مصباح Nola: تمثال ضوئي من الكريستال والحجر
يستمر المصمم الأسترالي توم فيريداي في طمس الحدود بين الأجسام الوظيفية والأشكال النحتية، مع إطلاق مصباح Nola لصالح علامة التصميم Nau. باستخدام الكريستال المصبوب يدويًا والحجر الصلب المنحوت، ابتكر فيريداي قطعة إضاءة تنضح بالسكينة والخلود والملمس الفاخر.
وعلى عكس المصابيح الجانبية التي تُعد غالبًا مجرد إكسسوارات، يرتقي مصباح Nola بالإضاءة إلى مستوى البيان الجمالي – قطعة شعرية تُشع ضوءًا هادئًا بدلاً من أن تضيء ببساطة. إنها ليست مجرد قطعة تصميم، بل تأمل مادي في الهدوء والحضور الدائم والحسية الراقية.
شكل متناغم: حيث يلتقي الضوء بالنحت
عند النظرة الأولى، يبدو مصباح Nola كقطعة هادئة وبسيطة. لكن قوته الحقيقية تكمن في هذا التبسيط. يتكون التصميم من عنصرين فقط: قاعدة أسطوانية وقمة مقببة برفق، متصلة بانسيابية لتشكل حضورًا موحدًا وأنيقًا. لا توجد أدوات تثبيت ظاهرة، ولا تفاصيل زائدة — فقط شكل سلس ومتكامل.
ويؤكد فيريداي، المعروف بنهجه الصادق في استخدام المواد والوظائف، على نقاء الشكل النحتي للمصباح. لا يعتمد المصباح على الزخرفة؛ بل يترك لخصائص مواده الأساسية — شفافية الضوء، وعروق الحجر، ونفاذيته — أن تتحدث بنفسها.
شعرية المواد: الكريستال والحجر
يتوفر مصباح Nola بنسختين مادتين، ولكل منهما تجربة حسية مختلفة:
- الكريستال المصبوب يدويًا، والذي يكشف عن البنية الداخلية للمصباح عند تشغيله، مما يخلق توهجًا داخليًا غامضًا، وكأن الضوء محبوس داخل لحظة متجمدة.
- حجر اليشم الأبيض، والذي يُنقّي الضوء بشكل أكثر نعومة، مما يوفر تأثيرًا ضوئيًا دافئًا ومريحًا. وتُضيف عروق الحجر الطبيعية تفردًا لكل قطعة.
وباختيار مواد معروفة بمتانتها وجاذبيتها الحسية، يُثبت فيريداي أن مصباح Nola هو قطعة طويلة العمر — ليست خاضعة للموضة، بل خُلقت لتدوم جسديًا وجماليًا.
الإضاءة كإيماءة مكانية
عند تشغيله، يُصدر مصباح Nola إضاءة ناعمة ودافئة تنتشر برقة على الأسطح المحيطة. وبدلاً من أن يعمل كمصدر ضوء مباشر، يساهم في تهيئة الجو العام للمكان. تصفه Nau بأنه “توهج هادئ وحضور مهدئ”.
تمنح هذه السكينة للمصباح مرونة كبيرة داخل التصاميم الداخلية: يمكن استخدامه كـ عنصر جانبي، أو رفيق للسرير، أو حتى كقطعة نحتية قائمة بذاتها. ويُبرز الضوء الدافئ نعومة حوافه، مما يُعزز من هالته التأملية.
فعليًا، يتصرف مصباح Nola كقطعة فنية أكثر من كونه منتجًا تقنيًا — يشبه تمثالًا حجريًا ينبعث منه الضوء.
السياق المعماري: الضوء والمادة في الفضاء
من منظور معماري، ينتمي مصباح Nola إلى فئة من الإضاءة تتفاعل بشكل وثيق مع الفضاء المحيط. فتكوينه الهندسي وتكتله القوي يسمحان له بأن يكون عنصر ارتكاز في الغرفة، بينما تمكنه شفافيته من الاندماج مع الأجواء المحيطة.
