في أعماق التلال الخضراء لمنطقة Cooroy في نوسا، كوينزلاند، لا يُعتبر منزل Cooroy مجرد ملاذ ريفي خلاب — بل هو مقاربة هادئة وثورية لحياة مستدامة. صممه المعماري Dan Wilson من ملبورن والمصمم المعماري Henry Bennett من نوسا، ويعيد هذا المنزل خارج الشبكة تخيل الطراز التقليدي لكوينزلاند بأسلوب مستدام وتواضع معماري.
بُني المنزل لزوجين شبه متقاعدين عاشا لسنوات في كوخ عمل صغير على الموقع ذاته، ويعكس المنزل ارتباطًا عميقًا بالأرض المحيطة، حيث لا يفرض نفسه على الطبيعة بل يتعاون معها.
الشرفة كعمود فقري معماري
تبدأ الفكرة المعمارية بشرفة خطية — ليست مجرد إضافة جمالية، بل هي العنصر التنظيمي الرئيسي للمبنى كله. تمتد هذه الممرات المغطاة على طول الواجهة الشمالية الشرقية، وتربط سلسلة من الأجنحة والحدائق الداخلية، مما يخلق إيقاعًا مكانيًا مستوحى من طراز منازل كوينزلاند التقليدية.
الشرفة ليست ممرًا فحسب، بل هي مساحة معيشة ومناخية. توفر الظل في الصيف، وتفتح لالتقاط النسيم، وتسمح بدخول الشمس في الشتاء. هذا التكيف الموسمي لا يعتمد على تقنيات معقدة، بل على منطق تصميم إقليمي عميق.
أشكال محلية وأنظمة منخفضة التقنية
لا يخفي منزل Cooroy نفسه، لكنه لا يسعى لجذب الانتباه أيضًا. هيكله الخفيف — المرتفع عن الأرض والمغطى بألواح خشبية مطلية باللون الأبيض — يجلس بلطف على الموقع، ويقلل من الحاجة إلى الحفر أو استخدام الخرسانة. السقف المائل المصنوع من الصفيح والألواح الخشبية المطلية والأسطح الخشبية كلها تشير إلى العمارة الريفية في كوينزلاند.
بدلاً من السعي وراء أشكال مبتكرة، ركز Bennett وWilson على الأداء البيئي والصدق المادي. المنزل يعمل بالكامل خارج الشبكة: يعتمد على الطاقة الشمسية، يجمع مياه الأمطار، ويعالج النفايات عبر نظام صرف صحي مستقل. كل هذه الخصائص مدمجة ضمن التصميم وليست إضافات لاحقة.
مواد صادقة ومتينة
تعكس مواد البناء شخصية المنزل المتواضعة. الأخشاب المطلية، الأعمدة الفولاذية، الخزائن المصنوعة من الخشب الرقائقي، الأرضيات الخشبية، وحجر فائض أعيد استخدامه — جميعها تشكل بيئة دافئة وملموسة.
العوارض الخشبية المكشوفة تُظهر هيكل البناء وتضفي ملمسًا إضافيًا على المساحات. أما الشاشات الخشبية الثابتة والمتنقلة فتمنح مرونة في التظليل والخصوصية، كما تعمل كتعريشات نباتية طبيعية.
مساحات داخلية تتنفس مع الطبيعة
تضم المساحات الداخلية غرفتي نوم وحمامين، بالإضافة إلى مطبخ ومساحة معيشة مفتوحة، وغرفة طعام شبه خارجية. وتعزز الأبواب المنزلقة الكبيرة الاتصال بين الداخل والخارج، مما يسمح للطبيعة بالدخول إلى المنزل وللمساحات بالامتداد نحو الحديقة.
لا توجد تشطيبات براقة أو مواد فاخرة. بل يكمن التركيز في الراحة والصلابة والجو الدافئ. هذا منزل يتنفس، ويتغير مع الضوء والفصول، ويُظهر كيف يمكن للعمارة أن تكون مرنة ومرتبطة بالمكان دون أن تكون مبالغًا فيها.
إحياء الأرض عبر العمارة
ربما تكمن اللمسة الأعمق في منزل Cooroy في تكامله مع الحديقة التي أعاد الزوجان إحياؤها على مدار سنوات. لم تكتفِ العمارة بإطلالة على هذه المساحات، بل تفاعلت معها بشكل عضوي — عبر الشرفات، والمسارات، والمساحات المفتوحة.
هذا ليس منزلاً بني على أرض نظيفة، بل هو مبنى مدمج داخل نظام بيئي موجود مسبقًا. لا يدّعي التصميم الفضل في الجمال المحيط، بل يضخمه بهدوء.
نموذج لمستقبل المعيشة الريفية
لا يُعد منزل Cooroy مجرد تجربة خارج الشبكة. بل هو نموذج للعمارة الريفية التي تجمع بين الخفة والثبات، بين الحداثة والانتماء الإقليمي. إنه يثبت أن الأناقة لا تتطلب الفخامة، بل قرارات مدروسة واحترامًا عميقًا للمكان.
في عصر منازل الطاقة الزائدة والتصاميم المتضخمة، يقدم هذا المشروع المتواضع بديلًا: عمارة تتعاون مع الطبيعة، وتنمو منها، بدلاً من السيطرة عليها.
الصور: ياسرة موسى.
لكل من يبحث عن مصدر معماري موثوق ومواكب، ArchUp يقدم محتوى متجدد يغطي المشاريع والتصميم والمسابقات.
للمزيد على ArchUp: