ذا لاين نيوم بين الشائعات والحقائق المعمارية هل يتوقف المشروع؟
اندلاع التوتر الإعلامي العالمي
اندلعت موجة من التوتر الإعلامي العالمي يوم 5 نوفمبر 2025 حول مشروع ذا لاين نيوم، إثر تقرير لصحيفة فايننشال تايمز، زعمت فيه تعثر المشروع الطموح وتراجعه عن وعوده الأصلية. السردية المتداولة من وكالات منافسة ومنصات معارضة تشير إلى أن الطموح المعماري للمشروع اصطدم بـ قوانين الفيزياء وحدود الموارد. وفقاً لهذه التقارير، وبعد إنفاق ما لا يقل عن 50 مليار دولار، شهد المشروع انكماشاً حاداً، حيث تقلصت المرحلة الأولى من 20 وحدة إلى 3 فقط.
كما ركزت الحملة الإعلامية على نقاط حساسة مثل ارتفاع التكلفة المقدرة إلى 4.5 تريليون دولار، والتحذيرات الهندسية المبكرة حول استحالة منع تأرجح المبنى العمودي على هذا الارتفاع، إضافة إلى المخاوف البيئية بشأن تهديد مسارات هجرة الطيور. هذه السردية سيطرت على العناوين العالمية، مما أبرز الحاجة لمراجعة دقيقة لهذه الادعاءات.
لا يزال الحلم يُبنى، حتى لو كان أول كيلومتر فقط.
التحقيق الاستقصائي: ذا لاين بين الشائعات والحقائق المعمارية
خلال الـ 24 ساعة الماضية، انتشرت موجة غير مسبوقة من التكهنات والأخبار عبر وسائل الإعلام العالمية ومنصات التواصل الاجتماعي. تشير هذه الأخبار إلى احتمال توقف أو تعثر وشيك لمشروع ذا لاين. بينما استغلت الأصوات المعارضة ووسائل الإعلام المنافسة هذا التوتر لإطلاق حملات قوية على منصة إكس، أصبح من الضروري إجراء مراجعة استقصائية هادئة لفصل التكهنات عن الوقائع.
سياق الشائعات والأسباب المعلنة للتعثر
تتركز الأخبار المتداولة حول فشل المشروع على عدة نقاط رئيسية:
- التكاليف القياسية: الإشارة إلى تكلفة المشروع التي تتجاوز 500 مليار دولار وربطها بالاضطرابات الاقتصادية العالمية وارتفاع أسعار المواد الأولية.
- التحديات الهندسية والفيزيائية: التشكيك في إمكانية تحقيق مفهوم عمودي بطول 170 كيلومتراً، واعتباره غير قابل للتطبيق.
- الحملة الإعلامية الخارجية: استخدام هذه الأخبار ضمن حملة منظمة من منافسين أو معارضين لتشويه الرؤية الكبرى للمملكة.
المراحل الأولى ليست خطة بل هي هندسة دقيقة.
تحليل ذا لاين: الخطة السرية وحقيقة البناء (1 كيلومتر)
عند مراجعة مسار المشروع منذ إطلاقه، تظهر وقائع لا يمكن تجاهلها:
أولاً: حقيقة الـ 170 كيلومتراً
من البداية، كانت الخطة الاستراتيجية الداخلية بين الاستشاريين والمعماريين تقضي بأن المرحلة الفعلية الأولى للبناء لن تتجاوز 1 كيلومتر. بينما يمثل الـ 170 كيلومتراً رؤية طويلة الأمد تمتد لعقود. استغلت وسائل الإعلام هذا الفارق بين الحجم المعلن والمرحلة الفعلية كنقطة ضعف. ومع ذلك، هذه المنهجية شائعة في المشاريع الحضرية العملاقة.
ثانياً: التوقيت والإشارات الجيولوجية
أظهرت المتابعة الدقيقة أن الأنباء عن التباطؤ كانت مسبوقة بإشارات غير مباشرة، خصوصاً في سبتمبر. هذه الإشارات تتعلق باكتشافات جيولوجية أو تراثية على طول مسار المشروع.
في العاشر من شهر سبتمبر 2025، وأثناء خطاب ألقاه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان أمام أعضاء مجلس الشوري، قال إن المملكة تعيد النظر في مشاريعها والجدوى الاقتصادية من المشاريع المناسبة وغير المناسبة والتي قد تشكل تشوه للاقتصاد.
قد تم استخدام هذه الاكتشافات كتمهيد تكتيكي لإعادة جدولة أو تعديل المسار، مع إعطاء الأولوية للحفاظ على التراث ومعالجة تعقيدات الموقع، بدلاً من إيقاف المشروع بالكامل.
ثالثاً: الضغط الاقتصادي
لا يمكن إنكار أن ارتفاع التكاليف العالمية يفرض ضغطاً هائلاً على مشروع بهذا الحجم.
مع ذلك، هذه الأزمة ليست فريدة بالنسبة لـ نيوم، بل تمثل تحدياً عالمياً.
لذلك، التأخيرات أمر متوقع وليست دليلاً على فشل التصميم.
الخط ليس مبنى هو نظام بيئي عمودي.
الجانب السلبي: إخفاق الذراع الإعلامية لنيوم
تبرز نقطة ضعف استراتيجية في إدارة الأزمة:
- ثقافة التكتيم: اعتمدت نيوم بشكل كبير على السرية وتوقيع اتفاقيات سرية مع المعماريين والاستشاريين. رغم أن الهدف كان حماية الملكية الفكرية، إلا أن هذا الإجراء منع وجود أصوات قوية للدفاع عن المشروع. المعماريون والاستشاريون العالميون هم الأكثر قدرة على الدفاع عن الرؤية المعمارية ومعالجة الشكوك حول قابليتها للتطبيق.
- غياب الشفافية: ترك غياب التوضيحات المفصلة فراغاً سريعاً امتلأ بالشائعات والمعلومات المضللة من جهات معارضة. كان ينبغي السماح للخبراء بعرض دراسات متقدمة حول الميكانيكا الهندسية وكفاءة البناء لكسر الطريق أمام النقد غير المتخصص.
الخط لا يُبنى في يوم ولا يُقاس بمقاييس اليوم.
الخلاصة: مراجعة متوازنة
لا يمكن التأكيد على توقف المشروع، لكن التحقيق يوضح أن الأزمة الحالية مزيج من الضغوط الاقتصادية، التحديات الجيولوجية، والإخفاق الاستراتيجي في إدارة السرد الإعلامي.
يواجه مشروع ذا لاين نيوم تحدياً وجودياً: إما السماح لـ روعة الهندسة المنجزة خلف الكواليس بالظهور للدفاع عن المشروع، أو الاستمرار في أزمة غياب الشفافية التي تمنع الأصوات المؤيدة من الدفاع عن هذا الطموح المعماري غير المسبوق.
ملاحظة هامة حول إشاعات نيوم
المشكلة الحقيقية وراء إشاعات ذا لاين نيوم ليست في الأفكار، بل في سرية الاتفاقيات مع المعماريين والاستشاريين. لو سمح لهم بعرض دراساتهم علنًا، لكان الرد على الشائعات أكثر وضوحًا. مشروع ذا لاين معروف منذ البداية بأنه بطول 1 كيلومتر، لكن وسائل الإعلام تناولت الأمر وكأنه تراجع وما علينا سوى الإنتظار لنرى ما يحجبه الستار
يقدّم ArchUp مرجعًا محدثًا يشمل أهم المعارض والمنتديات المعمارية حول العالم، بالإضافة إلى قسم خاص بـالمسابقات ونتائجها ضمن تغطية تحليلية يومية.
المصادر:
https://twitter.com/MakkahProject17/status/1987189299721515283?s=20
https://twitter.com/SALMMA1997/status/1897603174003097995?s=20
https://twitter.com/sultanmeghji/status/1944776071213203692?s=20
ArchUp Editorial Management
يقدم المقال تحليلاً استقصائياً متوازناً للأزمة الإعلامية المحيطة بالمشروع، مع نقاش عميق للسياق الاستراتيجي والجدل الهندسي. ومع ذلك، يمكن تعزيز القيمة الأرشيفية من خلال إضافة البيانات التقنية والهندسية الموثقة.
نود الإضافة إلى أن:
· التصميم الهيكلي يعتمد على نظام وحدات معيارية بارتفاع 500 متر، مع سماكة أساسات تصل إلى 60 متراً في المناطق غير المستقرة جيولوجياً
· نظام النقل يشمل قطارات مغناطيسية (maglev) بسرعة 512 كم/ساعة، مع 4 محطات رئيسية في المرحلة الأولى
· المواد: استخدام خرسانة فائقة الأداء (UHPC) بقوة 200 ميجا باسكال، مع ألياف كربونية في الهياكل الأساسية
· الاستدامة: يعتمد على تحلية المياه بالطاقة الشمسية بسعة 50,000 م³ يومياً، مع إعادة تدوير 95% من المياه الرمادية
ربط ذو صلة يرجى مراجعته لمقارنة مشاريع المدن المستقبلية:
[التحديات الهندسية في المشاريع الحضرية فائقة التعقيد]
https://archup.net/ar/مدينه-ذا-لاين-في-نيوم/