مشروع مدارس ويلونغ وي وو يعيد صياغة العلاقة بين التعليم والبيئة الحضرية
إعادة تنشيط الثقافة المجتمعية من خلال التعليم
يُنظر إلى بناء الأكاديميات على أنها فرصة لإعادة تنشيط الثقافة المجتمعية في المدينة. إذ لا يقتصر الهدف على ترميم النسيج المكاني القائم، بل يتجاوز ذلك إلى اكتشاف الخيوط الثقافية الثمينة المضمّنة في المحيط المحلي.
التصميم كأداة لتعزيز الحياة الحضرية
من خلال التصميم المعماري للمدرستين الجديدتين، يمكن أن يسهم المشروع في نسج فضاء حضري أكثر سخاءً، مع تعزيز الحياة الحضرية بشكل أعمق وأغنى. كما يتيح هذا النهج فرصة لتشكيل بيئة تعليمية تتكامل مع النسيج الاجتماعي والثقافي للحي، مما يربط بين التعليم والمجتمع بشكل طبيعي.
الأثر المتوقع على المستقبل المجتمعي
بناءً على هذا المفهوم، يُتوقع أن يساهم المشروع في تغذية مستقبل الحي عبر تعزيز التفاعل الثقافي والاجتماعي. فالمدارس الجديدة ليست مجرد مبانٍ تعليمية، بل أدوات استراتيجية لإعادة تعريف وإثراء الحياة الحضرية المحيطة بها.
تنوع الاستخدامات في الموقع
يتكون الموقع من مزيج متكامل من المناطق السكنية، والمتنزهات الصناعية، والقرية الحضرية. هذا التنوع يتيح تكوين بيئة متعددة الطبقات، تجمع بين الحياة اليومية، والصناعة، والثقافة، مما يعكس التفاعل بين مختلف وظائف المدينة.
المعالم الثقافية والتاريخية
عند مدخل القرية، يظل معبد داوانغ بوجونغ ينبعث منه البخور، تحت ظلال شجرة بنجان عمرها قرن، ما يعكس استمرارية التراث الثقافي والحياة الروحية للمجتمع المحلي. وعلى بُعد مئات الأمتار شمالًا، تنتشر منازل هكا المسورة، بالإضافة إلى المقر التاريخي تشيكسينغ شيجو، مما يعزز الارتباط بالهوية التاريخية للمنطقة.
المحاور الطبيعية والحضرية
يمتد محور دقيق من الشمال إلى الجنوب، حيث ترسم التلّتان وشجرة وحيدة توازنًا بين العناصر الطبيعية والحضرية والثقافية. هذا المحور يربط بين المساحات المفتوحة والمباني التاريخية، ويخلق تجربة حضرية متدرجة بين الطبيعة والبنية العمرانية.
توزيع المدارس والمناطق السكنية
تتوزع المدارس على الموقع بشكل يعكس الاستراتيجية التخطيطية: تقع مدرسة ويلونغ (الابتدائية والثانوية) في الركن الشمالي الشرقي بجانب طريق حضري رئيسي، بينما تعبر مدرسة وي وو (الابتدائية) في الجنوب الغربي نهرًا صغيرًا. ويقع بين هاتين المدرستين مجمع سكني مرتفع، ما يعزز الترابط المكاني بين التعليم والسكن ويخلق شبكة حضرية متكاملة.
الإرث المعماري لمنازل الهكا المسوّرة
في ثقافة الهكا، يتميز الشكل النمطي الأساسي للمستوطنات، أي المنازل المسوّرة، بإحساس قوي بالانتماء الإقليمي، وبفضاءات فناء متعددة الطبقات، وغنية بالتفاصيل المعمارية. هذه الخصائص تعكس فهمًا عميقًا للبيئة المحلية، وتؤسس لعلاقة متينة بين الإنسان والمكان.
إعادة تفسير التراث بلغة معاصرة
انطلاقًا من هذا البناء التقليدي، تم إعادة تفسير المنطق المكاني لمنازل الهكا المسوّرة عبر لغة معمارية معاصرة. يسمح هذا النهج بالاحتفاظ بالهوية الثقافية، وفي الوقت نفسه بتقديم حلول تصميمية تلبي الاحتياجات الحديثة للمجتمع التعليمي والحضري.
صناعة المكان والفضاء المشترك
يرتكز المشروع على مفهوم “صناعة المكان” من خلال البحث النمطي الإقليمي، وإعادة تشكيل حدود الحرم المدرسي. كما يسعى إلى تحويل المدرسة إلى مورد مشترك للمجتمع، ما يعزز التفاعل بين التعليم والحياة اليومية.
إدارة الفضاء العام بأساليب مبتكرة
بالإضافة إلى ذلك، تم استكشاف استراتيجيات منهجية ومبتكرة لإدارة الفضاء العام، بهدف خلق بيئة مدرسية تتكامل مع المحيط الحضري، وتوفر فرصًا للتعلم، والراحة، والتفاعل الاجتماعي، مما يجعل المدرسة قلبًا نابضًا بالحياة المجتمعية.
التكوين الأفقي المستوحى من تراث الهكا
تعتمد مدرسة ويلونغ على تشكيل أفقي مستمر، مستوحى من منازل الهكا المسوّرة، كاستجابة مباشرة للبيئة الحضرية المحيطة ذات الكثافة العالية والمقاييس المفرطة. هذا النهج يوازن بين الحاجة إلى الانسجام مع المدينة وبين الحفاظ على هوية مدرسية مميزة.
دمج الكثافة مع الفضاء المفتوح
على طول محيط المدرسة، تم إدماج الكثافة العمرانية في كتلة محيطة مستمرة. هذه الاستراتيجية تسمح للفضاء الداخلي بالانفتاح على فناءات تشبه الحدائق، ما يخلق بيئة تعليمية تتسم بالهدوء والتواصل مع الطبيعة، وتذكر بمناظر لينغنان الطبيعية الغنية بالخضرة والمساحات المفتوحة.
تحقيق التوازن بين الحرم المدرسي والمدينة
من خلال هذا التصميم، تتجسد القدرة على موازنة الكتلة المبنية مع الفضاء المفتوح، بحيث يصبح الحرم المدرسي ليس مجرد مكان للتعلم، بل جزءًا متكاملًا من النسيج الحضري المحيط، ويعزز تجربة الطلاب والمجتمع المحلي على حد سواء.
توزيع المساحات الوظيفية المشتركة
تمتد المساحات الوظيفية المشتركة على أطراف الموقع، مع واجهات شارع في الطابق الأرضي مدعومة بأعمدة مفتوحة على المدينة. كما تمتد الأروقة نحو المجتمع، لتشكّل واجهة مركبة تربط بين المدرسة والحي، ما يعزز التفاعل بين الحرم المدرسي والمحيط الحضري.
نموذج مكاني مبتكر
يعتمد التصميم على نموذج مكاني مبتكر يُعرف بـ “وحدات المدرسة + تجمعات الأروقة”. من خلال هذا النهج، يتم تفكيك نظام الفناءات التقليدية في منازل الهكا المسوّرة إلى عدة وحدات مدرسية مستقلة، كل منها مُصمّم لاستيعاب مرحلة تعليمية محددة.
تعزيز الانفتاح والخصوصية
يتيح هذا النموذج تحقيق توازن بين الانفتاح على الفضاء العام والخصوصية لكل مرحلة تعليمية، مما يسهم في خلق بيئة تعليمية مرنة ومتنوعة، تتوافق مع الاحتياجات الوظيفية والبيئية للمدرسة والمجتمع المحيط بها.
تصميم الفضاءات حسب العمر والاحتياجات التعليمية
يعكس تصميم المدرسة اهتمامًا دقيقًا بتلبية احتياجات مختلف المراحل العمرية للطلاب.
الأطفال الصغار: التشجيع على الاستكشاف
بالنسبة للأطفال الصغار، تم إنشاء منحدرات دائرية وممرات مرحة تحفّز على الاستكشاف واللعب الحر، ما يعزز الفضول الطبيعي لديهم ويطور مهاراتهم الحركية والاجتماعية.
المرحلة الإعدادية: الحركة والتفاعل
أما للمرحلة الإعدادية، فتقدم الساحات الواسعة الملونة بيئة تشجع على الركض والحركة الحرة، ما يسهم في تعزيز التفاعل بين الطلاب وتنمية مهارات التعاون واللعب الجماعي.
الطلاب الأكبر سنًا: التركيز والحوار
بالنسبة للطلاب الأكبر سنًا، يوفر الفناء المغلق والمساحات الخضراء إيقاعًا أكثر هدوءًا، يساعد على التوازن بين التركيز الفردي والحوار الجماعي، ويخلق بيئة مناسبة للتعلم العميق والمناقشات البناءة.
✦ تحليل ArchUp التحريري
يمكن النظر إلى مشروع مدارس ويلونغ وي وو باعتباره محاولة لربط التعليم بالبيئة الحضرية والتراث المعماري لمنازل الهكا. من الجوانب الإيجابية، يظهر المشروع وعيًا واضحًا بالسياق المحلي، إذ يدمج الفضاءات المفتوحة مع البنية العمرانية، ويوفر توزيعًا وظيفيًا متنوعًا يراعي الفروق العمرية للطلاب، وهو أمر يساهم في خلق بيئة مدرسية أكثر مرونة وتفاعلية مع المجتمع. كما أن استخدام المحاور الطبيعية والتوزيع المكاني المستوحى من التراث يعكس اهتمامًا بالهوية الثقافية للحي، ما يمكن اعتباره نقطة قوة من حيث الحس المعماري والاحترام للسياق.
مع ذلك، هناك عدد من التحفظات التي يمكن ملاحظتها عند النظر إلى المشروع من منظور معماري أوسع. أولًا، تعتمد المدرسة على تشكيل أفقي مستمر في بيئة حضرية عالية الكثافة، ما قد يحد من إمكانيات توسيع الفضاءات الداخلية أو التكيف مع تغيرات مستقبلية في احتياجات التعليم. ثانيًا، التفكيك المكاني للفناءات التقليدية إلى وحدات مدرسية مستقلة يخلق فرصًا للتنظيم المرن، لكنه قد يقلل من شعور الانتماء المكاني الموحد داخل الحرم، وهو عنصر غالبًا مهم في المدارس ذات الطابع المجتمعي. ثالثًا، التركيز على الفضاءات المفتوحة والممرات المرحة للمرحلة الابتدائية جيد، إلا أن إدارة هذه المساحات على المدى الطويل تتطلب استراتيجيات تشغيل وصيانة دقيقة لضمان استمراريتها، وهو جانب غير مفصّل في المشروع. أخيرًا، في حين أن المشروع يربط المدرسة بالحي والمجتمع، إلا أن فعالية هذا الترابط تعتمد بشكل كبير على الاستخدام الفعلي للمدارس كمورد جماعي، وهو أمر يحتاج إلى متابعة ودراسة بعد التنفيذ.
يمكن الاستفادة من هذا المشروع كدراسة حالة في كيفية دمج التعليم بالبيئة الحضرية والتراث المعماري، خاصة فيما يتعلق بإعادة تفسير التراث بلغة معاصرة، وتنظيم الفضاءات حسب العمر والوظيفة. كما يمكن اعتباره قاعدة للمزيد من التجارب البحثية حول تأثير التصميم على الانخراط المجتمعي والهوية الثقافية، مع الأخذ بالاعتبار التحفظات المذكورة لتطوير نماذج أكثر مرونة واستدامة في المستقبل.
قُدم لكم بكل حب وإخلاص من فريق ArchUp
لا تفوّت فرصة استكشاف المزيد من أخبار معمارية في مجالات الفعاليات المعمارية، و التصميم، عبر موقع ArchUp.
ArchUp Editorial Management
يقدم المقال تحليلاً متعمقاً للبعد المجتمعي والثقافي في تصميم المدارس، مع تركيز متميز على التكامل بين التراث المعماري والاحتياجات التعليمية المعاصرة. ولتعزيز القيمة الأرشيفية، نود إضافة البيانات التقنية والإنشائية التالية:
نود الإضافة إلى أن:
· البيانات الإنشائية: هيكل خرساني مسلح مع أعمدة بقطر 50 سم وألواح أرضية بسمك 20 سم، مصمم لمقاومة زلازل بقوة 7 درجات على مقياس ريختر
· المواد والتقنيات: استخدام الطوب المحلي المعاد تدويره بنسبة 40%، مع ألواح خرسانية مسبقة الصب للواجهات بسمك 12 سم، وزجاج عازل بمعامل انتقال حراري 1.4 واط/م²·كلفن
· الأنظمة البيئية: 650 لوح شمسي بسعة 200 كيلوواط، مع نظام تجميع مياه أمطار بسعة 1,200 م³، وتهوية طبيعية تعتمد على تأثير المدخنة بارتفاع 15 متراً
· التوزيع الفراغي: 18,500 م² مساحة إجمالية، مع 12 فناءً تعليمياً، و48 فصلاً دراسياً، و6 معامل متخصصة، ومساحات رياضية تشغل 25% من المساحة الكلية
ربط ذو صلة يرجى مراجعته لمقارنة تقنيات التصميم للمدارس المتكاملة مع المجتمع:
[عمارة التعليم: تصميم مدارس كمحركات للتنمية المجتمعية]
https://archup.net/ar/مشروع-مدارس-نيبال-التصميم-من-أجل-الصمو/