تفاصيل بنية النسيج المحبوك باستخدام تقنية الحياكة الرقمية

عُرض تركيب Necto في بينالي فينيسيا للعمارة 2025، بوصفه تجربة مبتكرة في استكشاف حدود الشكل المعماري واستخدام المواد المستدامة. يعتمد المشروع على تقنية الألياف الطبيعية ثلاثية الأبعاد المحبوكة رقميًا، ليقدّم تصورًا جديدًا للهياكل المؤقتة خفيفة الوزن، القابلة لإعادة الاستخدام. ويأتي هذا العمل في وقت تتزايد فيه الحاجة إلى حلول معمارية تحترم البيئة وتُراعي الاستهلاك الدائري للموارد.


الموقع والتنفيذ الفني

يقع تركيب Necto في “الغرفة الثالثة” ضمن قسم “الذكاء الطبيعي” في معرض الأرسينالي التاريخي بمدينة فينيسيا، حيث يعرض في الفترة ما بين 10 مايو و23 نوفمبر 2025. وقد جاء ثمرة تعاون متعدد التخصصات بين مكتب SO–IL للهندسة المعمارية، والمهندسة الدكتورة ماريانا بوبيسكو، ومختبر التصميم البحثي TheGreenEyl، بالإضافة إلى مساهمات من جامعات مرموقة كـ TU Delft وETH Zurich والجامعة التقنية في ميونيخ.


النظام الإنشائي: خفة وهيكلة ذكية

يعتمد التصميم على تشكيل شبكة هندسية مصنوعة بالكامل من الألياف الطبيعية ثلاثية الأبعاد، والتي تم إنتاجها بواسطة تقنية الحياكة الرقمية. وقد صُمِّم النظام الهيكلي بحيث يعتمد على التوتر الداخلي لتحقيق التوازن، دون الحاجة إلى دعم خارجي تقليدي. يتكوّن التركيب من ثلاثة عناصر فراغية رئيسية:

العنصرالشكلالوظيفة
مخروطمدبب باتجاه الأرضيعزز الاستقرار البصري والهيكلي
عمود شبكيرأسي ورفيعيدعم الأحمال المعلقة
كتلة معلقةخفيفة وممتدةتضيف حركة داخلية وتباين بصري

ويمتاز التركيب بكونه معلقًا بين عوارض السقف، مثبتًا عند القاعدة بأعمدة الموقع التاريخية، ما يمنحه طابعًا طافيًا وفريدًا.


قابلية الفك وإعادة الاستخدام

إحدى أهم ركائز مشروع Necto تكمن في كونه قابلًا للتفكيك والنقل وإعادة التركيب دون الحاجة إلى معدات ثقيلة أو وسائل نقل ضخمة. إذ تم شحنه إلى موقع العرض داخل حاويات مدمجة، وبُني باستخدام وسائل خفيفة وصديقة للبيئة. ومن المخطط بعد انتهاء المعرض أن يُفكّك ويُعاد استخدامه في موقع آخر، دون أن يترك أثرًا ماديًا دائمًا في المكان.


معالجة المواد والتقنيات الحيوية

تمت معالجة الألياف الطبيعية ثلاثية الأبعاد المستخدمة في التركيب بواسطة مادة صلبة شفافة حيوية المصدر، وُضعت بشكل انتقائي على أجزاء محددة من النسيج. هذا التباين في الصلابة بين الأجزاء المختلفة من الهيكل يسمح بانتقال مرن بين الحالات الإنشائية: من المشدود واللين إلى الصلب والمستقر.

أبرز التقنيات المستخدمة:

التقنيةالوصفالأثر
طلاء حيوي شفافيعتمد على مواد عضويةيقلل الأثر البيئي
خيوط ضوئيةتتفاعل مع الإضاءة المحيطةتضيف بعدًا بصريًا متغيّرًا
ترميز DNA مدمجيُخزن بيانات مادية وإنشائيةيسمح بالتتبع والتحليل المستقبلي

ومن اللافت أن التركيب يحتوي على نظام تشفير بيولوجي يستخدم الحمض النووي لتخزين معلومات حول المواد وتاريخ استخدامها، ما يعزز قابلية التتبع ويُعد خطوة متقدمة نحو مواد ذكية قابلة للتقييم والتحليل المستقبلي.


تحليل معماري ومادي

يُقدّم مشروع Necto نموذجًا لافتًا للهندسة المؤقتة باستخدام الألياف الطبيعية ثلاثية الأبعاد، إذ يجمع بين الخفة والمتانة، والتقنية والحس الإبداعي. هذا النوع من التركيبات يفتح آفاقًا جديدة لتطبيق المواد المستدامة في مجالات متعددة، بما في ذلك:

  • المعارض المؤقتة
  • تصميم الأثاث المعياري
  • الحلول المعمارية القابلة للطي أو النقل
  • الإنشاءات في المواقع الحساسة بيئيًا

أهمية المشروع في سياق الاستدامة

تُعَدُّ تجربة Necto مثالًا واضحًا على التحول نحو مواد بناء قابلة للتحلل الحيوي، مع التركيز على استراتيجيات الاقتصاد الدائري وإعادة الاستخدام. كما يؤكد المشروع على أهمية الجمع بين الحرفية الرقمية والتقنيات الحيوية، لتوليد بيئات معمارية أقل استهلاكًا للطاقة والموارد، وأكثر توافقًا مع الطبيعة.


وفي الختام

في ضوء التحولات المناخية والضغوط البيئية المتزايدة، يظهر تركيب Necto كدعوة جريئة لإعادة التفكير في مفاهيم العمارة المعاصرة. من خلال استخدام الألياف الطبيعية ثلاثية الأبعاد، يعرض المشروع رؤية مستقبلية للهندسة المعمارية حيث تصبح المواد ذكية، قابلة للتعقب، وصديقة للكوكب. إن هذا النوع من المشاريع لا يمثل فقط تطورًا ماديًا، بل يُجسّد تحولًا في طريقة تفكيرنا في البناء.

ArchUp هي منصتك لمتابعة كل ما هو “معماري“: أخبار، تحليلات، وتصاميم من قلب الحركة المعمارية الحديثة.

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *