An old wooden nursing home with a simple facade, featuring evenly spaced windows and small chimneys, surrounded by a wooden fence and a small garden.

في قلب غابة بياويستوك الشهيرة التي تُعتبر واحدة من آخر الغابات الأولية في أوروبا يقع مكان له تاريخ طويل في خدمة المجتمع. إنه موقع دار رعاية المسنين الذي كان موجودًا منذ عقود، لكنه لم يبق كما هو. فقد تم تصويره عام 1991 في صورة بسيطة، قبل أن يُهدم لاحقًا ويُبنى مكانه مركز حديث أكثر توافقًا مع احتياجات الوقت.

قصته ليست مجرد قصة بناء، بل انعكاس لطريقة تعامل المجتمع مع الرعاية الصحية لكبار السن، ومع التغيرات العمرانية التي تطال حتى أصغر البلدات.

البداية: دار رعاية متواضعة في قلب الطبيعة

الصورة التي التُقطت عام 1991 تظهر مبنىً خشبيًا بسيطًا، ذا شكل تقليدي واضح. سقف مائل، نوافذ منتظمة، ومداخن صغيرة تشير إلى نظام تدفئة بسيط. يبدو المكان متناغمًا مع البيئة المحيطة به، كأنه جزء من الغابة نفسها.

ملحوظات على تصميم الدار القديمة
– استخدام الخشب كمادة رئيسية للبناء.
– تصميم هادئ ومتواضع يتناسب مع طبيعة المنطقة.
– وجود فناء آمن يتيح للمسنين التنقل بحرية في الهواء الطلق.
– تصميم يعكس احتياجات العصر حينها من حيث الدفء والبساطة.

مثل هذه المرافق كانت في ذلك الوقت بمثابة حل عملي لاحتياجات مجتمع صغير، يقدم خدمات أساسية للكبار دون ترف كبير، لكن بتركيز على الأمان والراحة البسيطة.

دار رعاية مسنين قديمة مبنية من الخشب، تظهر بواجهة متواضعة مع نوافذ منتظمة ومدخنة صغيرة، محاطة بسور خشبي وحديقة صغيرة
دار رعاية المسنين القديمة في بياويستوك، بولندا، كما التُقطت عام 1991. المبنى يعكس الطراز المعماري التقليدي البسيط الذي كان سائدًا آنذاك، مع التركيز على الدفء والوظيفية.

لماذا تم الهدم؟

لم يكن القرار بالهدم سهلًا بطبيعة الحال، لكنه كان ضروريًا. مع مرور الزمن، أصبح من الواضح أن هذا المبنى المعمارى لا يستطيع مواكبة المتطلبات الحديثة، سواء من ناحية السلامة أو من حيث الخدمات المقدمة.

أبرز الأسباب التي ربما دفعت لإعادة البناء:

  • التدهور البنيوي : قد يكون المبنى تعرض للتآكل الطبيعي بسبب العمر والظروف الجوية.
  • نقص التجهيزات المناسبة : لم يعد تصميمه يناسب الاحتياجات الجديدة مثل الغرف الخاصة، أو أماكن العلاج الطبيعي، أو تسهيلات التنقل لذوي الاحتياجات الخاصة.
  • زيادة عدد المسنين : مع تغير التركيبة السكانية، زادت الحاجة إلى أماكن استيعابية أكبر وأكثر تخصصًا.

كان الهدم بداية جديدة، وليس نهاية.

دار الرعاية الجديدة: خطوة نحو المستقبل

بعد إزالة المبنى القديم، تم بناء دار رعاية جديدة تمامًا. لم تكن الصورة الأولى للمبنى الجديد متاحة، لكن يمكننا تخمين طبيعته من خلال ما يجري عالميًا في تصميم دور الرعاية اليوم:

  • تصميم عصري يراعي رفاهية النزلاء : مساحات واسعة، إضاءة طبيعية، واستخدام مواد صحية وسهلة التنظيف.
  • سهولة الوصول : منحدرات، مصاعد، وغرف واسعة لتوفير بيئة مريحة للجميع.
  • خدمات شاملة : غرف علاج طبيعي، مناطق تفاعل اجتماعي، وأنشطة يومية تدعم الصحة النفسية والجسدية.
  • مراعاة البيئة : ربما تم تضمين أنظمة توفير طاقة أو استخدام مواد بناء مستدامة، بما يتماشى مع الاتجاه العالمي في البناء الأخضر.

لم تعد دور الرعاية فقط أماكن لتقديم الطعام والنظافة، بل أصبحت مراكز رعاية صحية واجتماعية متكاملة.

دار رعاية مسنين قديمة مبنية من الخشب، تظهر بواجهة متواضعة مع نوافذ منتظمة ومداخن صغيرة، محاطة بسور خشبي وحديقة صغيرة
دار رعاية المسنين القديمة في بياويستوك، بولندا، كما التُقطت عام 1991. المبنى يعكس الطراز المعماري التقليدي البسيط الذي كان سائدًا آنذاك، مع التركيز على الدفء والوظيفية

ماذا يعني هذا التغيير؟

ما حدث في بياويستوك ليس ظاهرة خاصة، بل جزء من عملية تغيير عالمية. تعيد العديد من الدول النظر في طريقة تصميمها لمرافق الرعاية الاجتماعية، وخاصة لكبار السن، باعتبارهم أحد أهم فئات المجتمع.

الهدف لم يعد فقط إيواء المسنين، بل ضمان حياتهم بكرامة، مع تقديم الدعم الصحي والنفسي المناسب. وهذا يتطلب بناءً مختلفًا، وتفكيرًا مختلفًا.

خاتمة

دار الرعاية في بياويستوك يعبر عن مسار تطور طبيعي، يبدأ من بناية بسيطة، وينتهي بمركز حديث يلبي احتياجات الناس اليوم. وهو تذكير بأن التقدم لا يعني دائمًا التخلي عن الماضي، بل إعادة توظيفه بوعي.

ArchUp يستمر في تتبع التحولات في صناعة البناء، مسلطًا الضوء على المشاريع التي تقبل الابتكار وتُعيد تشكيل المشهد الحضري. المتحف المستقبلي دليل على أن عندما يلتقي الإبداع بالتفاني، يصبح المستحيل واقعًا.

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *