صورة الواجهة ثلاثية الأبعاد لمجمع سكني في مدينة رْهون، تظهر تركيب Wall Reef المصنوع من مواد بناء مستدامة قابلة للتحلل، والمستوحى من الشعب المرجانية.

في مايو 2025، برز في هولندا مشروع “Wall Reef” كواحد من أبرز حلول البناء المستدامة، حيث تم تثبيته على واجهة مجمع سكني في مدينة “رْهون” جنوب روتردام.
تعتمد هذه الواجهة ثلاثية الأبعاد، المستوحاة من الشعب المرجانية، على مواد وتقنيات تندرج ضمن حلول بناء مستدامة متطورة، تهدف إلى معالجة تحديات المناخ والبيئة الحضرية بشكل فعّال. يعد هذا المشروع من أمثلة حلول بناء مستدامة تبشر بمستقبل واعد.
يمثل Wall Reef نموذجًا فريدًا من حلول البناء المستدامة التي تجمع بين الجانب الجمالي والوظيفي في آنٍ واحد، مما يجعلها خيارًا متقدمًا في مشاريع الإسكان لكبار السن.


موقع المشروع ومكوناته الأساسية

للتوضيح، يقع المشروع ضمن مجمع Tweespan وVierspan السكني، ويخدم السكان عبر تصميم تفاعلي مبتكر يربط بين التكنولوجيا والطبيعة، ويمثل أحد حلول بناء مستدامة.
فيما يلي بعض البيانات التقنية للمشروع:

  • الموقع: Rhoon، جنوب روتردام، هولندا
  • نوع الاستخدام: سكني – تجديد واجهة ضمن مبنى قائم
  • المطور/المالك: Woonzorg Nederland
  • المنفذ التقني: Urban Reef
  • المادة الأساسية: سيراميك مطبوع بتقنية ثلاثية الأبعاد
  • المرحلة الحالية: تجربة فعلية قيد المتابعة منذ ديسمبر 2024 وحتى نهاية 2025

من خلال هذه البيانات، يتضح أن المشروع يركز على الدمج الفعلي للتكنولوجيا ضمن الأبنية القائمة، وليس فقط على مستوى النماذج أو التصورات.


ما الذي يجعل Wall Reef مختلفًا؟

بعيدًا عن المفاهيم التقليدية لتجميل الواجهات، يعمل Wall Reef كواجهة ذكية بيئيًا، تُعيد تعريف وظيفة الجدار الخارجي.
إذ تم تصميمه ليؤدي دورًا بيئيًا نشطًا، باستخدام مواد بناء قابلة للتحلل، من خلال:

  • تجميع مياه الأمطار وتخزينها داخل هيكل السيراميك
  • إطلاق الرطوبة تدريجيًا مما يؤدي إلى خفض درجة حرارة الجدار والهواء المحيط
  • دعم الحياة الدقيقة من خلال تجاويف تسمح بنمو الطحالب والموس والخنافس وحتى أعشاش بعض الطيور

بمعنى آخر، تتحول الواجهة من سطح جامد إلى نظام بيئي صغير، ينبض بالحياة.


نظام بيئي على الجدار: كيف يعمل؟

لفهم آلية عمل Wall Reef بشكل أوضح، نُدرج الجدول التالي الذي يشرح العلاقة بين الوظائف والنتائج البيئية:

الوظيفة البيئيةالآلية المستخدمة
تجميع مياه الأمطارفصل أنبوب صرف وتوجيه الماء إلى داخل الواجهة
التبريد الطبيعيالتبخر البطيء من السيراميك يُخفض حرارة الهواء
دعم التنوع البيولوجيتجاويف دقيقة توفر موائل صغيرة للكائنات الحية

تُظهر هذه الآلية أن التصميم لا يقتصر على “إضافة خضراء”، بل يعمل كجهاز بيئي مُدمج في البناء.


الرابط بين الشكل والوظيفة

ما يميز Wall Reef فعليًا هو الاندماج بين الشكل العضوي والوظيفة البيئية باستخدام مواد بناء قابلة للتحلل. فالشكل المستوحى من الشعب المرجانية لم يُستخدم لمجرد الجمال، بل لخلق مناطق دقيقة ذات خصائص مناخية متفاوتة (رطبة – جافة، باردة – دافئة)، مما يسمح بتنوع حيوي طبيعي في أقل المساحات.

علاوة على ذلك، يعكس التصميم مفهوم المحاكاة الحيوية (Biomimicry)، حيث يتم تعلم الدروس من الطبيعة وتطبيقها على النطاق المعماري، باستخدام حلول بناء مستدامة، ما يمنح المبنى بعدًا حسيًا وعلميًا في آنٍ واحد.


المواد والتقنيات المستخدمة

ورغم أن مادة السيراميك ليست عضوية بطبيعتها، إلا أن استخدامها جاء لعدة أسباب مدروسة:

  • التحمل العالي والتكلفة المنخفضة للصيانة
  • القدرة على الاحتفاظ بالماء والتبخر البطيء
  • مرونة في التصنيع باستخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد
  • شكل خشن وجاذب للنمو النباتي المجهري

هذه المواصفات، وإن لم تندرج تحت “المواد القابلة للتحلل” بالكامل، تضع المشروع ضمن سياق التوجه العالمي نحو biodegradable building materials من حيث الأثر، وليس التركيب وحده.


فرصة جديدة للمعماريين ومطوري المدن

يمثل Wall Reef فرصة لفهم الواجهات على أنها أكثر من مجرد “جلد خارجي”.
فهو يقترح طريقة جديدة لتصميم المباني بحيث تشارك في:

  • تقليل درجات الحرارة في المدن
  • تحسين إدارة مياه الأمطار
  • دعم الأنظمة البيئية الصغيرة داخل البيئة الحضرية

ومن هنا، تظهر الحاجة لإعادة التفكير في تصميم المدن ليس فقط من منظور الراحة أو الجمال، بل من منظور المسؤولية البيئية مع أنظمة حلول بناء مستدامة.


متابعة الأداء وتجربة المستخدم

ومن الجدير بالذكر أن فريق المشروع يقوم حاليًا بمراقبة دقيقة لقياس:

  • نسبة انخفاض درجات الحرارة حول الواجهة
  • معدل تبخر المياه وفعاليته في التبريد
  • أنواع الكائنات الحية التي تستوطن الواجهة بمرور الوقت
  • آراء السكان حول التغيير وملاحظاتهم اليومية

وبناءً على هذه البيانات، سيتم تقييم جدوى تعميم الفكرة على نطاق أوسع في المدن الأوروبية والعالمية.


وفي الختام

في عالم يزداد فيه زحف الخرسانة وتقل فيه المساحات الخضراء، يمثل Wall Reef مثالًا حيًا على أن العمارة يمكنها أن تتنفس مجددًا. من خلال استخدام حلول بناء مستدامة تعتمد على مواد قابلة للتحلل، يقدم المشروع حلولًا بيئية مستدامة ومُلهمة باستخدام حلول بناء مستدامة.
هو ليس منتجًا صناعيًا وحسب، بل كائن حي صغير يعيش على واجهة مبنى، يشارك البيئة همومها، ويساهم في التخفيف من آثارها.

إنه مشروع لا يكتفي بالإجابة عن تحديات المدن الحديثة، بل يطرح سؤالًا أعمق:
هل يمكن للمباني أن تصبح جزءًا من الطبيعة بدل أن تكون عبئًا عليها؟
Wall Reef يُثبت أن الجواب ممكن… ومُلهم.

ArchUp هي منصتك لمتابعة كل ما هو “معماري“: أخبار، تحليلات، وتصاميم من قلب الحركة المعمارية الحديثة.

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *