مشروع Amongst the Eucalypts يستكشف التوازن بين الطبيعة والحماية في الغابات
العيش بين قمم غابات الكافور
مرتفعًا بين قمم غابات الكافور في نيو ساوث ويلز، يظهر منزل عطلات يشبه “عش النسر”، متجليًا في مشهد طبيعي هادئ. يمثل مشروع Amongst the Eucalypts من تصميم Jason Gibney Design Workshop دراسة في العلاقة بين الإنسان والطبيعة، خصوصًا في المناطق المعرضة للحرائق. يقدم المنزل نموذجًا للعيش في الغابات بطريقة تحترم بيئتها المتقلبة، مع خلق مساحة تحتضن الطبيعة دون فرض سيطرة عليها.
رؤية العملاء وتحديات التصميم
تضمنت متطلبات العملاء رؤية متناقضة في ظاهرها: البحث عن ملاذ وحوار مع الطبيعة في الوقت نفسه. كانوا يسعون لتجربة قريبة من التخييم والغمر الكامل في الطبيعة، مع الحاجة لتوفير حماية من تقلباتها. كما أرادوا مساحات يمكن أن تجمع العائلة والأصدقاء، دون التضحية بلحظات من العزلة والخصوصية.
التوازن بين الانفتاح والخصوصية
استجابت التصميمات المعمارية لهذا التحدي من خلال دراسة دقيقة للتوازن بين الخصوصية والانفتاح على الطبيعة. يقع المنزل مرتفعًا خلف خط الأشجار وعلى أرضية منحدرة، متماشياً مع المنحنيات الطبيعية للتلال. التصميم المنقسم للمنزل يخلق لحظات حميمة وخاصة، مع الحفاظ على حوار هادئ مع المناظر المحيطة، كما وصفه حكم جوائز العمارة في نيو ساوث ويلز.
المنزل لا يهيمن على محيطه ولا ينسحب أمامه؛ بل يمتد ليكون مراقبًا ومشاركًا في آن واحد في جمال الغابة، موفّرًا تجربة فريدة للتفاعل مع الطبيعة دون إزاحتها عن مركز الاهتمام.
مواد البناء والاندماج مع الطبيعة
تعكس اختيارات المواد في المشروع واقع البناء في مناطق الغابات المعرضة للحرائق. تم اختيار الخشب الرقائقي، التكسية الخفيفة، والمعادن بعناية لتوفر خامة صلبة وعملية، تتناغم مع البيئة النائية. هذه المواد تقدم حماية أساسية من الحرائق، مع الحد من الحاجة للصيانة المستمرة، وتكتسب مع مرور الزمن جمالًا متأثرًا بالعوامل الطبيعية، مكونة شخصية فريدة للمبنى بدلًا من الاعتماد على تدخل بشري دائم.
المرونة والانفتاح: فلسفة الزوالية المؤقتة
ما يميز هذا المشروع هو احتضانه لفكرة الزوالية المؤقتة. الواجهة القابلة للتشغيل تسمح للمنزل بالانفتاح والانغلاق تجاه الطبيعة، محوّلة العلاقة بين الداخل والخارج إلى تجربة ديناميكية.
كما يعزز تصميم الفراغ الداخلي المرن والحمامات الخارجية هذا النهج، مستلهماً أسلوب التخييم، حيث تصبح الحدود بين الداخل والخارج قابلة للتفاوض بدلًا من أن تكون ثابتة. من خلال هذه المرونة، تعكس العمارة أسلوب حياة متكيفًا مع التغيرات الموسمية وإيقاعات الطبيعة، مؤكدًا على تجربة معيشية أكثر استجابةً واندماجًا مع البيئة المحيطة.
الاعتراف المعماري والمسؤولية البيئية
تم بناء هذا المنزل بواسطة Midcoast Construction على أراضي Worimi، وحصل على تقدير في فئة العمارة السكنية ضمن جوائز العمارة في نيو ساوث ويلز لعام 2025، كما نال الاعتراف في فئة العمارة المستدامة ضمن البرنامج الوطني للجوائز المعمارية. أشادت لجنة التحكيم بفريق التصميم لابتكاره منزلًا يجيب على السؤال الملح: كيف يمكن البناء بمسؤولية في البيئات المعرضة للحرائق؟
تظهر صور Justin Alexander الموقع الفريد للمنزل، حيث يجلس متعايشًا بين أشجار الكافور، لا عائمًا فوقها ولا مدفونًا داخل الغابة، بل في انسجام تام مع البيئة المحيطة.
التصميم في مواجهة تحديات المناخ
مع تفاقم تغير المناخ وزيادة مواسم الحرائق في أستراليا، يقدم مشروع Amongst the Eucalypts أكثر من مجرد تجربة بصرية. إذ يوضح أن البناء في الغابات يمكن أن يوازن بين الانغماس في الطبيعة والحماية منها.
يمثل المنزل دليلًا على قدرة التصميم الواعي على خلق مساحات للملاذ والتأمل، حيث يمكن للساكنين الانخراط مع المناظر الطبيعية والاستمتاع براحة وأمان حتى في أقصى الظروف.
✦ تحليل ArchUp التحريري
بينما يوفر مشروع Amongst the Eucalypts تجربة واضحة في دمج المنزل مع الطبيعة، وإظهار كيف يمكن للمساحات المعمارية أن تتفاعل مع البيئات المعرضة للحرائق، تظهر بعض التحفظات المتعلقة بالاستدامة طويلة الأمد والمرونة التشغيلية للواجهة. فعلى الرغم من أن المواد المختارة مقاومة نسبيًا للحرائق وتحتاج لصيانة منخفضة، إلا أن الاعتماد على الواجهات القابلة للتشغيل قد يتطلب مراقبة دورية لضمان الأداء الأمثل، خصوصًا في الظروف الجوية القاسية.
كما أن التركيز على خلق انفتاح دائم مع الطبيعة قد لا يكون عمليًا في جميع المواقع، إذ يتطلب توازنًا دقيقًا بين الأمان والخصوصية، وهو تحدٍ قد يكون صعب التطبيق في مشاريع مشابهة بمقاييس أكبر أو في بيئات أكثر تعقيدًا. ومع ذلك، يقدم المشروع إطارًا قابلًا للتعلم والاستلهام، خاصة في كيفية التعامل مع التضاريس الصعبة وتصميم مساحات متعددة الاستخدامات، مما يسمح للمعماريين بدراسة كيفية دمج البيئة الطبيعية ضمن مفهوم معماري مرن ومستجيب.
