الليجو ليست لعبة فقط، بل أداة لفهم العمارة
في عالم تُبنى فيه الأفكار بالمسطرة والقلم، يظهر مشروع مدهش يعيد تعريف الطريقة التي ننظر بها إلى التصميم المعماري. بـ 150 ألف قطعة ليجو، استطاع ريتشارد باولز أن يحوّل هواية طفولته إلى نموذج دقيق لمطار رونالد ريغان الدولي في واشنطن، ليثبت أن الليجو يمكن أن يكون أكثر من مجرد لعبة — يمكنه أن يكون أداة لفهم الفراغات، ودراسة العلاقات المعمارية، وحتى إلهام المصممين .
كيف يتحول الليجو إلى نموذج معماري حقيقي؟
غالبًا ما يُستخدم الليجو كوسيلة لإطلاق العنان للخيال، لكن باولز جعل منه أداة بناء دقيقة. النموذج ليس تقليدًا سطحيًا للمطار، بل إعادة تفسير ثلاثية الأبعاد لتصميمه الداخلي والخارجي، بما في ذلك:
- السقوف المنحنية والنوافذ الزجاجية الكبيرة.
- تنظيم المساحات الداخلية بدقة: من بوابات الصعود إلى صالة الحقائب.
- حتى التفاصيل الصغيرة مثل الأرضيات والنقوش تم محاكاتها بدقة.
ما يجعل هذا المشروع مميزًا هو أنه لا يقلد الشكل فقط، بل يُظهر فهمًا عميقًا للبنية المعمارية وكيفية تنظيم المساحات داخل مبنى عام معقد كالمطار .

العمارة ليست فقط في البناء بل في التجربة
عندما تصمم مبنى، خاصةً في أماكن مثل المطارات، لا تفكر فقط في الجدران والسقف، بل أيضًا في كيف سيتحرك الإنسان داخل هذا المكان، وكيف سيتفاعل معه . وهذا بالضبط ما استطاع باولز تحقيقه بمشروعه.
النموذج يحمل في طياته قصة مرور: من دخول المسافر إلى المطار، مرورًا بالانتظار على المقاعد، وصولًا إلى بوابة الصعود أو منطقة استلام الحقائب. كل خطوة مرسومة بدقة، كما لو أنك تشاهد رسمًا معماريًا حيويًا ثلاثي الأبعاد .

تحديات التصميم: بين الواقع والليجو
استغرق المشروع حوالي 9 أشهر من العمل المتواصل، ولم يكن سهلاً بأي شكل. كان على باولز أن يتعامل مع:
- الوزن الكبير للنموذج (حوالي 120 رطلاً).
- التعقيد البنيوي بسبب الهياكل المنحنية وغير المنتظمة.
- التنقل به ونقله دون أن يتضرر.
هذه ليست فقط تحديات شخصية، بل تحديات تنفيذية وتقنية تشبه تمامًا تلك التي يواجهها المهندسون المعماريون في المشاريع الحقيقية .

الليجو كأداة دراسية في العمارة؟
هل يمكن استخدام الليجو في التعليم المعماري؟ يبدو السؤال غريبًا، لكن مشروع كهذا يفتح أبواباً جديدة أمام هذه الفكرة. إليك كيف يمكن استخدام الليجو في تعليم العمارة:
الاستخدام | الفائدة |
---|---|
بناء نماذج أولية | فهم أفضل للعلاقات بين المساحات |
تعلم التنظيم الداخلي | عبر إعادة إنشاء أماكن حقيقية |
تطوير الإبداع | بدون اعتماد كامل على البرامج الرقمية |
تحسين التفكير المجسم | من خلال العمل اليدوي ثلاثي الأبعاد |
إذا كان يمكنك إعادة بناء مطار كامل بقطع بلاستيكية، فأنت لا تلعب فقط. أنت تتعلم وتُنتج .

الفكرة الأكبر: العمارة في كل مكان
هذا المشروع يذكرنا بأن العمارة ليست فقط في المباني الشاهقة أو المواد الفاخرة، بل هي في كيفية النظر إلى المكان وإعادة تخيله . وباستخدام الليجو، أصبحت العمارة أكثر قربًا، وأكثر إنسانية.
الناس الذين يعبرون مطار ريغان يوميًا قد لا يلاحظون تفاصيل تصميمه، لكن عندما يرون نموذجه المصغر، يكتشفونه بطريقة جديدة. هذه اللحظة الصغيرة — الوقوف أمام نموذج من قطع الليجو قد تكون بداية لفهم أعمق لما حولنا.
العمارة لا تحتاج دائمًا إلى أدوات متقدمة أو مواد باهظة. أحيانًا، كل ما يحتاجه المصمم هو نظرة ثاقبة، وحب للتفاصيل، وربما… بعض قطع الليجو.

✦ نظرة تحريرية على ArchUp
يستعرض المقال كيف تحول الليجو من لعبة للأطفال إلى وسيلة للتعبير المعماري، عبر التركيز على النموذج الدقيق لريتشارد باولز لمطار ريغان الدولي. يعكس المشروع دقة مذهلة في التقاط العناصر البنائية والفراغية، ويُظهر فهمًا عميقًا لتصميم المساحات العامة. مع ذلك، غاب عن المقال مناقشة أوسع حول الاستدامة أو الأثر المستقبلي للاستخدام غير التقليدي في العمارة. رغم ذلك، يقدم المشروع عدسة مختلفة لفهم الديناميكيات الفراغية والتعبير بالمادة بطريقة مبتكرة.
تسعى منصة ArchUp إلى توثيق المسار المعماري والعمراني في العالم العربي، من خلال محتوى تحريري دقيق، وتحليلات غنية تعكس عمق التصميم وتنوع المدارس المعمارية. يدير التحرير فريق متخصص يحرص على تغطية كل جديد في المجال، ويمكنكم دائمًا معرفة المزيد عن فريق المحررين، أو التواصل معنا للمساهمة أو المشاركة في بناء هذا الأرشيف المعرفي المفتوح.