مصابيح الحمم البركانية: بين النوستالجيا والابتكار المعاصر
مصباح الحمم البركانية: أيقونة التصميم والنوستالجيا
إذا كان هناك جسم يجسد روح الستينيات، ويستمر تأثيره حتى التسعينيات، فهو مصباح الحمم البركانية (Lava Lamp). هذا المصباح لم يكن مجرد أداة إضاءة، بل أصبح رمزًا ثقافيًا مرتبطًا بالتصاميم الغريبة والملونة التي ميزت تلك الحقبة.
عودة إلى الشهرة بين جيل الألفية
شهد مصباح الحمم البركانية في السنوات الأخيرة عودة قوية، خاصة بين جيل الألفية، ليصبح عنصرًا نوستالجيًا مألوفًا في ذكريات الطفولة. هذا الانتعاش في شعبيته يعكس رغبة الأجيال الجديدة في التواصل مع تصاميم تحمل طابعًا فنيًا مبتكرًا وألوانًا جريئة، بعيدًا عن البساطة العملية للأجهزة الحديثة.
التجديد والإبداع في التصميم
في عام 2025، كشفت شركة Mathmos عن نسخ جديدة من هذا المصباح الكلاسيكي، بالتعاون مع المصممة الهولندية سابين مارسيليس، التي سبق لها تصميم مصابيح باللون الأصفر والعنابي. ويظهر من هذا التعاون تركيز واضح على الابتكار والتجديد مع الحفاظ على الطابع الكلاسيكي، من خلال إصدارين مميزين: مصباح عملاق بطول 296 سم، وإعادة إصدار باللون الأخضر الفاتح لمصباح Astro الشهير منذ عام 1963.
لمحة تحليلية
يعكس هذا النوع من المصابيح تطور العلاقة بين التصميم والذكريات الثقافية. فالمصباح ليس فقط أداة جمالية، بل يمثل حلقة وصل بين الماضي والحاضر، ويظهر كيف يمكن للقطع الكلاسيكية أن تتكيف مع الأذواق الحديثة مع الاحتفاظ بهويتها الأصلية.
الطموح الإبداعي وراء مصباح الحمم “Column”
استُلهم مصباح Column من رؤية المصممة الهولندية سابين مارسيليس لتماثيل الضوء الممتدة من الأرض إلى السقف، ليصبح نموذجًا حيًا للخيال السيكيديلي النقي، معاد تصوره على نطاق معماري. تعكس هذه الرؤية التلاقي بين الفن المعماري والإضاءة التجريبية، حيث يتحول المصباح إلى قطعة فنية بحد ذاته، وليس مجرد مصدر للضوء.
التصميم والحركة
يبلغ ارتفاع المصباح حوالي 3 أمتار، ويحتوي على أسطوانة زجاجية رفيعة تضم كتل الحمم التي تتحرك ببطء مذهل، ما يمنح المشهد إحساسًا بالتمثال المضيء والحياة الداخلية للمادة. هذه الحركة البطيئة تخلق تجربة بصرية تجمع بين النوستالجيا والطابع المستقبلي، حيث يتناغم الماضي مع تصاميم الحاضر بشكل فني ملموس.
الألوان والتخصيص
تم اختيار ثلاثة ألوان مستوحاة من عالم الحلويات لتعزيز الطابع البصري: Bubblegum (وردي)، Peach (برتقالي فاتح)، وHoneydew (أخضر فاتح). هذا التنوع اللوني يتيح للمصباح أن ينسجم مع بيئات مختلفة، كما أنه يعكس الاهتمام بالتفاصيل الدقيقة والتجربة الحسية للمشاهد.
انعكاس ثقافي وتحليلي
يمثل مصباح Column مثالًا على كيفية تحويل الرؤية الإبداعية إلى تجربة بصرية معمارية متكاملة. فهو يجسد فكرة أن الضوء يمكن أن يصبح شكلاً من أشكال النحت، كما يوضح كيف يمكن للقطع الفنية المعاصرة أن تعيد تفسير الرموز الكلاسيكية بطرق مبتكرة وجاذبة للعين.

إعادة إطلاق مصباح “Astro”: العودة إلى الجذور
تُعيد شركة Mathmos بالتعاون مع المصممة سابين مارسيليس تقديم نسخة محدودة من مصباح الحمم الأصلي “Astro”، مقتصرة على 1000 قطعة. يمثل هذا المصباح أول نموذج أصلي لمصابيح الحمم، صممه المخترع البريطاني إدوارد كرافن ووكر عام 1963، مستلهماً من حقبة اتسمت بالافتتان بالتقنيات الحديثة واستكشاف الفضاء.
