في ريف بافاريا، يبرز مبنى تعليمي جديد يجمع بين التواضع والوضوح. منزل التعلم في بافاريا، من تصميم المعماري ماكس أوتو زيتسلسبيرغر بالتعاون مع طلاب جامعة كايزرسلاوترن-لانداو التقنية، يعيد تعريف العلاقة بين التاريخ، وبناء الأخشاب، والهندسة المعمارية التعليمية. وقد تم بناؤه في متحف فرايلاند أوبرفالتس المفتوح، المكرّس لحفظ التراث الريفي، ليحلّ مكان مبنى زراعي سابق احترق، ويقدّم reinterpretation بدلاً من إعادة البناء.

العمارة الخشبية كأداة تعليمية

منزل التعلم في بافاريا ليس مجرد مبنى. إنه تجربة معمارية، وأداة تدريس، ورد نقدي على السياق المحيط. شُيّد في مكان مبنى مزرعة احترق، لكنه لم يُستبدل بنسخة مطابقة، بل بإعادة تأويل دقيقة ونقدية لأنماط العمارة الريفية وتقاليد البناء.

قاد زيتسلسبيرغر المشروع انطلاقاً من مبادرة بحثية في قسم تقنيات بناء الأخشاب. ومن البداية، لم يكن الهدف هو الترميم بل إعادة التفكير. التصميم النهائي يراعي المباني التاريخية المجاورة، لكنه يقدم نهجاً معاصراً وصريحاً في اختيار المواد والشكل. هذه الثنائية — بين القديم والجديد، المألوف والمجرد — تتجلّى في كل عنصر إنشائي ومساحة داخلية.

منطق المواد: خشب محلي وتفاصيل مكشوفة

الخشب هو العنصر الهيكلي والروحي والمنطقي لـ منزل التعلم في بافاريا. تم جلبه من غابات مجاورة، وقُطعت الأخشاب في الموقع، ثم جُففت لمدة عامين. هذه الدورة المادية المتأنية تعكس القيمة التعليمية للمشروع. جميع العناصر الإنشائية — الأعمدة، العوارض، وألواح OSB — تُركت مكشوفة، ما يجعل البناء نفسه وسيلة تعليمية.

يرتفع المبنى عن الأرض على دعامات خرسانية، ليُعلن انفصاله الرمزي عن الأرض. إنه لا يدّعي الانتماء إلى الماضي، بل يتموضع ضمنه بدقة ووعي.

Learning House is a teaching building in Bavaria that resembles a barn

شكل مألوف بتحدٍ خفي

للوهلة الأولى، يبدو شكل منزل التعلم في بافاريا مألوفًا. سقف جملوني كبير وأبعاد تشبه الحظائر تضعه ضمن سياق العمارة الريفية. لكن عند التمعّن، يظهر خلل مقصود: كتلتان هندسيتان تخرجان بزاوية غير متوقعة من الواجهة الغربية، على غرار الامتدادات العشوائية التي تُرى في مباني المزارع القديمة — لكنها هنا منجزة بدقة معمارية متقنة.

يشير زيتسلسبيرغر إلى أن الشكل “متناقض — بين التقاليد والتجديد”. لا يحاكي اللغة المعمارية الريفية، ولا يرفضها. بل يخلق توتراً بين الاحترام والاستقلالية. اللا تناظر، الهندسة، وتفاصيل المواد كلها تساهم في بناء هوية معمارية خاصة — مرتبطة بالتعليم، لا بالتقليد.

الداخل: بساطة في المخطط، انفتاح في الفكر

الداخلية تعتمد على تنظيم بسيط ومباشر: غرفتا ندوة، وسلّم حلزوني مركزي. هذا البرنامج البسيط يعكس قراراً معمارياً واعياً بتقديم الانفتاح والوضوح على حساب التعقيد المكاني.

على عكس المخططات المزدحمة للمزارع التقليدية، يشجع هذا التنظيم على التعاون والملاحظة. نوافذ كبيرة تطل على ساحة تاريخية مجاورة، بينما تفتح فتحات دائرية وهندسية أخرى نحو مناظر مختلفة وتسمح بدخول الضوء.

الغرف التعليمية بسيطة ومكشوفة. الجدران غير منتهية، الهيكل واضح، والأثاث قليل. كل تفصيل يدعو الطلاب لتعلّم العمارة من خلال المعاينة — من المنطق الإنشائي إلى التأثيرات المكانية.

The building’s timber structure is protected by a fabric facade

نسيج مؤقت كغلاف: مبنى ينمو بمرور الوقت

الواجهة الخارجية مغطاة حالياً بقماش وقائي يعمل كغلاف مؤقت. هذا القرار عملي — لأن الميزانية لا تسمح بإنهاء كامل — ولكنه أيضاً فلسفي. المبنى مصمم كمشروع مستمر، وستُضاف إليه طبقات جديدة حين تتوفر الموارد. حالياً، يسمح القماش للمبنى بالتنفس والتطور والتعليم حتى في حالته الجزئية.

هذه الطبيعة الزمنية تميز المشروع. بدلاً من انتظار اكتمال مثالي، يحتفي زيتسلسبيرغر وطلابه بالعمارة كعملية قابلة للتكيف مع الواقع — عملية لا تخشى أن تكون غير مكتملة طالما أنها تستمر في التعليم.

العمارة كتعليق نقدي على الريف

منزل التعلم في بافاريا يحتل موقعاً فريداً. يقع ضمن متحف الحياة الريفية — مكان يحفظ ويعيد بناء العمارة التقليدية. لكن هذا المبنى لا يعيد بناء شيء. لا يحاول الاندماج أو الاختفاء. بل يعلن نفسه كصوت جديد في حوار قديم.

وهذا بحد ذاته فعل جريء. من خلال رفض المحاكاة، يسلّط المشروع الضوء على الطبيعة الاصطناعية للموقع المتحفي. إنه يذكّرنا بأن الهوية الريفية ليست ثابتة، بل متطورة. والعمارة الريفية المعاصرة يمكنها — بل يجب عليها — أن تعكس هذا التطور بصدق.

Learning House is considered to be a continuous work-in-progress

خاتمة: مبنى كنموذج، لا كمعلم

منزل التعلم في بافاريا ليس مبنى للتمجيد، بل نموذج للفهم. يرفض الرومانسية. لا يدّعي الانتماء إلى الماضي. بل يخلق مساحة للتعلم — عن الخشب، عن البناء، عن دور العمارة.

من خلال الجمع بين صدق المواد، وتجريب الشكل، ونية التعليم، يصبح المشروع أكثر من مجرد مبنى تدريسي. إنه نموذج محتمل لعمارة ريفية نقدية — لا تعيد إنتاج التاريخ، بل تعيد التفكير فيه بوعي واحترام ودقة.

الصور: سيباستيان شيلز.

لكل من يبحث عن مصدر معماري موثوق ومواكب، ArchUp يقدم محتوى متجدد يغطي المشاريع والتصميم والمسابقات.

للمزيد على ArchUp:

موضوعات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *