عندما نتحدث عن شانيل، فإن أول ما يخطر في البال هو الأزياء الأيقونية، أو عطر N°5 الذي لم يفقد بريقه منذ قرن مضى. لكن بعيدًا عن الملابس والأكسسوارات، هناك جانب أقل ظهورًا لكنه لا يقل أهمية: العلاقة العميقة التي تربط الدار بالعمارة.
في الذكرى المئوية لتأسيسها، اختارت شانيل أن تحتفل بطريقة مختلفة. لم تكن الفعاليات مجرد عروض أزياء أو إعلانات ضخمة، بل كانت تجربة ثقافية متكاملة، جمعت بين الماضي والحاضر، وبين الفن والمكان. وظهر هذا جليًا في عرض Le Train Bleu الذي أُعيد تقديمه في مقر V&A East Storehouse في لندن وهو ليس مجرد مبنى، بل مشروع معماري يعكس كيف يمكن للمتاحف أن تكون أكثر من مجرد أماكن لحفظ القطع الفنية.
لقاء غير متوقع: شانيل، بيكاسو، والباليه
هذا العرض لم يكن جديدًا. ففي عام 1924، صمّمت غابرييل شانيل أزياء لعرض الباليه Le Train Bleu، الذي رسم ستارته بابلو بيكاسو كجزء من تعاون تاريخي مع فرقة Ballets Russes . بعد مائة عام، وقفنا مرة أخرى أمام نفس القصة، لكن هذه المرة داخل مبنى يُعد نموذجًا حديثًا للتفاعل بين العمارة والثقافة.
كان اختيار V&A East Storehouse دقيقًا ومدروسًا. فالمبنى نفسه يمثل فكرة إعادة تعريف المتاحف، حيث يدمج بين التخزين، البحث، والعروض التفاعلية. وبوجود ستارة بيكاسو الأصلية فيه، أصبح المكان جسرًا بين الزمنين، وبين تصميم الأزياء والفضاء المعماري.

شانيل تبني أفكارًا وليس فقط متاجر
لا تتوقف علاقة شانيل بالعمارة عند حدود الفعاليات. فقد عملت الدار مع بعض أعظم المهندسين المعماريين في العالم، لتخلق أماكن تحمل هوية العلامة دون أن تُفقد شخصيتها.
المشروع | الوصف |
---|---|
CHANEL Nexus Hall – طوكيو | تصميم داخلي من قبل المهندس اليابانييجمع بين الثقافة والتكنولوجيا في مساحة تفاعلية. |
Mobile Art Pavilion – جولة عالمية | هيكل متنقل صمّمتهزها حديدليكون معرضًا فنيًا مستوحى من تصاميم شانيل. |
متجر دبي | تصميم داخلي فاخر من مارينو يعكس أناقة الخطوط الطويلة المستوحاة من الملابس. |
هذه المشاريع ليست مجرد متاجر أو صالات عرض، بل هي تعبير مادي عن فلسفة شانيل: البساطة التي تُخفي وراءها تعقيدًا في التصميم، والتركيز على التفاصيل التي تصنع الفرق.
ماذا تعلمنا من شانيل في العمارة؟
الكثير مما يجعل العمارة مؤثرة يشبه تمامًا ما يجعل الأزياء أيقونية. فالخطوط النظيفة، والاهتمام بالتفاصيل، والتركيز على الإنسان، كلها عناصر مشتركة بين المجالين. وهذا ما تفهمه شانيل جيدًا.
- البساطة ليست سهلة : كما في العمارة الحديثة، فإن أزياء شانيل دائمًا ما تبدو بسيطة، لكنها نتيجة لتفكير عميق في الشكل والوظيفة.
- التراث يمكن أن يكون حديثًا : إعادة استخدام الأفكار القديمة بطرق جديدة هو ما يفعله المصممون المعماريون أيضًا، تمامًا مثل إعادة تقديم عرض Le Train Bleu
- التجربة الإنسانية هي الأساس : سواء كنت تقف داخل متجر شانيل أو ترتدي فستانًا من تصميمه، فإن الشعور هو الأهم.

العمارة التي لا تُرى
ربما لن تُصنَّف شانيل كشركة معمارية، لكنها بلا شك تبني أفكارًا، وتُشكّل مساحات ثقافية، وتعيد تعريف المكان. إنها نوع من العمارة غير المرئية، التي تُبنى من ذكريات، أفكار، وتجارب.
في مائة عام من التاريخ، لم تكتفِ شانيل بتقديم موضة، بل صاغت أسلوب حياة. وربما هذا هو السبب الحقيقي لبقائها: لأنها تفهم أن الجمال لا يكمن فقط في الشكل، بل في كيف يشعر الناس داخل المكان والزمان.

✦نظرة تحريرية على ArchUp
يستعرض هذا المقال الذكرى المئوية لدار شانيل عبر عدسة معمارية مُنتقاة، مع التركيز على إعادة تقديم عرض Le Train Bleu في مقر V&A East Storehouse. الصور تُبرز السرد المكاني بوضوح، من خلال أنسجة غنية وإضاءة متدرجة تعكس عمق الهوية الثقافية للدار. رغم فعالية الرواية في ربط الموضة بالعمارة، فإنها تفتقر إلى مناقشة أعمق حول تأثير هذه التعاونات على الممارسات المعمارية المعاصرة. ومع ذلك، فإن دمج السياق التاريخي داخل التجارب المكانية الحديثة يقدم حالة مثيرة للاهتمام لدراسة العمارة القائمة على الإرث الثقافي.
ArchUp: توثيق حيّ للمشهد المعماري العربي والعالمي
منذ انطلاقها، تسعى منصة ArchUp إلى بناء أرشيف معرفي مفتوح يغطي كل ما يتعلق بـ العمارة والتصميم والعمران في الوطن العربي والعالم. نعمل على تقديم محتوى حيادي وموسوعي يُكتب بلغة مهنية موجهة لكل معماري، باحث، طالب، أو صانع قرار.
يدير المحتوى فريق تحريري متخصص يحرص على مراجعة وتحديث الأخبار، المقالات، والبيانات التصميمية بشكل يومي. ندعوكم للتواصل معنا عبر صفحة اتصل بنا للمساهمة، الاقتراح، أو التعاون في توسيع شبكة المعرفة المعمارية التي نبنيها سويًا.