زيد ايشيكاري: أول مركز بيانات ياباني بلا انبعاثات يستفيد من قوة الشتاء والطاقة المتجددة
مركز بيانات بدون انبعاثات في هوكايدو، اليابان
إليكم شيئًا نادرًا: مركز بيانات في مدينة إيشيكاري باليابان، اكتمل في عام 2024، يعمل بالكامل باستخدام الطاقة المتجددة ويستفيد من هواء شتاء هوكايدو المتجمد، ليحقق انبعاثات صفرية فعلية أثناء التشغيل، وليس مجرد انبعاث منخفض أو تعويض للكربون.
استغلال البيئة الطبيعية كوسيلة تبريد
يقع المركز في جزيرة هوكايدو الشمالية، حيث تصل درجات الحرارة في الشتاء إلى حوالي -5 درجات مئوية. بدلاً من مواجهة هذا البرد باستخدام أنظمة تكييف تقليدية، تم استغلال الطقس البارد كنظام تبريد طبيعي، ما يتيح تشغيل الخوادم بكفاءة عالية دون الحاجة إلى استهلاك إضافي للطاقة.
أهمية اختيار الموقع
تم اختيار منطقة ميناء إيشيكاري الجديد الصناعية بعناية، إذ تلتزم بتشغيل جميع المنشآت باستخدام الطاقة المتجددة بنسبة 100٪. هذه الاستراتيجية تضمن أن يكون المركز صديقًا للبيئة تمامًا، ويعكس توجهًا مستقبليًا في بناء مراكز بيانات تعتمد على الاستدامة البيئية بدلاً من الاعتماد على التعويضات الكربونية التقليدية.
استغلال المناخ والجغرافيا في البنية التحتية
ما يميز مركز البيانات زيد ايشيكاري هو الطريقة الفريدة التي يستفيد بها من الجغرافيا والمناخ كجزء من البنية التحتية. فعلى مدار الفترة من أكتوبر وحتى مايو، حيث تظل درجات الحرارة منخفضة بشكل مستمر، يمكن للمركز العمل بالكامل دون الحاجة لمكيفات احتياطية بمجرد توجيه هواء هوكايدو المتجمد إلى غرف الخوادم.
تبريد طبيعي يقلل من استهلاك الطاقة
في المقابل، تستهلك مراكز البيانات التقليدية كميات هائلة من الكهرباء لمنع ارتفاع حرارة الخوادم، مما يزيد من الأثر البيئي والتكلفة التشغيلية. بينما يمتلك زيد ايشيكاري عمليًا نظام تبريد طبيعي يعمل لأكثر من نصف السنة، موفّرًا طاقة كبيرة وموفرًا بيئة تشغيل مستدامة للخوادم.
التصميم ككل كنظام متكامل
يعتمد تصميم مركز البيانات زيد ايشيكاري على فكرة مبتكرة، وهي اعتبار الهيكل بأكمله كنظام واحد لمعالجة الهواء، بدلًا من تركيب مجاري هواء مكلفة ومنفصلة في جميع أرجاء المبنى.
تدفق الهواء البارد ومعالجة الحرارة
يتدفق الهواء البارد عبر أنظمة تهوية موضوعة استراتيجيًا في الأسقف والجدران، حيث يمتص الحرارة الصادرة عن الخوادم قبل أن يُعاد إخراج الهواء مرة أخرى. هذا الأسلوب لا يكتفي بتبريد الخوادم بكفاءة، بل يضمن أيضًا تحويل الحرارة المستخرجة إلى فائدة عملية.
استغلال الحرارة المهدرة
الحرارة الناتجة عن الخوادم لا تُهدر، إذ يتم توجيهها إلى أنظمة تحافظ على خلو الطرق المحيطة بالمرفق من الجليد. بهذه الطريقة، يحل المركز مشكلتين بحل واحد أنيق: تبريد فعال للخوادم والاستفادة من الحرارة المهدرة في تحسين السلامة المحيطة بالموقع.
اعتماد الطاقة المتجددة عند الحاجة
عندما لا يكون التبريد الطبيعي كافيًا، يرتبط موقع زيد ايشيكاري بخط كهرباء خاص بمحطات طاقة شمسية ورياح قريبة، حيث توفر كل محطة نحو 2 ميجاواط من الطاقة للمركز.
التعاون مع مصادر الطاقة المستدامة
كما تعاونت شركة KCCS، المشغلة للمرفق، مع محطة الطاقة الحيوية لضمان أن كل كيلوواط من الكهرباء يأتي من مصادر متجددة بالكامل.
نظام ذكي للتحكم في الكهرباء
اعتمد المركز أيضًا على نظام خاص للتحكم في إمداد وطلب الكهرباء، يستخدم بطاريات تخزين وتقنيات الذكاء الاصطناعي لمطابقة الطاقة الخالية من الكربون على أساس كل ساعة. هذا الابتكار يجعل زيد ايشيكاري أول مركز بيانات في اليابان يحقق التشغيل الخالي من الكربون على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع.
كفاءة تشغيلية وبيئية
وليس هذا النهج مفيدًا للبيئة فحسب، بل يؤدي أيضًا إلى توفير كبير في استهلاك الطاقة. بالمقارنة مع مركز بيانات الشركة في طوكيو، تم تقليل استهلاك الطاقة بنحو 40٪ بفضل موقع زيد ايشيكاري في مناخ بارد.
أهمية خفض استهلاك الطاقة
هذه الوفورات ليست مجرد ميزة تشغيلية، بل تشكل إضافة مهمة للقيمة الاقتصادية للمركز. ومع الأخذ في الاعتبار أن مراكز البيانات تستهلك كميات هائلة من الطاقة، خاصة مع ازدياد الطلب على الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية، أصبح إيجاد طرق لتقليل استهلاكها للطاقة أمرًا ملحًا لضمان استدامة القطاع بيئيًا واقتصاديًا.
دعم حكومي لتسريع التحول الأخضر
تراهن وزارة البيئة اليابانية بقوة على هذا النموذج، إذ تقدم دعمًا يصل إلى 50٪ من تكلفة بناء مراكز بيانات خالية من الكربون أو تحديث المنشآت القائمة، ضمن مبادراتها المناخية. تعي الحكومة أن تغييرات نمط الحياة والتحول الرقمي أدت إلى زيادة هائلة في استهلاك الطاقة، وأن مراكز البيانات تُعد من كبار المستهلكين الذين يجب إدارة استهلاكهم بعناية.
الاعتماد على حلول موجودة وواقعية
ما يميز زيد ايشيكاري بشكل خاص هو أنه لا يعتمد على تكنولوجيا مستقبلية أو استثمارات ضخمة في أنظمة تجريبية، بل يستخدم ما هو متاح بالفعل: الهواء البارد، والرياح، وأشعة الشمس، والطاقة الحيوية.
افتُتح المرفق في 1 أكتوبر 2024، مما يثبت أن البنية التحتية لمراكز البيانات الخالية من الانبعاثات ليست حلمًا بعيدًا، بل واقعًا ممكن التحقيق اليوم.
تحويل التحديات البيئية إلى حلول
يُظهر مشروع زيد ايشيكاري كيف يمكن أن يؤدي التصميم المدروس واختيار الموقع المناسب إلى تحويل التحديات البيئية إلى فرص عملية.
الخوادم دون تكلفة كربونية
بينما لن يزور معظمنا مراكز البيانات أبدًا، فإن الخوادم التي تشغّل خدمات البث، والتخزين السحابي، ووسائل التواصل الاجتماعي، وأدوات الذكاء الاصطناعي موجودة دائمًا في مكان ما. تثبت مشاريع مثل زيد ايشيكاري أن هذه الخوادم لا يجب أن تأتي بتكلفة كربونية، خصوصًا عندما يُبنى المركز في أماكن يكون فيها الشتاء مصدرًا يمكن الاستفادة منه بدلًا من كونه عائقًا.
✦ تحليل ArchUp التحريري
يمثل زيد ايشيكاري نموذجًا مهمًا في استكشاف سبل الاستدامة ضمن البنية التحتية لمراكز البيانات، خصوصًا في توظيف البيئة المحلية لتقليل استهلاك الطاقة وتحقيق انبعاثات صفرية. من ناحية تصميمية، يُظهر المشروع كيف يمكن الاعتماد على العوامل المناخية والجغرافية بشكل استراتيجي لتعزيز الكفاءة التشغيلية، ما يقدم منظورًا مثيرًا للاهتمام في مشاريع البنية التحتية الحديثة.
ومع ذلك، من منظور معماري أوسع، يطرح المشروع عدة تساؤلات: فعلى الرغم من نجاحه في مناخ بارد مثل هوكايدو، قد يكون تكرار هذا النموذج في مناطق أخرى محدودًا بسبب اختلاف الظروف المناخية والجغرافية. كما أن اعتماد المشروع على طاقة متجددة محلية وبنية تحتية متطورة قد يطرح تحديات اقتصادية وتنفيذية في بيئات أقل دعمًا للتقنيات المستدامة، وهو ما قد يقلل من قابلية تطبيقه بشكل واسع. علاوة على ذلك، يركز المشروع بشكل كبير على التشغيل والتقنيات، بينما لا يُبرز بوضوح القيم المعمارية الأخرى مثل الجماليات، التفاعل المكاني، وتجربة المستخدم ضمن المبنى، ما قد يكون مجالًا للتطوير في المشاريع المستقبلية.
بالتالي، يمكن اعتبار زيد ايشيكاري خطوة مهمة واستكشافية في دمج الاستدامة في العمارة التحتية، لكنه يظل نموذجًا محدود التطبيق نسبيًا، ويطرح فرصًا للتعلم والتحسين في مشاريع مستقبلية تجمع بين الكفاءة البيئية والجوانب المعمارية الأوسع.
قُدم لكم بكل حب وإخلاص من فريق ArchUp
لا تفوّت فرصة استكشاف المزيد من أخبار معمارية في مجالات الفعاليات المعمارية، و مشاريع معمارية، عبر موقع ArchUp.