحتاج إلى صيانة أو استبدال كامل.

خطة الإصلاح: تصميم وتنفيذ الحلول

شملت خطة الإصلاح:

• استبدال وإعادة صب حواف الشرفات.
• إصلاح أو استبدال تسليح الحديد.
• إعادة تركيب الدرابزينات بطريقة آمنة.
• إصلاح بطون الشرفات المتضررة.
• تطبيق نظام طلاء مقاوم للطقس من شركة BASF.

تم العمل على نحو 85% من الشرفات خلال فترة لا تتجاوز الستة أشهر، دون أي مفاجآت كبيرة، مما يدل على دقة التشخيص وفعالية الخطة التنفيذية.

أهمية التحرك المبكر: تجنب المخاطر المستقبلية

غالبًا ما يتم تأجيل أعمال الصيانة حتى مواعيد الفحوصات الإلزامية، لكن هذا القرار قد يؤدي إلى تفاقم الأضرار وزيادة التكاليف. في حالة “75 هنري ستريت”، كان التحرك المبكر له فوائد متعددة:

• ضمان السلامة العامة: تجنب سقوط أجزاء خرسانية قد تهدد حياة السكان أو المشاة.
• خفض التكاليف المحتملة: كشف المشكلة مبكرًا يعني عدم احتياجها إلى تدخلات كبرى مستقبلًا.
• تحسين عمر البناية الافتراضي: الصيانة الدورية المنتظمة تزيد من عمر البناية وتحافظ على قيمتها السوقية.

وفقًا لموقع إدارة المباني في مدينة نيويورك (DOB)، فإن “الصيانة الوقائية تقلل من خطر حدوث انهيارات غير متوقعة، وتساعد في الامتثال للأنظمة المحلية مثل FISP”.
المصدر: NYC Department of Buildings – Facade Inspection Safety Program

رأي ArchUp: تحليل وتقييم

مشروع إصلاح شرفات “75 هنري ستريت” يُعد نموذجًا مثاليًا لكيفية التعامل مع مشاكل البنية التحتية في البنايات القديمة. ما يلفت النظر هو قرار اللجنة الإدارية بالتحرك قبل الموعد المحدد، وهو ما يعكس مستوى عالٍ من الوعي المهني.

لكن يمكن القول إن هناك جانبًا يحتاج للمراجعة، ألا وهو عدم وجود خطة صيانة دورية سنوية شاملة، وليس فقط الاعتماد على الفحص الدوري كل خمس سنوات. لو كانت هناك مراقبة مستمرة، ربما كانت هذه المشاكل قد اكتشفت قبل أن تتطور إلى مرحلة تستدعي التدخل.

كما أن استخدام طلاء مقاوم للطقس كخطوة أخيرة يُعد حلًا مؤقتًا؛ فالجذور الحقيقية للمشكلة تكمن في تصميم الشرفات نفسه، وخاصة موقع التسليح القريب من السطح. لذلك، يجب التفكير في تعديلات هيكلية طويلة الأمد عند إعادة تأهيل مثل هذه البنايات.

جدول تلخيصي لأبرز النقاط

الأسئلة الشائعة حول صيانة الشرفات

خاتمة

إن قصة مشروع “75 هنري ستريت” تقدم درسًا مهمًا لأصحاب البنايات والملاك في كيفية التعامل مع البنية التحتية المتهالكة. الصيانة الوقائية ليست ترفًا، بل ضرورة تحمي الأرواح وتحافظ على الاستثمار. ومن هنا، يبقى التحدي الحقيقي في تغيير ثقافة الصيانة من رد فعل إلى عمل استباقي مدروس.