في ظل التحديات البيئية المتصاعدة، يتجه قطاع البناء نحو تبنّي حلول صديقة للبيئة تعتمد على موارد طبيعية ومتجددة. ومن بين الابتكارات اللافتة في هذا المجال، برز الميكيليوم الحي — الجذر الخيطي للفطريات — كمادة بناء حية قادرة على إحداث تحول جذري في طريقة تصميم وتنفيذ المباني المستدامة. يُعتبر الميكيليوم الحي مادة واعدة في المنافسة مع الخرسانة والصلب.
فما هو الميكيليوم؟ وكيف يُستخدم في البناء؟ وهل يمكنه فعلاً أن ينافس الخرسانة والصلب في عالم العمارة؟
ما هو الميكيليوم؟ مادة حية من الطبيعة
الميكيليوم هو الهيكل الخيطي تحت الأرضي للفطريات، يعمل كنظام ذكي يشبه شبكة الإنترنت في التربة، حيث يربط بين النباتات ويساعد في نقل المغذيات. يُعتبر الميكيليوم الحي جزءًا من هذا الكائن الحي بقدرته على النمو بسرعة، التكيف، والتكاثر باستخدام مواد عضوية بسيطة كالقش ونشارة الخشب.
عند دمجه في قوالب مخصصة وتركه لينمو لبضعة أيام، يتحول الميكيليوم إلى مادة صلبة شبيهة بالإسفنج، يمكن استخدامها كبنة أساسية في البناء أو العزل.

استخدامات الميكيليوم في البناء
1. الطوب الحيوي
يمكن استخدام الميكيليوم لتصنيع طوب خفيف الوزن، عازل للحرارة، وصديق للبيئة. هذه الطوبات تُصنع داخل قوالب ثم تُجفف، ما يوقف نموها ويمنحها الاستقرار البنيوي.
2. مواد العزل
نظرًا لخواصه العازلة الممتازة، يُستخدم الميكيليوم الحي كبديل طبيعي لألياف الزجاج أو البولي يوريثان في العزل الحراري والصوتي.
3. تصميمات داخلية مبتكرة
أطلقت شركات معمارية مشاريع تجريبية لتوظيف الميكيليوم في الأثاث والجدران الداخلية، لما له من لمسة عضوية وانسيابية تلفت الأنظار.
لماذا الميكيليوم؟ المزايا البيئية والوظيفية
الميزة | التفاصيل |
---|---|
الاستدامة | ينمو الميكيليوم الحي من نفايات زراعية، ولا يترك انبعاثات كربونية عند تصنيعه. |
قابل للتحلل | يتحلل طبيعيًا بعد انتهاء عمره الافتراضي دون تلويث البيئة. |
خفة الوزن | يسهل نقله واستخدامه، ويقلل من الحمولة الإنشائية. |
مقاوم للنار | يوفر مستوى عالي من الحماية دون الحاجة إلى معالجات كيميائية. |
عازل طبيعي | فعّال في حفظ الطاقة داخل المباني عبر تقليل التسرب الحراري. |
تحديات استخدام الميكيليوم في البناء
رغم الإمكانات الواعدة، لا يزال استخدام الميكيليوم الحي في البناء يواجه عدة عقبات، أبرزها:
- الاعتماد المحدود في الكودات العالمية للبناء.
- التحمل الإنشائي الضعيف مقارنة بالمواد التقليدية.
- الحاجة إلى تقنيات تصنيع دقيقة لضمان الجودة والتماسك.
مشاريع رائدة استخدمت الميكيليوم الحي
- The Growing Pavilion – هولندا: جناح معماري مصنوع بالكامل من الميكيليوم والخشب، تم عرضه في أسبوع التصميم الهولندي عام 2019، وأثبت أن المواد الحية يمكن أن تكون جميلة وقابلة للاستخدام.
- MycoTree – كوريا الجنوبية: هيكل تجريبي صُمم من الميكيليوم المضغوط، لعرض قدرة هذه المادة على بناء أشكال معمارية جديدة ومستدامة.
هل الميكيليوم هو المستقبل؟
الميكيليوم ليس مجرد مادة جديدة، بل هو اتجاه فلسفي ومعماري نحو إعادة التفكير في العلاقة بين الإنسان والطبيعة. الميكيليوم الحي يمكن أن يصبح حجر الأساس في تصميم المدن الخضراء مستقبلاً، في ظل تطور تقنيات التصنيع الحيوي.

وفي الختام
الميكيليوم الحي لا يُعد مجرد بديل عضوي، بل يُمثل جيلًا جديدًا من مواد البناء الذكية التي تتفاعل مع البيئة وتتكيف مع الاستخدام. بفضل خصائصه التقنية والتكلفة البيئية المنخفضة، يبرز كحل ثوري لمشاريع البناء المستدام والتصميم الداخلي المتجدد.
وبالتالي، يفتح هذا الابتكار آفاقًا جديدة لتطبيقات محلية وعالمية، خاصة في البيئات التي تواجه تحديات بيئية أو موارد محدودة، مما يجعله خيارًا عمليًا واستراتيجيًا للمستقبل.
ArchUp هي منصتك لمتابعة كل ما هو “معماري“: أخبار، تحليلات، وتصاميم من قلب الحركة المعمارية الحديثة.