ويُعد الانتقال من الكتلة الصلبة إلى النفاذية، ومن الوزن إلى الضوء، سمة معمارية بامتياز. إذ يعكس هذا المصباح كيف تنتقل المباني من الصلابة الإنشائية إلى الانفتاح الزجاجي. وبهذا المعنى، يُجسد مصباح Nola توازنًا بين الكتلة والضوء.
وفي المساحات الداخلية ذات الطابع البسيط أو الخرساني، يمكن أن يكون المصباح عنصر توازن. أما في المساحات العضوية، فإن نعومته ودفء مادته يجعلان منه جزءًا متناغمًا مع المكان.
تجربة إنسانية وتصميم عاطفي
يحمل مصباح Nola بُعدًا عاطفيًا عميقًا في لغته التصميمية. شكله يدعو إلى اللمس، وتوهجه يدعو إلى التأمل. وفي عالمٍ تطغى عليه السرعة الرقمية والمحفزات الاصطناعية، يوفر هذا المصباح لحظة من السكون — راحة بصرية وحسية.
ومن خلال التصميم، يقول فيريداي بشكل غير مباشر أن ليس كل قطعة يجب أن تصرخ لتُسمع. مصباح Nola يتحدث بهدوء، ولكن بوضوح تام.
الأحجام والتطبيقات والمرونة
يتوفر المصباح بحجمين مختلفين، مما يجعله مناسبًا لمجموعة واسعة من الاحتياجات والمساحات. سواء كان زوجًا على طاولة جانبية أو قطعة فردية على رف منخفض، تظل حضوره النحتي قائمًا.
وتُضيف النسخة الكريستالية بُعدًا إضافيًا — إذ تُظهر بنيته الداخلية عند الإضاءة، مما يضيف مستوى من العمق والتعقيد غير الموجود في تصميمات الإضاءة التقليدية. وبالتالي، فإن المصباح لا يُستخدم فحسب، بل يُتأمل.
وصف بصري للمصباح
تخيل قاعدة أسطوانية ناعمة مصنوعة من الحجر شبه الشفاف، منحوتة بدقة، باردة عند اللمس، تمتد إلى قمة مقببة برفق. عندما يكون غير مضاء، يظهر كتمثال صلب — يكاد يكون احتفاليًا. وعند تشغيله، يتوهج من الداخل، وتنعكس على سطحه الظلال والأنسجة بلطف.
أما في نسخته الكريستالية، فيصبح المصباح أكثر إيحاءً. يلمع الضوء داخل حجمه مثل الماء المحبوس أو الضباب. وتُضيف الفقاعات الدقيقة والاختلافات المادية في الزجاج عمقًا مميزًا لكل قطعة.
منظور نقدي
ينجح مصباح Nola على عدة مستويات: من حيث المادة، والوظيفة، والجماليات. ومع ذلك، فإن هذا النجاح يفتح بابًا لنقاش أوسع: أين تكمن الحدود بين القطعة الفنية والتصميم الصناعي؟ كمنتج محدود الإنتاج وعالي الجودة، فإنه ليس في متناول الجميع. هذه الحصرية قد تُقلل من تأثيره في تعميم التصميم الجيد.
وعلاوة على ذلك، فإن التركيز على الصفاء البصري قد يُخفي غياب الاستدامة البيئية. هل تم الحصول على هذه المواد بشكل مسؤول؟ هل يمكن تقديم نسخة تستخدم زجاجًا أو حجرًا معاد التدوير؟
وحتى يتم تناول مثل هذه التساؤلات بالكامل، يظل مصباح Nola قطعة جميلة وتأملية — ولكنها لا تزال تنتمي إلى عالم التصميم الفاخر، لا الحياة اليومية الشاملة.
لكل من يبحث عن مصدر معماري موثوق ومواكب، ArchUp يقدم محتوى متجدد يغطي المشاريع والتصميم والمسابقات.
للمزيد على ArchUp: