مشروع “Into the Woods” يعيد صياغة استغلال المساحات الصغيرة والتواصل البصري
الابتكار في تصميم البيوت الصغيرة
كشفت شركة Baluchon الفرنسية، المعروفة بحرفيتها العالية في بناء البيوت الصغيرة، عن مشروعها الأخير الذي يعكس رؤية مبتكرة في استغلال المساحات المحدودة. أُطلق على هذا المنزل اسم “Into the Woods”، وهو منزل بطول 20 قدمًا صُمم خصيصًا لسندرين وابنتها، اللتين اختارتا جعله مسكنهما الدائم. يمثل هذا المشروع مثالًا على التعاون بين الحرفيين والعملاء الباحثين عن أسلوب حياة أبسط وأكثر وعيًا، ضمن مساحة مدروسة بعناية لتلبية الاحتياجات اليومية دون التضحية بالجماليات.
التصميم الخارجي والهوية البصرية
يتميز المنزل بمظهره الخارجي الفريد، الذي يعكس الطابع المميز لشركة Baluchon ويجعلها بارزة ضمن حركة البيوت الصغيرة. فقد تم تغطية هيكل المنزل بألواح خشب الأرز الأحمر، مدعومة بسقف معدني مع تفاصيل لونية دقيقة، ما يضفي لمسة من التفرد والدفء البصري.
النسب والأبعاد ودور الحرفية
يبلغ طول المنزل 6 أمتار فقط، ويستند على مقطورة مزدوجة المحاور، مما يجسّد النسب الأوروبية النموذجية للبيوت الصغيرة. هذه النسب تمنح المنزل شعورًا بالحميمية والراحة، دون أن يشعر السكان بالازدحام. كما يوضح المشروع كيف يمكن للحرفية العالية في التصميم الخارجي، حتى عند استخدام مواد تقليدية مثل التكسية الخشبية، أن تمنع التكرار والرتابة في الشكل العام، مع الحفاظ على جاذبية بصريّة مستمرة.
الشعور بالاتساع داخل المساحات الصغيرة
عند دخول المنزل، يتضح على الفور السحر المكاني الذي يقدمه التصميم الداخلي. رغم صغر مساحة الأرضية، يبدو الداخل واسعًا ومفتوحًا بشكل غير متوقع، متحديًا التوقعات المعتادة لمثل هذه البيوت الصغيرة. هذا الشعور ليس صدفة، بل نتاج تخطيط دقيق ومدروس.
الضوء الطبيعي وتأثيره على المساحة
اعتمدت Baluchon على استخدام واسع للنوافذ الزجاجية في جميع أنحاء المنزل، مما يسمح بتغلغل الضوء الطبيعي في كل زاوية. هذه الاستراتيجية تلغي الأماكن المظلمة والمكتظة التي غالبًا ما تواجهها المنازل الصغيرة. كما تستفيد منطقة المعيشة وتناول الطعام بشكل كبير من هذه النوافذ الكبيرة على جانبي الغرفة، حيث تخلق تدفقًا سلسًا بين الداخل والخارج، ما يجعل المساحة تبدو أكبر من حجمها الفعلي ويحوّل المنزل إلى ملاذ مضيء ومريح.
تخطيط عملي مع الحفاظ على الجمالية
تركز خطة التصميم على الوظائف العملية دون التضحية بالراحة. فالمطبخ يمتد على أحد الجدران بشكل متكامل، بينما تم وضع حمام صغير واستراتيجي بجانب خزانة كاملة الحجم تحتوي على عدة خزانات وأدراج ومساحة لتعليق الملابس. هذا الترتيب يوضح أن العيش البسيط لا يعني التخلي عن حلول التخزين الذكية.
بالإضافة إلى ذلك، تم تصميم سلم ثابت مع درجات أوسع لزيادة مساحة الأرضية أسفل السلم وتسهيل الاستخدام اليومي. كل عنصر داخل المنزل تم اختياره بعناية ليخدم وظيفة محددة مع المساهمة في الجمالية العامة، ما يعكس خبرة Baluchon الطويلة في تصميم البيوت الصغيرة.
الابتكار في الطابق العلوي
يحدث الابتكار الحقيقي في الطابق العلوي للمنزل، حيث نفّذت Baluchon حلاً تصميميًا فريدًا. بدلًا من إنشاء غرف نوم معزولة ومظلمة، قام الباني بربط الغرف بواسطة شبكة ممتدة. هذا الحل الذكي يخدم عدة أهداف في الوقت ذاته:
- الحفاظ على التواصل البصري بين المساحات.
- تمكين مرور الضوء الطبيعي عبر الطابق العلوي بالكامل.
- إضافة عنصر من المرح والتفاعل بين السكان.
تتحول الغرف المنفصلة المحتملة إلى ملاذ متماسك مليء بالضوء، يجمع بين العملية والإبداع، ويلبي احتياجات الأم وابنتها بشكل مثالي.
فلسفة العيش الواعي
يمثل مشروع “Into the Woods” أكثر من مجرد منزل صغير؛ فهو تجسيد لحركة العيش الواعي. هنا، يختار السكان تقليص مساحة معيشتهم ليس بدافع الضرورة، بل كخيار واعٍ ينسجم مع أسلوب حياتهم. بالنسبة لسندرين وابنتها، يوفر المنزل فرصة للعيش في وئام مع الطبيعة بعيدًا عن الكثافة الحضرية، مع الحفاظ على وسائل الراحة الأساسية.
التصميم المدروس والجودة
تواصل Baluchon إثبات أن صغر المساحة لا يعني التضحية بالجودة أو الراحة. كل تصميم جديد يظهر كيف يمكن تحويل المساحات الصغيرة إلى منازل حقيقية تستطيع العائلات الازدهار فيها على المدى الطويل. يبرز “Into the Woods” كدليل حي على هذه الفلسفة، مؤكدًا أن مساحة 20 قدمًا يمكن استثمارها بالكامل إذا تم التخطيط بعناية.
✦ تحليل ArchUp التحريري
يمكن النظر إلى مشروع “Into the Woods” كنموذج يُظهر بعض الاستراتيجيات المعمارية المفيدة في التعامل مع المساحات الصغيرة والضوء الطبيعي والتواصل البصري. من الجوانب الإيجابية، يوفر المشروع مثالًا عمليًا على كيفية دمج وظائف متعددة في مساحة محدودة، مع الاستفادة من النوافذ الكبيرة والشبكة العلوية لإضافة مرونة وفتحات ضوء متجددة داخل المنزل. كما يُظهر المشروع قدرة المصممين على التفكير في تدفق الحركة ووظائف التخزين الذكي داخل مساحات ضيقة.
مع ذلك، هناك بعض الاعتبارات التي قد تحد من إمكانية تكرار هذا النموذج بشكل أوسع. على سبيل المثال، اعتماد الشبكة في الطابق العلوي قد لا يكون عمليًا لجميع الفئات العمرية أو لكل احتياجات الأسر المختلفة، وقد يحد من الخصوصية في غرف النوم. كذلك، تصميم المنزل يعتمد بشكل كبير على معايير النسب الأوروبية وحجم المقطورة المخصص للنقل، ما قد يجعل تطبيقه محدودًا في سياقات جغرافية أو تنظيمية مختلفة. علاوة على ذلك، الأسلوب المكثف في استغلال كل شبر من المساحة يتطلب التزامًا صارمًا بالترتيب والتنظيم اليومي للحفاظ على راحة الاستخدام، وهو تحدٍ محتمل بالنسبة لبعض المستخدمين.
من منظور معماري، يمكن الاستفادة من هذا المشروع كنقطة انطلاق لدراسة حلول مبتكرة للبيوت الصغيرة، مع التركيز على عناصر مثل الإضاءة الطبيعية، التدفق المكاني، والربط بين المستويات المختلفة. ومع ذلك، من المهم موازنة الابتكار مع المرونة والخصوصية ومتطلبات المستخدمين المختلفة عند محاولة إعادة تطبيق هذه الأفكار في مشاريع أخرى.
ArchUp: التحليل التقني لمنزل “Into the Woods” الصغير
يقدم هذا المقال تحليلاً تقنياً لمنزل “Into the Woods” الصغير كدراسة حالة في التصميم المبتكر للمساحات السكنية المحدودة والعالية الكفاءة. ولتعزيز القيمة الأرشيفية، نود تقديم البيانات التقنية والتصميمية الرئيسية التالية:
يبلغ طول المنزل 6 أمتار (20 قدمًا) فقط، وهو مبني على مقطورة مزدوجة المحاور تسمح بنقله. يغطي الهيكل الخارجي ألواح خشب الأرز الأحمر، مع سقف معدني، مما يوفر متانة عالية في الظروف الجوية المختلفة. تبلغ المساحة الداخلية القابلة للاستخدام قرابة 15 مترًا مربعًا، مصممة لتلبية احتياجات ساكنين بشكل دائم.
يتميز التصميم الداخلي باستراتيجية تحقيق الاتساع عبر الضوء والفراغ. تشكل النوافذ الكبيرة ما يصل إلى 30% من إجمالي مساحة الجدران، مما يسمح بتغلغل الضوء الطبيعي ويزيد الإحساس البصري بالمساحة بنسبة تصل إلى 40% مقارنة بالتصاميم المغلقة. يعتمد التخطيط على مبدأ “المنطقة المفتوحة” حيث تندمج غرفة المعيشة والمطبخ ومساحة الطعام في فراغ واحد مستمر.
من حيث الابتكار الوظيفي، يحل شبكة حبلية معلقة محل الأرضية التقليدية في الطابق العلوي المخصص للنوم. تعمل هذه الشبكة على الحفاظ على التواصل البصري والضوئي بين الطابقين، مع توفير مساحة تخزين مرنة تحتها. يضم الطابق السفلي مطبخاً كاملاً مع خزائن مدمجة، وحماماً صغيراً مجهزاً بمرحاض سماد (كومبوست) لتقليل الاستهلاك المائي، وسلماً ثابتاً بدرجات عريضة تزيد عرضها عن 25 سم لتحقيق الأمان والراحة.
رابط ذو صلة: يرجى مراجعة هذا المقال لمقارنة مشاريع سكنية أخرى تركز على الكفاءة المكانية والاستدامة: كابينة 18 في فون: ملاذ خلفي يعيد تعريف العلاقة مع الأرض
https://archup.net/ar/العمارة-البيوفيلية-في-مشروع-فيرنال-تو/