احتفاء بالحرفية من خلال الكرسي الخشبي النحتي

قدّم المصمّم الأسترالي توم فيريدي بالتعاون مع علامة الأثاث المعروفة Nau، قطعة أيقونية جديدة في عالم الأثاث المعاصر: الكرسي الخشبي النحتي. هذه القطعة ليست مجرد مقعد وظيفي، بل هي أيضًا تعبير قوي عن الخامة والحرفية والتصميم الخالد. كل تفصيل فيها — من انحناءاتها الانسيابية إلى توصيلاتها المكشوفة — يحتفي بجمال الخشب الطبيعي وإمكانياته النحتية عند استخدام تقنيات النجارة التقليدية.

رؤية معاصرة للأثاث الخشبي

يُعد الكرسي الخشبي النحتي جزءًا من مجموعة “كوف” (Cove)، ويتميّز بشكله اللافت. الإطار مصنوع بالكامل من الخشب الصلب، وتبرز فيه الألواح الجانبية الواسعة التي تنحني بلطف نحو الخارج لتشكّل حافة ناعمة في الأعلى. لا تقتصر وظيفة هذه الألواح على البنية فقط، بل تعمل أيضًا كلوحة لعرض أنماط عروق الخشب المميزة، مما يمنح الكرسي عمقًا بصريًا وتجربة حسية فريدة.

أسطوانات خشبية أفقية تربط بين الألواح الجانبية وتُشكّل دعمًا للمقعد، ما يضفي على التصميم إيقاعًا معماريًا بصريًا يجمع بين الخفة والصلابة. وتساهم هذه البنية المفتوحة والرصينة في خلق هيئة أنيقة للكرسي، الذي يبدو جذّابًا من جميع الزوايا — في تجسيد مثالي لمفهوم التصميم بزاوية 360 درجة.

احتفاء بالأنماط الطبيعية الفريدة

تعكس فلسفة فيريدي في التصميم نهجًا يعلي من قيمة الخامة. فعوضًا عن إخفاء الوصلات أو توحيد عروق الخشب، يحتفي الكرسي الخشبي النحتي بالتفرّد وعدم التماثل. استخدام الألواح الواسعة وغير المتقطعة من الخشب يعني أن كل كرسي يصبح قطعة فريدة من نوعها، تحمل في داخلها قصة الشجرة التي جاءت منها. النتيجة هي تنوّع طبيعي يعزّز من أصالة التصميم.

وتؤكد Nau أن لا يوجد كرسيان متشابهان، مما يكرّس قيمة الشفافية في التصميم وأساليبه الحرفية. كما أن استخدام الأخشاب المستدامة والتشطيبات اليدوية يضفيان بعدًا أخلاقيًا على التصميم، يتماشى مع الطلب المتزايد على الاستدامة في التصميم.

حرفية تستند إلى التقاليد

ما يجعل الكرسي الخشبي النحتي استثنائيًا هو اعتماده الكامل على تقنيات النجارة التقليدية. تُستخدم وصلات “مورتس آند تنون” (mortise and tenon)، والانحناءات المصقولة يدويًا، والتوصيلات بواسطة الدبابيس الخشبية، بدقة فائقة. هذه الطرق، على الرغم من كونها أكثر استهلاكًا للوقت مقارنة بالأساليب الصناعية، إلا أنها تنتج أثاثًا طويل العمر وتحافظ على صلة عميقة بالحرف اليدوية.

ولا تُعد الحرفية هنا مجرد عنصر زخرفي، بل هي هيكلية وأساسية، حيث تساهم طريقة تداخل الخشب وتماسكه وتدفقه في تعزيز الجمالية والوظيفة في آنٍ معًا.

راحة تُكمل البنية

رغم الإطار الصلب، لم يتم التضحية بالراحة. يأتي الكرسي الخشبي النحتي مزوّدًا بوسائد ناعمة مملوءة بالريش، توفّر تباينًا مريحًا مع صلابة الهيكل الخشبي. هذه الوسائد، المُوضوعة بعناية فوق الإطار، تُكسى بأقمشة عالية الجودة متوفّرة بدرجات لونية طبيعية، تتناغم مع الإلهام العضوي للتصميم.

ورغم أن الوسائد ليست ضخمة، إلا أنها تحافظ على أناقة التصميم وتمنح دعمًا مريحًا للجسم. وهذا التوازن بين البساطة البصرية والراحة الجسدية هو من سمات فلسفة فيريدي في التصميم.

رؤية جمالية موحّدة

تتضمن مجموعة “كوف” إلى جانب الكرسي، أريكة وطاولة قهوة أيضًا. وتعكس هذه القطع نفس اللغة البصرية — أشكال نحتية، وصلات دقيقة، وخشب طبيعي كمادة رئيسية. سواء تم استخدامها بشكل منفصل أو كمجموعة، فإنها توفّر حضورًا بصريًا قويًا للمساحات الداخلية العصرية.

وتتجذر الهوية الجمالية للمجموعة في الطبيعة، ومع ذلك فإنها مصقولة بما يكفي لتناسب الطراز المعماري الحديث. وهي مثالية للمشاريع السكنية والضيافة التي تبحث عن الحد الأدنى الدافئ مع لمسة نحتيّة واضحة.

الخشب في العمارة الداخلية المعاصرة

من الناحية المعمارية، يدخل الكرسي الخشبي النحتي في حوار بصري مع المساحات الداخلية. شكله يُذكّر بالعناصر البنيوية في العمارة الخشبية — الأعمدة، العوارض، والوصلات المكشوفة بتناغم إيقاعي. لذلك، فهو قطعة مناسبة للمساحات التي تعطي الأولوية للمواد الطبيعية والحرفية والتجربة الحسية.

في المساحات المفتوحة أو التصميمات الداخلية البسيطة، يتحوّل الكرسي إلى نقطة محورية — منحوتة قائمة بذاتها تدعو للجلوس. أما في البيئات الأكثر تقليدية أو ريفية، فإن ألوانه الخشبية الطبيعية وتفاصيله الدقيقة تضيف لمسة من الرقي.

الخلاصة: لماذا يُعتبر هذا التصميم مهمًا

يُعد الكرسي الخشبي النحتي من تصميم توم فيريدي لعلامة Nau أكثر من مجرد منتج — إنه بيان مبدئي. فهو يتحدى أنظمة الإنتاج السريع من خلال تبني الحرف اليدوية، والتفرّد الخامات، والتقنيات التقليدية. ويُعيد وضع الأثاث ككائنات تعبّر عن الزمن والمكان والهوية في زمن تسوده السرعة والنسخ.

ومع توجّه عالم التصميم نحو الاستدامة والصدق في المواد وذكاء التصميم، تذكّرنا قطع مثل هذه بقوة البساطة والجودة والقصص المخبأة في المواد الطبيعية.

هذا ليس مجرد كرسي — بل هو إيماءة معمارية، شكل نحتي، وتأمّل في الطبيعة والحرفة والراحة. تكمن أهميته في مقاومته للزمن، واحتفائه بالديمومة — وهو شيء لا يمكن للخوارزميات أو الذكاء الصناعي تلخيصه في جملة واحدة.

لكل من يبحث عن مصدر معماري موثوق ومواكب، ArchUp يقدم محتوى متجدد يغطي المشاريع والتصميم والمسابقات.

للمزيد على ArchUp:

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *