منزل السبعينيات في هوليوود هيلز: حيث يصبح المنزل سيرة ذاتية
لقاء المصير في بيتشوود كانيون
عندما وقف براندون ميسكي وديفيد فالبوينا للمرة الأولى أمام منزل “بيتشوود كانيون” الهادئ، المُتخفّي بين طيات تلال هوليوود الشهيرة، شعرا وكأن قائمة أمنياتهما للحصول على مسكن مثالي قد اصطفت أخيرًا مع ناطح السحاب. جاء هذه اللحظة بعد سنوات من الإقامة في “نيكولز كانيون”، التي قدّمت لهما العزلة والطبيعة، لكن على حساب البعد عن الحياة اليومية وضرورياتها كأقرب مقهى. كان الحل الأمثل هو العثور على مكان يجمع بين صفاء التلال واتصالها بالمدينة. وكان هذا المنزل المبني في سبعينيات القرن الماضي، والواقع في زقاق هادئ تحفه الأشجار الناضجة، هو الجواب الذي يبحثان عنه. دخلوا إلى الداخل، فاستقبلتهم خطوط أسقفه المنحدرة، ونوافذه الواسعة التي تغمر المكان بالضوء، والموقد الحجري الأصلي الذي ينبض بتاريخ المبنى.

شراكة مصيرية: التعاون مع المصممة ليا رينج
لم تكن هذه المرة الأولى التي يلتقي فيها الزوجان بالمصممة الداخلية ليا رينج، مؤسسة شركة “هيومان”. فقد تعارفوا قبل أشهر خلال منافسة على شراء عقار آخر لم يحالفهما الحظ في الفوز به. يقول ديفيد فالبوينا: “بحلول الوقت الذي عثرنا فيه على هذا المنزل، كانت ليا قد أصبحت تملك فهمًا عميقًا لشخصيتنا وأسلوب حياتنا”. لم يكن هذا الفهم مجرد انطباع عابر، بل شمل تفاصيل دقيقة؛ حياة براندون كمحترف في مجال الفن، حيث من المقرر أن تزين لوحاته الشخصية جدران المنزل إلى جانب أعمال مصورين من أصدقائهما، وعمل ديفيد كمصمم جرافيك وفنان للرسوم المتحركة. كما جمع الزوجان شغف مشترك نحو التصميمات الداخلية ذات الطابع الغامق والجريء. يضيف فالبوينا: “أحسست أن ليا ستتمكن من رسم حياتنا في هذا المكان حتى قبل أن ننتقل إليه رسميًا”.

اللوحة البيضاء: منزل ينتظر هويته
ورث الزوجان عن المالكين السابقين منزلاً يتمتع بأنظمة حديثة (كهرباء، سباكة)، لكنه ظل محافظًا على تصميمه الداخلي الأبيض والمحايد، الذي يخلو من أي طابع شخصي. لم يكن هذا النقص عيبًا، بل تحول إلى دعوة مفتوحة للمصممة ليا رينج لتملأه بحكاية براندون وديفيد، من خلال الأثاث، والمفروشات، والأعمال الفنية التي جمعوها من رحلاتهم وحياتهم. علقت رينج على ذلك قائلة: “البنية التحتية والعظام المعمارية للمنزل كانت قوية وجميلة، لم يكن من المنطقي محاربتها. التحدي الحقيقي كان ليس في صنع منزل جميل، بل في صنع منزل يشعر وكأنه براندون وديفيد بمجول خطوة إليه”.

غرفة المعيشة: القلب النابض بالحياة والشخصية
تُعتبر غرفة المعيشة النموذج الأبرز على نجاح هذا النهج. في قلب الغرفة، تقع أريكة جلدية فاخرة بلون الزيتون العميق، مجاورة لها سجادة مغربية تقليدية زرقاء الكوبالت، والتي تصفها رينج بأنها “القطعة التي أضاءت المساحة بأكملها ونشطتها”. إلى الجانب، يقف زوج من الكراسي الدوّارة القديمة من تصميم “ميلو بوغمان”، التي تضفي لمسة من الأناقة المرحة والحركة. على الحائط فوق الأريكة، تحتل صورة فوتوغرافية مأخوذة بواسطة صديق مقرب مكان الصدارة، مؤكدة أن الاختيارات الفنية في المنزل تسير على هذا النهج الشخصي العميق. يعترف براندون ميسكي بضحكة: “ربما قدمنا لها مجموعة فنية أكبر مما تحتاجه للعمل، لكنها مشكلة نحب مواجهتها”. حتى الإضاءة لم تكن بعيدة عن هذا المفهوم؛ فالثريا المعلقة في غرفة الطعام، والمصممة على شكل هالة من أقمشة مستوحاة من طراز الثمانينيات، تقدم نفسها كقطعة فنية مستقلة، تلفت الأنظار بهدوء وبغير ضجة.

الخلاصة: حيث يحكي كل ركن قصة
النتيجة النهائية هي أكثر من مجرد منزل معدل؛ إنه سجل مفتوح لحياة شخصين، مليء بالقطع التي تحمل ذكريات وحكايات. لم يعد الأمر يتعلق بالجماليات فقط، بل بخلق بيئة حقيقية تعكس الهوية وتحتفي بالتفاصيل الشخصية. يلخص ديفيد فالبوينا الهدف بقوله: “أردنا أن تشعر المساحة كما لو كانت لقطة مصورة من حياتنا معًا – تعكس كل الأشياء التي جمعناها على مر السنين، وليس فقط تلك التي اشتريناها دفعة واحدة لتزيين المنزل”. وقد تحقق هذا الهدف بنجاح، ليكون المنزل هو المرآة الحقيقية لساكنيه.
✦ رؤية تحريرية من ArchUp
يتناول المشروع تحويل مسكن عائدي إلى نموذج يعبر عن السيرة الذاتية لساكنيه عبر التصميم الداخلي. يلاحظ هيمنة النهج التجميلي القائم على عرض المقتنيات والذكريات الشخصية، مما قد يثير تساؤلاً حول مدى تقديمه لحلول معمارية حقيقية تعيد تعريف الفراغ أو علاقته بالموقع المحيط، حيث يبدو التدخل محصوراً في الطبقة السطحية والديكورية دون مساءلة الإمكانات الكامنة في البنية المكانية الأصلية. يعتمد التصميم بشكل كبير على الحلول الجاهزة والقطع المنقولة، مما قد يحد من ظهور لغة تصميمية أصلية متجانسة مع الهيكل القائم. ومع ذلك، يتمثل الجانب الإيجابي في الحفاظ على السلامة الهيكلية للمبنى الأصلي وتجنب الهدر الناتج عن عمليات الهدم وإعادة البناء، مما يمنحه قيمة استدامة ضمن إطار التحديثات التصميمية.
مقدم لكم من فريق تحرير ArchUp
من هنا يبدأ الإلهام. تعمق في الهندسة المعمارية، والتصميم الداخلي، والبحث، والمدن، والتصميم، والمشاريع الرائدة على ArchUp.