تجديد موقع الحدث الزراعي السنوي في تشيتومال
لطالما كان الموقع الذي يُقام فيه الحدث السنوي لتربية المواشي والزراعة في مدينة تشيتومال، الواقعة في ولاية كوينتانا رو جنوب شرق المكسيك، مهملًا لفترة طويلة. إلا أن هذا الوضع تغير مؤخرًا مع إعادة تأهيله. تم تحويله إلى معرض متعدد الاستخدامات، يحيط به حديقة حضرية خضراء ومساحات طبيعية مورقة.
الموقع والتصميم
يقع المشروع على أطراف مدينة تشيتومال، ويحده الغطاء النباتي الكثيف لغابة شبه جزيرة يوكاتان الاستوائية، مما يربطه مباشرة بالطبيعة المحيطة. ويتألف التصميم من مجموعة من الأجنحة الدائرية الخفيفة التي تبدو وكأنها تطفو، مزودة بأسقف تحمل نقوشًا هندسية منتظمة. عند النظر إلى هذا التصميم من الأعلى، تبرز صورة مميزة تعطي إحساسًا بالغرابة والابتعاد عن المألوف.
البُعد العملي والاجتماعي
رغم الطابع الفني والفريد للتصميم، فقد تم التخطيط له بعقلانية واضحة. كان الهدف الأساسي ضمان أن تصبح هذه المنشآت جزءًا متكاملاً من المجتمع المحلي. فهي تستجيب لاحتياجاته ومتطلبات رفاهيته، وليس مجرد هيكل بصري فحسب.
موقع الحديقة الجديدة وأهميتها البيئية
يقع المشروع على مساحة واسعة تبلغ حوالي عشرة هكتارات محاطة بالغابات الكثيفة. يجاور ممشى يمتد على طول 20 كيلومترًا بمحاذاة مصب مائي. هذا مكان مفضل للعائلات وراكبي الدراجات والمشاة على حد سواء. الموقع يجمع بين الطبيعة والترفيه، مما يجعله نقطة جذب مجتمعية هامة.
التحديات التصميمية
واجه فريق التصميم تحديًا جوهريًا يتمثل في خلق منشأة متعددة الاستخدامات يمكن تشغيلها على مدار العام. إذ كان لا بد من تصميم هياكل مرنة تستوعب مختلف الفعاليات والاحتياجات المجتمعية، سواء كانت رياضية أو ترفيهية أو ثقافية.
التصميم البيوفيلي والارتباط بالطبيعة
يُبرز المؤسس المشارك للمكتب، رولاندو رودريغيز-ليال، أن المشروع يعكس الالتزام بالتصميم البيوفيلي. هذا توجه معماري يركز على تعزيز العلاقة بين الإنسان والطبيعة. في هذه الحديقة، لا يقتصر الأمر على الاندماج الطبيعي فحسب، بل تتجسد هذه العلاقة من خلال الأشكال المعمارية التعبيرية. هذه تعزز تجربة المستخدم وتربطه بالبيئة المحيطة بشكل ملموس.

الأجنحة المفتوحة ودورها في استضافة الفعاليات
تم تصميم الأجنحة بشكل مفتوح يسمح بتهوية طبيعية، مع توفير ظل كثيف يحمي الزوار من حرارة الشمس الشديدة في المنطقة. هذه الأجنحة ليست فقط مساحات للمعرض السنوي، بل تُعد أيضًا منصة متعددة الاستخدامات لاستضافة فعاليات مجتمعية متنوعة على مدار العام.
المرافق المتكاملة في الموقع
يشمل الموقع مجموعة واسعة من المرافق التي تلبي احتياجات مختلف الزوار، مثل:
- حلبة تتسع لـ 1000 شخص تُستخدم للرياضات والحفلات الموسيقية.
- ملاعب كرة سلة مغطاة تتيح ممارسة الرياضة في أجواء محمية.
- حديقة تزلج تُمثل مساحة ترفيهية للشباب.
- متاجر ومناطق تسوق متنوعة.
- ملعب خاص بالأطفال لتوفير بيئة آمنة للعب.
- ساحة مدنية تجمع المجتمع في مناسبات مختلفة.
- أجهزة تمارين رياضية تعزز النشاط البدني.
تحديات التنفيذ ضمن جدول زمني ضيق
يعتبر هذا المشروع إنجازًا ملموسًا، خاصةً مع وجود قيود صارمة على الميزانية والوقت. فقد أوضح رودريغيز-ليال أن البناء تم وفق جدول زمني صارم استمر لمدة 12 شهرًا فقط. هذا يعكس كفاءة التخطيط والتنفيذ في المشروع.

التفاعل بين التصميم الهندسي والطبيعة
أوضح المصمم أن الهدف الأساسي منذ البداية كان خلق نوع من “التوتر” أو التباين. هذا بين الشكل الدائري للأجنحة والمسارات المتعرجة التي تربط بينها، والمستوحاة من دلتا الأنهار. هذا التباين في الأشكال يعزز تجربة الزوار ويضيف بُعدًا بصريًا وتفاعليًا.
الانفصال عن التخطيط العمراني التقليدي
من خلال السماح للزوار بالتجول بين المساحات الخضراء والمتاهة الطبيعية التي تشكلها المسارات المتعرجة، يمكن لهم الانفصال عن الشبكة العمرانية المنتظمة الصارمة التي تميز مدينة تشيتومال. وهذا يتيح لهم الانغماس الكامل في البيئة الطبيعية المحيطة، مما يعزز شعورهم بالراحة والتواصل مع الطبيعة.

دمج الطبيعة كعنصر أساسي في التصميم
اعتمد التصميم على دمج الطبيعة بشكل جوهري في هوية المشروع. حيث تبرز أشجار السيبا، التي تُعد من الأنواع المحلية ويمكن أن تصل إلى ارتفاع 70 مترًا، لتحدد حدود ساحة كبيرة عند مدخل الحديقة. هذه الأشجار ليست مجرد عناصر نباتية، بل تعمل أيضًا كرموز تمثل البلديات الأحد عشر في ولاية كوينتانا رو. هذا يضيف بُعدًا ثقافيًا وروحيًا للمكان.
التنوع النباتي المحلي ودوره في التجربة البيئية
في أماكن أخرى من الموقع، تم توزيع أنواع نباتية محلية مثل نخيل التشيت وأشجار الموز. هذه الأنواع معروفة بقدرتها على التأقلم والنمو في المناخ الاستوائي للمنطقة. هذا التنوع يعزز من الإحساس بالطبيعة ويخلق بيئة بيئية متكاملة.
الأولوية للظل وتجربة التواجد في الحديقة
يؤكد رودريغيز-ليال على أن التصميم أعطى الأولوية للطبيعة كعنصر مركزي. فقد عمل على أن تكون الهياكل المعمارية مغطاة جزئيًا بالأشجار مع مرور الوقت. هذا لا يقتصر فقط على توفير الظل للزوار وحمايتهم من حرارة الشمس. بل يثري أيضًا تجربة التواجد في حديقة استوائية حقيقية، مما يعزز الراحة والتواصل مع البيئة المحيطة.

استخدام التكنولوجيا الحديثة في تصميم مستوحى من الطبيعة
على الرغم من الطابع الطبيعي والأرضي للمفهوم، اعتمد التصميم على تقنيات هندسية متقدمة مثل الأدوات البرمجية البارامتريكية. هذه التقنيات مكَّنت المصممين من إجراء تكييفات دقيقة ومخصصة لأشكال هندسية معقدة، مثل الموازيين الفائقة (hyperbolic paraboloids). إضافة إلى إمكانية اكتشاف أشكال جديدة تتناسب مع الموقع والوظائف المطلوبة.
الحفاظ على الغطاء النباتي ودوره في تلطيف المناخ
تم التركيز على تقليل كثافة المباني داخل المجمع، مما ساعد في الحفاظ على أكبر قدر ممكن من الغطاء النباتي الأصلي. هذا لا يقتصر فقط على الحفاظ على التنوع البيئي، بل يلعب دورًا مهمًا في تلطيف مناخ الحديقة. هذا مهم خاصة في ظل درجات الحرارة العالية والرطوبة الشديدة التي تشتهر بها المنطقة.
اختيار المواد وتأثيرها البيئي والبصري
يتجلى النهج البيوفيلي في اختيار مواد البناء بعناية فائقة. تم استخدام أعمدة فولاذية باللون الزيتوني الأخضر، وأسقف وبطانة من الطين، إلى جانب تفاصيل خشبية. هذه تساعد على دمج الهياكل بسلاسة مع البيئة الطبيعية المحيطة. بالإضافة إلى ذلك، أضافت نقوش الطوب ملمسًا معماريًا داعمًا للتهوية الطبيعية.
الفعالية الاقتصادية والبيئية للعناصر المعيارية
ساهمت العناصر المعيارية في تقليل التكاليف وأوقات البناء. كما خفضت من الأثر البيئي للمشروع، وذلك بفضل إمكانية تفكيكها بسهولة عند الحاجة. هذا يجعل المشروع أكثر استدامة ومرونة في التعامل مع المتغيرات المستقبلية.
