ترمينال 1 في غلاستونبري 2025 عمارة تحكي قصة الإنسانية

في قلب مهرجان غلاستونبري 2025، أحد أهم المواعيد الثقافية في العالم، ظهر مشروع مختلف. لم يكن مجرد فن أو ترفيه، بل كان دعوة للتفكير، وتجربة إنسانية حقيقية: ترمينال 1 .

لم يُنشأ هذا المشروع كمكان لإثارة الجدل فقط، بل ليكون صوتًا لقصص كثيرين لا يملكون منصة. هو تصميم معماري بامتياز، لكن ليس بالمعنى التقليدي. هنا، العمارة لم تكن فقط جدران وأسقف، بل كانت فكرة، رسالة، وتجربة.

كيف بدأ كل شيء؟

بدأ المشروع من سؤال بسيط: ماذا لو حوّلنا الفكرة عن الحدود إلى مكان يمكن العيش فيه؟ من هنا انطلقت المعمارية أوريانا غارزون، التي كانت حينها تخوض رحلة شخصية في تقديم طلب الإقامة في المملكة المتحدة. لم تكن هذه التجربة بعيدة عنها، بل كانت قريبة جدًا — قريبة بما يكفي لتتحول إلى تصميم حقيقي.

جنبًا إلى جنب مع فريق عمل متكامل ضم معماريين، فنانين، ومصممين، تم بناء ترمينال 1 كمساحة تفاعلية تحاكي رحلة المهاجرين عند محاولة دخول بريطانيا. لم تكن الفكرة أن نُظهر لهم شيئًا جديدًا، بل أن نعيشهم في تجربة يعرفها الكثيرون، لكن ربما لم يفهمها كثيرون أيضًا.

التصميم كوسيلة للحوار

تقع المساحة بجانب منحوتة كارهينج، وهي نسخة عملاقة من ستونهنج مصنوعة من مواد معدنية مستعادة، مما يضيف بعدًا رمزياً للمكان. وقد اختير اسم ترمينال 1من بوابة حقيقية في مطار هيثرو، وهو اختيار لم يكن عشوائيًا، بل كان دعوة للتفكير في مفاهيم الهجرة والحدود والانتماء.

اللافتات، الجدران، وحتى الأقمشة المستخدمة داخل المكان، كلها كانت متعمدة. علم كل دولة حول العالم أُعيد تصميمه باستخدام أقمشة تقليدية أفريقية، في رسالة واضحة: لا يوجد شعب أفضل من آخر، والاختلاف هو ما يجعلنا أجمل.

ثلاث مراحل ثلاث رسائل

التجربة الرئيسية في ترمينال 1 هي مسار تفاعلي يتضمن ثلاث مراحل:

كل مرحلة كانت مصممة بدقة تجعل الزائر يشعر بأن الأرض تهتز تحت قدميه. لم تكن مجرد بناء، بل كانت قصة تُحكى، خطوة بخطوة، بمساعدة تصاميم بصريّة وصوتيّة مبتكرة.

الجانب الإنساني الذي لا يُنسى

لم يقف المشروع عند حدود التصميم، بل امتد ليشمل برامج تساهم بشكل مباشر في تحسين حياة الآخرين. من ضمنها:

• مطبعة لا لينترنا : مطبعة كولومبية تاريخية تعود إلى عام 1860، تقوم بطباعة تصميمات مباشرة على الملابس أثناء المهرجان.
• فرص تدريبية مجتمعية : تم توفير 10 فرص لشباب من إفريقيا وباكستان وغيرها، بهدف تعليمهم أساسيات إدارة الفعاليات والإنتاج الثقافي.
• البار المجتمعي : تم تشغيله بواسطة اتحاد النظافة والعاملين، مما أعطى فرصة عمل فعلية لعدد من العمالة المحلية والدولية.

هذه الجهود جعلت من ترمينال 1 أكثر من مجرد تجربة فنية، بل جعلته مشروعًا اجتماعيًا وثقافيًا له تأثير حقيقي.

العمارة ليست فقط بناء إنها رسالة

قالت غارزون في إحدى مقابلاتها:

المهرجانات ليست فقط فرصة للهروب، بل هي فرص لفتح آفاق جديدة.
وهذه الجملة تلخص تمامًا روح ترمينال 1. لم يكن الهدف إحداث صدمة، بل إثارة فضول. وليس فقط إظهار المعاناة، بل دعوة الناس للتفكير فيها، والتفاعل معها.

المهندسون المعماريون هنا لم يكونوا فقط من يرسم الخطوط، بل كانوا شركاء في بناء فكرة، وصنع تغيير. العمارة هنا لم تكن فقط مكانًا، بل كانت حديثًا.

الخلاصة

في عالم يشهد فيه موضوع الهجرة نقاشات يومية، فإن ترمينال 1 قدّم نموذجًا مختلفًا لما يمكن أن تكون عليه العمارة: وسيلة للتواصل، وفضاء للتفكير، ومساحة للتفاعل.

إذا كنت في غلاستونبري، ولا تمر عبر ترمينال 1، فقد تفوت عليك واحدة من أكثر التجارب الإنسانية والمعمارية تأثيرًا في المهرجان.

✦ رؤية تحرير موقع ArchUp

يُقدّم المقال مشروع ترمينال 1 في مهرجان غلاستونبري 2025 كتجربة معمارية تفاعلية تحاكي رحلة المهاجرين بأسلوب درامي ومؤثر. الصور تعكس استخدامًا مقصودًا للمواد الخام والألوان الرمزية التي تعبّر عن المعاناة والصمود. ومع ذلك، يركّز النص أكثر على السرد الشعري منه على التحليل المكاني أو القيمة العمرانية، مما يحد من عمقه التحريري. رغم ذلك، فإن دمج الهوية الثقافية مع برامج تطوير مجتمعي يضيف بعدًا إنسانيًا فريدًا، ويُعدّ مثالًا مميزًا لاستراتيجيات التصميم التفاعلي في المساحات المؤقتة.

ArchUp: توثيق حيّ للمشهد المعماري العربي والعالمي

منذ انطلاقها، تسعى منصة ArchUp إلى بناء أرشيف معرفي مفتوح يغطي كل ما يتعلق بـ العمارة والتصميم والعمران في الوطن العربي والعالم. نعمل على تقديم محتوى حيادي وموسوعي يُكتب بلغة مهنية موجهة لكل معماري، باحث، طالب، أو صانع قرار.

يدير المحتوى فريق تحريري متخصص يحرص على مراجعة وتحديث الأخبار، المقالات، والبيانات التصميمية بشكل يومي. ندعوكم للتواصل معنا عبر صفحة اتصل بنا للمساهمة، الاقتراح، أو التعاون في توسيع شبكة المعرفة المعمارية التي نبنيها سويًا.