منارة متألقة للاكتشاف العلمي في كاوناس
قدّمت شركة SMAR للهندسة المعمارية علامة معمارية جريئة في مدينة كاوناس الليتوانية مع إنجاز متحف جزيرة العلوم. يقع هذا المعلم المعاصر بجوار نهر نيموناس، ويطل على المركز التاريخي للمدينة، ويجمع بين الهندسة المتقدمة والرمزية الهادئة. في قلب التصميم، قرص ألمنيوم مائل يبلغ قطره 25 مترًا، حوّل سقف المبنى إلى “شمس جديدة” للمدينة.
السياق والنشأة التصميمية
يمتد المشروع على مساحة 15,000 متر مربع في أرض منحدرة مغطاة بالحدائق، مما ساعد المعماريين على دمج المبنى بانسيابية مع الطبيعة المحيطة. شركة SMAR، التي لها مكاتب في أستراليا وإسبانيا، فازت بالمشروع من خلال مسابقة دولية نظمتها شركة Malcolm Reading Consultants، والتي كانت الأكثر شهرة في تاريخ ليتوانيا، حيث استقطبت 144 مشاركة من 44 دولة.
استغرق تحويل الفكرة إلى واقع سبع سنوات، ليصبح المتحف اليوم وجهة حضرية نابضة بالحياة للثقافة والتعليم والتفاعل المجتمعي.
وظائف معمارية تتجاوز الشكل الخارجي
يضم المبنى داخليًا مجموعة متنوعة من الوظائف، منها معرض دائم يحتوي على 140 قطعة، ومعرض مؤقت، وقبة سماوية (بلانيتاريوم)، ومساحات تعليمية وثقافية، إضافة إلى مقهى عام. لكن أحد أبرز إسهاماته المعمارية يكمن في تصميم السقف الفريد.
فالسقف لا يقتصر على كونه غطاءً للمبنى، بل يتحول إلى مساحة عامة منحدرة يمكن استخدامها كمنصة للعروض، وساحة تزلج، ومنطقة جلوس، مما يجعل المتحف مركزًا تفاعليًا مفتوحًا للجميع.
الرمزية والهندسة في القرص الألمنيومي
في قلب التصميم، يبرز قرص متوهج مائل مصنوع من الألمنيوم، ويعمل كبوابة علوية تؤدي إلى صالة العرض، ويؤدي دورًا رمزيًا يعكس الاستمرارية العلمية. في الليل، يشع هذا القرص ليخلق منارة مرئية من جميع أنحاء المدينة.
قالت بيلين بيريز دي خوان، الشريكة المؤسسة لشركة SMAR: “كان هدف القرص هو إنشاء معلم بصري متواضع ينسجم مع الحديقة وفي الوقت نفسه يكون مرئيًا من المدينة. شمس جديدة لمدينة كاوناس، تعكس أن الشمس لا تغيب أبدًا عن العلم”.
للمزيد على ArchUp:
المواد والتجربة الظاهراتية
القرص هو إنجاز هندسي بحد ذاته، يزن 250 طنًا ويرتكز على نقطتين فقط، مما تطلب حلولًا إنشائية متقدمة. تم تغليفه بألواح من الألمنيوم المعاد تدويره، خضعت لمعالجة ضبابية تعكس البيئة المحيطة بطريقة غير مباشرة.
أوضح فرناندو خيري، الشريك المؤسس في SMAR، قائلاً: “تستخدم ألواح القرص معالجة ضبابية لتجسيد السياق، فتلتقط أفق المدينة القديمة والضوء. هذا التأثير لا يعكس المشهد كمرآة، بل يشبه لوحة انطباعية”.
الإضاءة والشفافية وجودة المساحات الداخلية
يشمل التصميم أيضًا مناطق تشغيلية خلفية مثل المختبرات والمكاتب، والتي زُودت جميعها بضوء طبيعي وإطلالات على الحديقة، مما يعكس التزام المكتب بالراحة الشاملة لجميع المستخدمين، من الزوار إلى فريق العمل.
تتسم المساحات الداخلية بالبساطة والانسيابية، مع توزيع مدروس للضوء غير المباشر. هذا النهج يترك مجالًا للأعمال والمعروضات لتكون هي المحور، دون تشتيت بصري، ويُحافظ على انسجام تصميمي واضح.
الحضور العالمي لـ SMAR Architecture Studio
تأسست SMAR عام 2011 على يد فرناندو خيري وبيلين بيريز دي خوان، وقد تخصصت الشركة في تصميم المتاحف الفنية والعلمية حول العالم. يجمع أسلوبهم بين التفاعل المجتمعي والتعبير الرمزي، ويوازن بين الدقة التقنية والتأثير الشعوري. ومع متحف جزيرة العلوم، عززوا مكانتهم كروّاد في تقديم عمارة تربط الناس بالعلم من خلال التصميم.
خاتمة: ضوء مدني جديد في سماء ليتوانيا
لا يُعتبر متحف جزيرة العلوم مجرد مركز ثقافي، بل هو بيان معماري حول مستقبل الفضاءات العامة ودور العلم في المجتمع. بتحويل مبنى إلى لفتة مدنية — شمس تنهض من الأرض — قدمت SMAR لمدينة كاوناس هيكلًا يدعو إلى الفضول والتأمل والمشاركة.
وفي وقت تستثمر فيه ليتوانيا في بنى تحتية ثقافية متقدمة، يضع هذا المتحف معيارًا عاليًا للعمارة المعبرة، والجريئة تقنيًا، والشاملة اجتماعيًا.
لكل من يبحث عن مصدر معماري موثوق ومواكب، ArchUp يقدم محتوى متجدد يغطي المشاريع والتصميم والمسابقات.
الصور: لوكاس ميكولايتيس