التفاصيل التصميمية للإصدار الجديد
يتميز هذا الإصدار بزجاج مطفي صممت تفاصيله مارسيليس بعناية، مع حُمم Honeydew تم ملؤها يدويًا لضمان توازن الحركة واللون. كما أضيفت قاعدة وغطاء من الألومنيوم باللون الأخضر النعناعي غير اللامع، ما يمنح المصباح مزيجًا بين الطابع الكلاسيكي واللمسات المعاصرة.
البعد الثقافي والتحليلي
يعكس هذا الإصدار الجديد اهتمامًا متجددًا بالتصميم التاريخي، مع الحفاظ على روح الابتكار الأصلي التي ميزت الستينيات. كما يظهر كيف يمكن للقطع الكلاسيكية أن تتفاعل مع الحواس الحديثة، لتقديم تجربة بصرية تجمع بين النوستالجيا والحداثة في آن واحد.

إعادة ابتكار مصابيح الحمم البركانية
تواصل المصممة سابين مارسيليس وشركة Mathmos ابتكار مصابيح الحمم البركانية بأشكال جديدة تدمج الفن والتصميم المعماري. يشمل هذا الابتكار نموذجًا تمثاليًا يحدد المساحة، بالإضافة إلى إعادة إصدار من النموذج الكلاسيكي الذي بدأ تاريخ هذه المصابيح، مما يعكس قدرة التصاميم القديمة على التجدد ومواكبة العصر.
التصميم الكلاسيكي في سياق معاصر
تعيد هذه الإصدارات التأكيد على الأهمية الثقافية والجمالية لمصابيح الحمم البركانية، فهي ليست مجرد أداة إضاءة، بل تمثل رمزًا للتصميم الكلاسيكي المتجدد الذي يجذب عشاق التصميم وأولئك المرتبطين بذكريات التسعينيات. كما يعكس هذا الاتجاه رغبة المصممين في المزج بين النوستالجيا والابتكار المعاصر، لتقديم قطع فنية تجمع بين الماضي والحاضر.
✦ تحليل ArchUp التحريري
يقدم مشروع مصابيح الحمم البركانية مثالًا واضحًا على كيفية تحويل أفكار بسيطة إلى قطع فنية جاذبة بصريًا، حيث تتجلى الإبداعية في الحركة البطيئة للكتل الداخلية، وتدرجات الألوان المستوحاة من الطبيعة وعالم الحلويات، ما يضفي جاذبية نوستالجية على التصميم. كما يعكس المشروع حرص المصممين على الحفاظ على الهوية التاريخية للمصابيح مع محاولة إدخال عناصر معاصرة، وهو أمر يستحق التقدير من منظور التصميم الثقافي.
مع ذلك، توجد عدة نقاط تحتاج إلى تأمل معماري أعمق. أولاً، الحجم الهائل لبعض النسخ، مثل مصباح Column بارتفاع 3 أمتار، يثير تساؤلات حول الوظيفية والتناسب المكاني في البيئات المعمارية المختلفة، حيث قد يصعب دمج مثل هذه القطع في المساحات الداخلية المعتادة دون إعادة ترتيب عناصر التصميم المحيطة. ثانيًا، الطابع التجريبي والحركي للمصابيح قد يجعلها أكثر عرضة للاستهلاك أو التلف مقارنة بالتصاميم التقليدية المستقرة، ما يحد من إمكانية تطبيقها على نطاق واسع في المشاريع المعمارية العملية.
علاوة على ذلك، بينما يحمل المشروع قيمة جمالية قوية، يبقى أثره على تطوير فهم الإضاءة المعمارية أو التفاعل المكاني محدودًا؛ فهو يركز على تجربة فردية بصرية أكثر من كونه عنصرًا وظيفيًا أو حلاً معماريًا شاملًا. ومع ذلك، يمكن الاستفادة من الفكرة في إدماج عناصر فنية ضمن المساحات العامة أو المعارض، حيث يمكن أن تعمل كمحفز بصري ويخلق حوارًا بين التصميم والفضاء المحيط.
باختصار، يمثل المشروع تجربة مثيرة للعين والخيال، لكنه يحتاج إلى دراسة أعمق حول قابلية تطبيقه عمليًا ضمن البيئات المعمارية المختلفة، مع الحفاظ على التوازن بين الجمالية والوظيفة.
قُدم لكم بكل حب وإخلاص من فريق ArchUp
لا تفوّت فرصة استكشاف المزيد من أخبار معمارية في مجالات الفعاليات المعمارية، والتصميم، عبر موقع ArchUp.