Cave Bureau exhibition at Louisiana

فهم حالة ما بعد الاستعمار من خلال المعمار والطبيعة

كايڤ بيورو هو استوديو معماري وبحثي يقع في نيروبي. يركز عمله على دراسة الحالة ما بعد الاستعمار في أفريقيا من خلال منظور يدمج بين الطبيعة والمناظر الطبيعية.

الاستوديو والرؤية التكاملية

تأسس الاستوديو في 2014، ويعتمد على مزيج من علم الإنسان (الأنثروبولوجيا) وعلم الجيولوجيا. ليست هذه التخصصات مجرد أدوات تحليلية، بل تشكل جوهر عمل الفريق. فهي تبرز الجذور الثقافية والتاريخية التي انطلقت منها الممارسة المعمارية، وفي الوقت نفسه، تساعد في تحديد مسارها المستقبلي.

الإلهام من مهد الإنسانية

يتجذر عمل كايڤ بيورو في موقع مهد الإنسانية في جنوب أفريقيا. يشمل هذا الموقع سلسلة من الكهوف الجيرية تحت الأرض، التي كانت أساسية في تطوير نظريات تطور الإنسان. يظل هذا الموقع يشكل مصدر إلهام قوي للاستوديو. فهو يعكس الممارسة التي تنبع من الأرض والطبيعة.

التاريخ والبيئة: علاقة عميقة

ترتبط هذه الرؤية الشخصية بذكريات مؤسس الاستوديو كاباجي كارانجا. يروي كارانجا:
“منذ كنت في الثانية عشرة، كانت لي ذكريات عن النوم في الكهوف. ومن الغريب أن هذا الكهف أصبح موقعًا رئيسيًا في أبحاثنا، وفي مشروع أنثروبوسين 10، عاد المسار إلى بدايته.”

رؤية جديدة للمستقبل

هذه التجربة الشخصية تعكس مبدأ أساسيًا في أعمال كايڤ بيورو: الترابط بين الإنسان والمكان. لا تقتصر أعمالهم على دراسة الماضي فقط، بل تتطلع أيضًا إلى المستقبل. يسعى الفريق إلى تقديم أفكار جديدة تدمج بين الماضي والحاضر، مستفيدة من العبر المستخلصة من البيئة المحيطة.

العمارة كمحادثة مستمرة مع الأرض

يواصل الاستوديو التأكيد على أن العمارة ليست مجرد بناء في الفراغ. بل هي حوار مستمر مع الأرض والتاريخ. يسعى كايڤ بيورو إلى إحداث تغيير حقيقي في طريقة فهمنا لعلاقتنا بالمكان والطبيعة.

استوديو كايڤ بيورو: إعادة تخيل العمارة والثقافة

استوديو كايڤ بيورو هو مجموعة من المعماريين والباحثين الكينيين مقرها نيروبي. يركز الاستوديو في أعماله على دراسة الحالة الأفريقية ما بعد الاستعمار، من خلال منظور يعيد التفكير في دور الطبيعة والمناظر الطبيعية. يعتمد العمل على دمج علم الإنسان (الأنثروبولوجيا) وعلم الجيولوجيا كركائز أساسية، مما يساهم في رسم مسار العمل وتوجيهه نحو المستقبل.

“أمطار الأوبسيديان”: مشروع يعكس الجذور الأفريقية

أحد المشاريع البارزة لاستوديو كايڤ بيورو كان “أمطار الأوبسيديان”، الذي عُرض في الدورة السابعة عشرة من بينالي فينيسيا للعمارة عام 2021. كان هذا المشروع تركيبًا بمقياس 1:1 يهدف إلى إعادة خلق جوهر كهوف مخابئ مقاتلي حرية ماو ماو في كينيا. تم تعليق 1680 قطعة من حجر الأوبسيديان في المكان، وهو يعد أحد أوجه “متحف الأنثروبوسين” الذي أطلقه الاستوديو.

متحف الأنثروبوسين: نقد للمفهوم الغربي للمتحف

“متحف الأنثروبوسين” هو أكثر من مجرد عرض فني أو معماري؛ إنه مؤسسة حية وديناميكية تعتمد على الخيال والعمل المجتمعي. بدأ هذا المشروع في أرض أسلافنا في شرق إفريقيا، وهو دعوة لإعادة تصور دور المتحف في عصر الأنثروبوسين. لا يُقتصر المتحف على كونه مؤسسة داخل مبنى، بل هو تجربة حية تنتقل عبر الزمن والمكان.

يستمر كايڤ بيورو في تحليل فكرة المتحف التقليدي في السياق الأفريقي. في إفريقيا، كانت المعرفة الثقافية تُنقل شفويًا عبر الأجيال، وكانت مترسخة في الطبيعة ومتداخلة مع تجارب حية مثل الشعر والرقص. تقول ستيللا موتيغي، الشريكة المؤسسة للاستوديو:
“المتحف التقليدي، كمؤسسة تُخزن فيها الأشياء للتفاعل معها، هو مفهوم غربي ما بعد التنوير. نحن نعيد تصوره في متحف الأنثروبوسين، باستخدام مجموعة من الوسائط الحسية والتنقل الجسدي بين المتاحف العالمية.”

تأثير الجائحة: إعادة التفكير في المناظر الطبيعية

خلال جائحة 2020، لاحظ استوديو كايڤ بيورو قلة العروض الثقافية بسبب إغلاق المؤسسات الكبرى. في تلك الفترة، كانت المساحات الخضراء هي الأماكن العامة الوحيدة المتاحة. وهكذا، يعزز الاستوديو فكرة أن المناظر الطبيعية يمكن أن تكون نذيرًا ثقافيًا يعكس أهمية العلاقة بين البيئة والثقافة. في هذا السياق، يساهم الاستوديو في التفكير في كيفية تأثير المناظر الطبيعية على الثقافة المجتمعية وكيف يمكن للعمارة أن تلعب دورًا محوريًا في تشكيل الهوية الثقافية والتفاعل مع البيئة.

خريطة العالم المستخلصة_01: خريطة اتحاد ضد الإمبراطورية من كايڤ بيورو

إعادة تصور الجغرافيا والموقع: من الماضي إلى المستقبل

أبحاث كايڤ بيورو تكشف كيف أن الموقع والجغرافيا لا تُستخدمان فقط كنقاط مرجعية تاريخية، بل يمكن أن تشكل منصات انطلاق لتصور بدائل للمستقبل. في هذا السياق، يعيد الاستوديو النظر في العلاقة بين المكان والهوية الثقافية، ويعتبرها أساسًا لإعادة تصور المستقبل. يشير الاستوديو إلى أن هذه الأفكار كانت موجودة في تاريخ مقاتلي حرية ماو ماو، الذين كانوا خلال مقاومتهم يسعون إلى تصور دولة أفريقية أفضل. اليوم، يستخدم كايڤ بيورو خصوصية المكان كنقطة انطلاق لخلق مستقبل يتفاعل مع الماضي ويعيد بناء العلاقة مع الطبيعة والبيئة.

الجيولوجيا كمجال متنازع عليه: الصراعات والتغيرات المناخية

يشدد الاستوديو على أهمية الجيولوجيا والأرض كموارد متنازع عليها. في حديثها عن أهمية الجيولوجيا في العالم المعاصر، تقول موتيغي:
“الكثير مما يحدث اليوم – من صراعات وتغيرات مناخية وكوارث طبيعية – يمكن تتبعه إلى الجيولوجيا والتفاعل البشري مع الأرض، فعليًا إلى الأرض نفسها. التغيرات المناخية تعود إلى استخراج المواد من الأرض، وكذلك الصراعات بين الناس نتيجة للنهب المادي.”
وتؤكد موتيغي أيضًا أن استخراج الموارد لا يقتصر فقط على الموارد الطبيعية، بل يشمل أيضًا الموارد البشرية، مما يعكس الأبعاد الاجتماعية والسياسية لهذه الممارسات.

استكشاف الجيولوجيا في بينالي فينيسيا 2025: “جيولوجيا الإصلاح البريطاني”

في معرضه المقبل في بينالي فينيسيا للعمارة 2025، يعتزم كايڤ بيورو استكشاف الجيولوجيا في سياق أوسع، حيث سيستخدم الهندسة المعمارية للتفاعل مع الآثار المدمرة للأنظمة الاستعمارية. سيحمل المعرض عنوان “جيولوجيا الإصلاح البريطاني”، وسيتناول كيف تم استخراج الموارد الجيولوجية من الأرض وتأثير ذلك على المجتمعات. سيتم عرض هذا الموضوع من خلال ممارسات معمارية ناشئة تهدف إلى الإصلاح، مع فحص الأنظمة التي تسببت في الاستعمار واستخراج الموارد من الأراضي الأفريقية.
سيضم المعرض الجناح البريطاني الذي سيقوده فريق متعدد التخصصات بقيادة المنسق أوين هوبكنز والأكاديمية كاثرين يوسوف. سيركز المعرض على الشق العظيم ككائن جيولوجي يمتد من جنوب تركيا عبر فلسطين إلى إثيوبيا وكينيا وموزمبيق، وسيستعرض الأبعاد الجغرافية والجيولوجية والأنثروبولوجية لهذا الموضوع.

مخطط معماري لمشروع من تصميم كايڤ بيورو في إفريقيا، يبرز تأثيرات التصميم ما بعد الاستعمار.

الشراكة بين بريطانيا وكينيا: تحفيز التفكير حول آثار الاستعمار

مع الشراكة بين بريطانيا وكينيا كتركيز لهذا العام في الجناح البريطاني، يهدف الفريق القائم على المعرض إلى تحفيز التفكير النقدي حول دور العمارة في معالجة الآثار الجيولوجية للاستعمار. يسعى المعرض إلى تقديم أفكار للشفاء والإصلاح من خلال عرض ممارسات الأرض التي تعيد بناء الروابط بين الناس والبيئة. يرتبط هذا الموضوع ارتباطًا وثيقًا بممارسات الاستكشاف التي تعتمد على فهم عميق للواقع التاريخي والجيولوجي.

استكشاف ممارسات الأرض: من وادي الرَّفْت إلى التأثير الكوكبي

بالنسبة لـ كايڤ بيورو، تعتبر ممارسات الأرض جزءًا أساسيًا من أي استكشاف ديكولونيالي. في مشاريع مثل وادي الرَّفْت في جبل سوسوا، الذي له أهمية تقليدية لسكان الماساي الذين يعتمدون على موارده، يعرض الاستوديو الاستخراج على نطاق أصغر وتأثيره على المجتمعات المحلية والموارد الطبيعية. هذه المشاريع لا تقتصر فقط على دراسة كيفية جمع المياه في المنطقة، بل تدفعنا أيضًا للتفكير بشكل شامل حول النظم البيئية الحالية من نباتات وحيوانات.

في هذا السياق، تقول موتيغي:
“بالنسبة لنا، تبدأ ممارسات الأرض مع المجتمع، ولكن إذا تم توسيعها، يمكن أن يكون لها تأثير كوكبي. هذه هي الحجة – الوعي الجيولوجي. إن الممارسات الصغيرة هي الأكثر عرضة للخطر. إذا قمنا بحماية الممارسات الصغيرة، سيكون لدينا فرصة لتفكيك النطاق الكبير.”

تحوير الجناح البريطاني: إعادة النظر في الإمبراطورية

أما بالنسبة للمبنى الذي سيحتضن الجناح البريطاني، فهو ليس استثناءً في هذا السياق. يصف كاباجي كارانجا المبنى بـ “تجسيد الإمبراطورية”، ويضيف قائلًا:
“مع كون مجمع جيارديني بالكامل تعبيرًا عن التفوق الأوروبي، هناك رغبة في فك هذا التاريخ وكيف أن المشروع الاستعماري أدى إلى تأثيرات مناخية هائلة.”

سيتم تحوير المبنى ليصبح موضوعًا لنقاش أوسع حول التجليات الفيزيائية والجيولوجية للنشاط الاستعماري. يهدف هذا التغيير إلى جذب انتباه الزوار إلى ما كان في الخلفية لفترة طويلة، مما يفتح المجال لمناقشة الآثار الطويلة الأمد للأنظمة الاستعمارية على البيئة والجيولوجيا.

🔗 اقرأ أيضًا:

If you found this article valuable, consider sharing it

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *