“نايا”: عندما تتحوّل الحلوى إلى لغة ثقافية في قلب لندن
تقاطع بين التراث والحداثة: مقدمة عن “نايا”
في أحد شوارع مايفير الراقية بلندن، وتحديدًا في شارع نورث أودلي، ظهر مؤخرًا مشروع يثير الانتباه. ليس فقط بسبب منتجاته، بل لطبيعته الثقافية والهوياتية. المشروع هو “نايا” – متجر حلويات يبدو ظاهريًا كأي وجهة فاخرة لتناول الحلوى. لكنه في جوهره يمثل امتدادًا لتاريخ عائلي طويل. يعد تصميم داخلي لمحل حلويات تركي في لندن جزءًا من هذه الجذور العريقة.
الجذور العائلية: من إسطنبول إلى لندن
يرجع تأسيس “نايا” إلى الأخوين جان وجينغيزهان أويان، المنحدرين من عائلة تركية لها باع طويل في صناعة الشوكولاتة. هذا بفضل علامة “بيليت” الشهيرة، التي بدأت مسيرتها منذ عام 1957. هذا الامتداد الزمني يعكس رغبة في الحفاظ على تراث فني ومهني. إضافة إلى نقل هذا التراث إلى سياق معاصر دون أن يفقد هويته. هذا الإنتقال إلى تصميم داخلي لمحل حلويات تركي في لندن يمثل جزءًا من فلسفة التجدد والحفاظ على الهوية.
دلالة الاسم: بين اللغة والهوية
اختيار اسم “نايا” لم يكن عشوائيًا. الكلمة تعني “جديد” أو “طازج” في اللغة السنسكريتية. وهذا يعكس توجهًا نحو التجديد، ولكن الملفت أيضًا أن الاسم هو عكس لقب العائلة “أويان” عند قراءته من الخلف. هذا الربط بين الحاضر والماضي بأسلوب رمزي ذكي يظهر في تصميم داخلي لمحل حلويات تركي في لندن والذي يعكس الهوية المركّبة.
الحلويات كوسيط بصري وثقافي
يتجاوز “نايا” كونه متجرًا لبيع الحلويات. بل يمكن النظر إليه كصالة عرض فنية مصغرة. الحلويات المقدَّمة ليست مجرد نكهات، بل أعمال دقيقة تجمع بين التقنيات الحرفية والذوق الجمالي. لذلك، يتم تقديم تجربة بصرية وذوقية في آن واحد. من هذا المنظور، يصبح “نايا” نموذجًا لفهم كيف يمكن للمطبخ أن يكون وسيلة للتعبير الثقافي. هذا يعزز مفهوم تصميم داخلي لمحل حلويات تركي في لندن الذي يخلط بين الفن والثقافة.
التجربة بين الماضي والحاضر: منظور المؤسسين
من خلال كلمات جان أويان، نكتشف أن مشروع “نايا” لم يكن مجرد خطوة تجارية. بل هو استجابة لما وصفه بـ”النداء الداخلي”. هذه العبارة تكشف عن دافع عميق مرتبط بالهوية والانتماء. جان وأخوه يرون أن تأسيس المتجر في لندن استمرار لتاريخ عائلي طويل في صناعة الشوكولاتة. هذا التاريخ بدأ منذ عام 1957. الرغبة كانت تقديم تجربة تُبرز الجذور والتقاليد، لكنها تتفاعل أيضًا مع روح العصر.
ما وراء المخبز: إعادة تعريف المكان
“نايا” لا يكتفي بدور المخبز التقليدي. بل يتبنى مفهومًا أوسع يدمج بين تقديم الطعام والتجربة المكانية. فهو يوفّر إمكانية الجلوس وتناول المشروبات، ما يجعله أقرب إلى مساحة اجتماعية وثقافية. هذا التوجه يعكس وعيًا بالتحولات في سلوك الزبائن. حيث لم تعد جودة المنتج وحدها كافية، بل باتت التجربة الكاملة جزءًا من القيمة المقدمة.
التصميم كأداة سرد بصري
التعاون مع المصممتين البريطانيتين إنديا هيكس وآنا جولاندريس كان خطوة مدروسة لضمان أن التصميم الداخلي يعكس الهوية المركّبة للمكان. الجمع بين الإحساس المحلي وروح التراث العائلي أوجد بيئة تستوعب التنوع في المنتجات والوظائف. إضافة لذلك، يعزز هذا الطابع الفريد للمكان. التصميم هنا لا يخدم الجماليات فقط، بل يعمل كوسيط ينقل قصة المشروع للزوار من خلال التفاصيل البصرية والملمس واللون. لهذا، فإن تصميم داخلي لمحل حلويات تركي في لندن يشكل جزءًا من هذه الرؤية الثقافية.
تفاصيل المكان: تصميم يخاطب الحواس
من اللحظة الأولى لدخول الزائر إلى “نايا”، تبدأ تجربة متعددة الحواس. الطاولات المفتوحة التي تُجهَّز عليها المخبوزات تشكّل نوعًا من الشفافية والحميمية. إذ يمكن للزوار مشاهدة جزء من عملية التحضير، مما يعزز شعور الثقة والانخراط.
جداريات مرسومة وحضور فني خفي
الجدران لا تُترَك للفراغ، بل تحوّلت إلى لوحات فنية حيّة. تتم من خلال مشاهد مرسومة يدويًا بعناية على يد شركة التصميم “دي غورني”. هذا الخيار الفني لا يُضيف بعدًا بصريًا فحسب، بل يؤسس لارتباط ثقافي بالمكان. كل زاوية تصبح مشهدًا بصريًا متجددًا.
إحساس منزلي بلمسات مدروسة
أما منطقة الجلوس، فقد صُممت لتُشبه غرفة معيشة منزلية. هذا يُضفي دفئًا وراحةً بعيدين عن النمط الرسمي أو التجاري المعتاد. استخدام الألوان الدافئة والأقمشة الناعمة يعزّز الإحساس. فيما تضيف نقوش الفهد لمسة من الجرأة والرقي معًا. وهكذا، يتحقق توازن بين البساطة والتفرد.
الطبيعة كعنصر مركزي
العنصر الأبرز في التصميم هو الشجرة الكبيرة الممتدة وسط المكان. هذه الشجرة لا تُقدَّم كعنصر ديكوري فحسب، بل كمحور مكاني يربط العناصر الأخرى ويمنح المساحة طابعًا عضويًا وطبيعيًا. هي بمثابة استعارة للامتداد والنمو، تعكس هوية “نايا” كمشروع متجذر لكنه يواصل التفتح.
نكهات تحمل ذاكرة: بين الحلو والمالح
تعكس قائمة “نايا” التقاء الماضي بالحاضر من خلال وصفات تقليدية توارثتها عائلة أويان. كل طبق يحمل في طياته طابعًا شخصيًا وعائليًا. من بين هذه الأصناف، يبرز بودنغ الماغنوليا، الذي يتجاوز كونه حلوى ليصبح تجربة حسية مرتبطة بالحنين والدفء. كأنّه استدعاء لطفولة أو لحظة أُلفة قديمة.
خيارات توازن بين الذوق والشبع
ورغم التركيز على الحلويات، لم يغفل “نايا” تقديم وجبات مالحة تلبّي رغبة الزوار الباحثين عن شيء أكثر إشباعًا. لفائف الكركند وسندويشات البريزاولا نماذج مدروسة لأطعمة تجمع بين الجودة والابتكار. تفتح هذه الأطعمة أمام الزائر خيارات متوازنة بين المذاق الفاخر والاحتياج الغذائي.
مشروبات تتناغم مع روح المكان
تكمّل قائمة المشروبات هذا التنوع عبر عرض مجموعة واسعة من القهوة والماتشا وأنواع الشاي المختلفة. أما لمحبي التجارب الراقية، فتُقدَّم أيضًا الشمبانيا والنبيذ من مناطق مختارة في فرنسا وإيطاليا. مما يضفي على المكان أجواءً احتفالية، حتى من دون مناسبة. هذه اللمسة توحي بأن الاستمتاع بالحياة اليومية قد يكون كافيًا بحد ذاته لتذوّق الفخامة.