تصميم حرم جامعة ويست ليك يعيد صياغة العلاقة بين التعليم والفضاء العمراني
نبذة عن الجامعة
تأسست جامعة ويست ليك عام 2018 كجامعة بحثية حديثة تُركز على العلوم الأساسية والابتكار التقني المتقدم في الصين. تقع غرب مدينة هانغتشو، وهو موقع يمنحها اتصالًا مباشرًا بالمشهد العلمي المتنامي في المنطقة.
بنية الحرم الجامعي
يضم الحرم مجموعة متنوعة من المرافق المتكاملة، تشمل:
- مبانٍ أكاديمية متخصصة
- مختبرات بحثية
- مكاتب إدارية
- منشآت رياضية وثقافية
- مقاصف ومرافق خدمات
- مساكن للطلاب وأعضاء الهيئة الأكاديمية
وبذلك يتشكل محيط جامعي يدعم الحياة اليومية والدراسة والبحث في آن واحد.
فلسفة التصميم
يرتكز تصميم الحرم على رؤية تخطيطية شمولية، تنتقل تدريجيًا من الإطار الحضري العام إلى التفاصيل المعمارية الدقيقة لكل مبنى.
ومن أجل تحقيق هذا التوازن، تم التعامل مع الموقع كمجموعة من الحلقات المتداخلة التي تنظّم العلاقة بين الفضاءات المختلفة ماديًا ومفهوميًا، وتشمل:
1) النواة الأكاديمية
وهي مركز الأنشطة العلمية والتعليمية، حيث تتركز الكليات والمعامل الأساسية.
2) حلقة المياه
تشكل حدودًا طبيعية هادئة، وتوفر انسيابًا بصريًا يساعد على توجيه الحركة داخل الحرم.
3) حلقة المعيشة
وتضم مباني السكن والخدمات اليومية، بما يخلق بيئة اجتماعية متوازنة حول المركز التعليمي.
الكليات والتوزيع المكاني
تتكوّن الجامعة من أربع كليات رئيسية:
- كلية العلوم
- كلية الهندسة
- كلية علوم الحياة
- كلية الطب
وقد خُصّص لكل كلية مبنى مستقل، وذلك بهدف دعم استقلاليتها الأكاديمية والتنظيمية، وفي الوقت نفسه الحفاظ على قربها من باقي المرافق البحثية.
الخصائص المعمارية للمباني الأكاديمية
تقوم مباني الكليات على تصميم معياري يعتمد شكل القضبان الطولية.
ورغم اشتراكها في هيكل خرساني مسبق الصنع ذي حضور واضح ووظيفة إنشائية عملية، إلا أن كل مبنى يحتفظ بملامح بصرية خاصة، مثل:
- اختلاف الألوان
- تنوع الأنماط السطحية
- تفاصيل واجهات مميزة
وهذا يُضفي طابعًا فرديًا لكل كلية، مع بقاء الهوية العامة موحدة.
الجسور كعناصر ربط
ولتعزيز الترابط، جاءت الجسور كحل معماري وظيفي. فهي:
- تربط بين هذه المباني الطولية
- تشكّل مساحات أفنية داخلية متعددة
- تُسهِّل الحركة اليومية بين الكليات
الاندماج مع الحلقة الأكاديمية
من ناحية أخرى، تتداخل هذه المباني مع الحلقة الأكاديمية الدائرية، بما يدعم التواصل بين التخصصات ويُشجّع التفاعل بين الباحثين والطلاب عبر مستوى أوسع.
المساحات المشتركة ووظائفها
تظهر المساحات المشتركة عند نقاط التقاء الحلقة الأكاديمية مع مباني الكليات، مما يجعلها مناطق تجمع طبيعية ومفتوحة للتفاعل اليومي بين الطلاب والباحثين.
الطابق الأرضي: بيئة تعليمية تطبيقية
في هذا المستوى، توجد مختبرات مخصّصة لاستخدام مشترك بين مختلف التخصصات.
هذه المختبرات تُهيّئ بيئة تشاركية، وتسمح بدمج الخبرات العلمية عبر مجالات متعددة.
الطوابق العليا: قاعات وأنشطة معرفية
أما في المستويات الأعلى، فتبرز مجموعة من المساحات الداعمة للعمل الأكاديمي، وتشمل:
- قاعات محاضرات
- غرف ندوات
- غرف اجتماعات مهيأة للنقاش والتخطيط
مناطق مرنة للأنشطة اليومية
وبالإضافة إلى ذلك، تم إدراج مساحات ذات طابع اجتماعي وغير رسمي، مثل:
- المقاهي
- قاعات العرض
- مساحات مفتوحة متعددة الاستخدام
هذه العناصر تُسهم في خلق تجربة جامعية متوازنة تجمع بين الدراسة، والبحث، والتفاعل الاجتماعي اليومي.
الحلقة الأكاديمية: مركز النشاط الجامعي
تُمثّل الحلقة الأكاديمية القلب الفكري والاجتماعي للجامعة. فهي مساحة ديناميكية بارتفاع ثلاثي، تسمح برؤية بانورامية عبر المباني المحيطة وتربطها ببعضها بشكل متواصل.
وظائف الحلقة ومكوناتها
يجمع الشكل الدائري للحلقة مجموعة من المساحات المشتركة المخصصة للنشاط الأكاديمي، مثل:
- قاعات الاجتماعات
- غرف الندوات
- المختبرات المشتركة
ومن خلال تصميمها المفتوح، تسهّل الحركة اليومية بين الكليات وتُعزز التواصل بين التخصصات.
دلالة التصميم المفتوح
تجدر الإشارة إلى أن القوس الدائري للحلقة لم يُغلق بالكامل.
هذا الخيار المعماري جاء للإشارة إلى:
- الانفتاح على التغيير
- إمكانية التطوير المستقبلي
- توسيع الحرم عند الحاجة
المنتزه المركزي كمساحة تأمل وتواصل
وفي قلب الحلقة يقع المنتزه المركزي، وهو حديقة خضراء هادئة تُستخدم للاسترخاء والتأمل، وتوفر مساحة مفتوحة للتفاعل الاجتماعي بين أفراد الجامعة.
قاعة المؤتمرات
وفي مركز الحديقة تقف قاعة المؤتمرات، وهي منشأة متعددة الاستخدامات، حيث:
- تُقام حفلات التخرج والفعاليات الجامعية الرسمية
- تستضيف فعاليات ثقافية بانتظام
- تتحول أحيانًا إلى مساحة للحفلات الموسيقية والعروض
الممر المائي ودوره في تشكيل الفضاء
يحيط بالحرم الجامعي ممر مائي هادئ يشكّل حدودًا طبيعية ويمنح المكان طابعًا بصريًا مميزًا. ومن هذا الإطار الخارجي، تمتد اثنا عشر جسرًا تتفرع من المركز باتجاه المناطق المحيطة، بما يشبه أشعة العجلة.
حلقة المعيشة والخدمات
تقود هذه الجسور نحو حلقة المعيشة الخضراء، حيث تقع المباني السكنية الخاصة بالطلاب وأعضاء هيئة التدريس.
وتلتف حول هذه الحلقة مناطق خدمات يومية تشمل:
- متاجر
- مقاصف
- مرافق رياضية
مما يجعلها مركزًا حيويًا للحياة الاجتماعية.
من المركز إلى الأطراف
جاء التخطيط المعماري للحرم منطلقًا من مركز واضح يعمل كحاضنة رئيسية للأنشطة الأكاديمية.
ولكن التصميم لا يهدف إلى اختصار المسافات فحسب، بل يسعى إلى:
- توجيه الحركة عبر طبقات متعددة
- منح كل حلقة هوية ووظيفة مختلفة
- توفير تجارب مكانية متنوعة
تشجيع التفاعل والإلهام
ومن خلال هذا التنظيم، يتولد نوع من الحراك الاجتماعي والمعرفي اليومي.
فالانتقال عبر الحلقات يفتح المجال أمام:
- لقاءات غير مخطط لها
- تبادل أفكار سريع
- تنوع الأنشطة والتجارب
ما يجعل الفضاء الجامعي محفّزًا لظهور أفكار جديدة وأساليب مختلفة في التفكير.
دمج الطبيعة والثقافة في الحرم الجامعي
يسعى تصميم الحرم الجامعي إلى المزج بين الإلهام المستمد من الطبيعة والثقافة، ما يخلق بيئة تعليمية واجتماعية متكاملة. فالمساحات المفتوحة والمنتزهات، جنبًا إلى جنب مع المرافق الأكاديمية، تتيح تجربة متوازنة للطلاب والباحثين.
دور قاعة المؤتمرات في الحياة الثقافية
تُعتبر قاعة المؤتمرات عنصرًا محوريًا في الحرم، حيث تستضيف:
- المحاضرات الأكاديمية
- الفعاليات الثقافية، بما في ذلك الحفلات الموسيقية
ومن خلال هذه الأنشطة، تُعزز القاعة التفاعل بين المجتمع الأكاديمي والمحيط الخارجي، مما يساهم في طمس الحدود بين الحياة التعليمية والاجتماعية، ويجعل الحرم مكانًا نابضًا بالحياة الفكرية والثقافية في الوقت ذاته.
✦ تحليل ArchUp التحريري
يمكن النظر إلى تصميم حرم جامعة ويست ليك على أنه محاولة لتنظيم الفضاء الجامعي عبر حلقات مكانية متشابكة تجمع بين التعليم، البحث، والسكن، ما يوفر بعض المزايا الواضحة. على سبيل المثال، تسهيل التواصل بين التخصصات المختلفة عبر الحلقة الأكاديمية والجسور يخلق فرصًا للتفاعل غير الرسمي، كما تمنح المساحات المفتوحة والطابع المتدرج من المركز إلى الأطراف مرونة في الاستخدام اليومي لكل من الطلاب وأعضاء الهيئة الأكاديمية.
من جهة أخرى، هناك عدد من التحفظات التي قد تُأخذ بعين الاعتبار عند دراسة المشروع من منظور معماري أوسع:
- تصميم الحلقات المفتوحة قد يؤدي أحيانًا إلى تشتيت الحركة أو ضعف التوجيه البصري داخل الحرم، خصوصًا لزوار جدد.
- الهيكل الخرساني المسبق الصب الموحد للمباني قد يحد من تنوع المواد والتعبير المعماري، مما يقلل من إحساس التميز الفردي لكل كلية.
- المساحات المفتوحة المشتركة، رغم فعاليتها الاجتماعية، قد تحتاج إلى إدارة دقيقة للوظائف المختلفة لتجنب التعارض بين النشاط الأكاديمي والنشاط الاجتماعي.
رغم هذه التحفظات، يمكن أن يشكل الحرم مرجعًا للدراسة في تخطيط الحرم الجامعي الحديث، حيث يوفر نموذجًا لكيفية دمج عناصر السكن، التعليم، والبحث ضمن إطار موحد، مع إمكانية تحسينه مستقبلًا عبر تعديلات على الحركة، تنويع المواد، وإدارة الوظائف المتعددة للمساحات المفتوحة.
قُدم لكم بكل حب وإخلاص من فريق ArchUp
لا تفوّت فرصة استكشاف المزيد من أخبار معمارية في مجالات مشاريع معمارية، وأبحاث معمارية، عبر موقع ArchUp.