منزل الفخار من توقيع Naqi & Partners: قصة خزفية معمارية حية في فيتنام
مقدمة: لغة معمارية جديدة في جنوب فيتنام
في منطقة تشتهر بتقاليدها العريقة في صناعة الخزف، يبرز منزل الفخار من توقيع Naqi & Partners كعمل معماري يجمع بين التكريم والتجديد. يقع المنزل في منطقة لاي ثيو بمدينة ثوان آن، في محافظة بينه زونغ – على بعد ساعة فقط من وسط مدينة هو تشي منه – وقد تم تحويله من منزل أنبوبي تقليدي إلى سكن يتخذ شكل أواني الفخار التراثية، يعكس المناخ المحلي، والذاكرة الحرفية، وشغف المالك الفني.
الشكل المعماري: الفخار كنوع معماري
أبرز إيماءة معمارية في منزل الفخار من توقيع Naqi & Partners هي التكوين الكتلي المستوحى من الأواني الفخارية. يتكون المنزل من ثلاث كتل متتالية، كل منها تمثل وعاءً خزفيًا. هذا التكوين لا يقتصر على الرمزية فقط، بل يشكّل أيضًا تنظيم البرنامج الداخلي للمنزل:
- الكتلة الأولى تعمل كحديقة مدخل، بمثابة منطقة انتقالية هادئة من الشارع.
- الكتلة الثانية تحتوي على غرفة المعيشة في الطابق الأرضي وغرفة النوم الرئيسية أعلاها.
- الكتلة الثالثة تضم المطبخ وغرفة الطعام، بالإضافة إلى غرفة غسيل وحمام في الأسفل، وغرف الأطفال بالأعلى.
بهذا التصميم، أعاد المعماريون تفكيك النمط التقليدي للمنزل الأنبوبي إلى وحدات إنسانية المقياس، مترابطة ولكن لكل منها شخصيتها المعمارية الخاصة — تمامًا مثل أوانٍ خزفية مصطفة بانسجام.
الابتكار في المواد: غلاف خزفي هجين
المكون الأساسي لهوية المنزل هو غلافه الترابي الدافئ. وعلى الرغم من أن الفكرة الأصلية كانت استخدام الطين النقي، إلا أن الظروف المناخية القاسية في جنوب فيتنام فرضت حلًا مختلفًا. ابتكر المعماريون مادة هجينة تتكون من الطين والأسمنت وأصباغ بلون التراكوتا، مغلفة بطبقة شفافة مقاومة للماء تشبه طلاء الخزف.
هذا الحل لا يقدم فقط ملمسًا فريدًا ودافئًا، بل يخدم أيضًا أغراضًا وظيفية مثل مقاومة الظروف الجوية وتحسين الأداء الحراري. إنها مادة تُجسّد الماضي الخزفي للمنطقة، لكنها تتحدث بلغة معمارية معاصرة واعية.
الداخل كمعرض حي: مسكن للحياة والصنعة
لم يكن هدف المالك – وهو فنان خزف ومقاول بناء – مجرد منزل تقليدي. بل أراد فضاءً يحتضن الحِرفة. وهكذا، أصبح الداخل بمثابة معرض حي، حيث تتجلى الأعمال اليدوية في كل زاوية:
- مقابض الأبواب بشكل حيوانات، من صنع المالك نفسه.
- طاولة شاي مرصعة بـ بلاطات خزفية موضوعة بشكل مرح.
- مصباح معلق مصنوع من عناصر خزفية مصبوبة يدويًا.
- أثاث من خشب معاد استخدامه وحديد خام.
كل هذه التفاصيل ليست تزيينية بل تعكس فلسفة المشروع: الأصالة الحرفية قبل التقنية، والبساطة قبل الترف. هذه اللمسات تشكّل هوية المنزل وتذكر ساكنيه بأنهم جزء من تجربته المتجددة.
انفتاح مكاني واستجابة مناخية ذكية
إلى جانب الجماليات، يتميز التصميم بذكاء بيئي واضح. فقد تم إزالة الفواصل الداخلية لتحسين التهوية والإضاءة الطبيعية. وبدلاً من الجدران المغلقة، تم دمج نوافذ رأسية بأشكال مستوحاة من سيقان الخيزران، تسمح بدخول الضوء والهواء مع الحفاظ على الخصوصية.
كل كتلة من الكتل الثلاث تحوي حديقة على السطح، مزروعة بالنباتات المحلية والخزف الفني. وتُستخدم حديقة السطح الأولى كمساحة طعام في الهواء الطلق، مما يدمج الحياة اليومية بالمناخ والطبيعة.
ذكاء سياقي: تصميم يقرأ التاريخ
منطقة لاي ثيو تمتلك تاريخًا غنيًا في صناعة الخزف، حيث كانت تُصدّر منتجاتها إلى كمبوديا ولاوس وإندونيسيا والفلبين. منزل الفخار من توقيع Naqi & Partners لا يشير لهذا الإرث فحسب، بل يُجسده.
التصميم لا يقلد الأساليب التقليدية، بل يستخلص جوهر الحرفة الخزفية ويعيد تشكيله في بنية معمارية معاصرة. إنه عمل يتفاعل بذكاء مع السياق دون الوقوع في فخ التكرار أو الحنين.
رؤية المعماري: الحرفة كأساس لا كزينة
يوضح المعماري نغوين مينه نوت، مؤسس Naqi & Partners، أن المشروع هو “معرض حي”. لكن هذه العبارة لا تعكس كل العمق. فالمشروع ليس تجربة شكلية بل نتيجة تفاعل دقيق بين المادة، والشغف، والسياق المحلي.
“جمال هذا المنزل لا ينبع من الترف، بل من التفاصيل الصادقة المصنوعة يدويًا. كل عنصر فيه يحمل بصمة إنسانية، وهذا هو جوهر الفخامة الحقيقية”، يقول نوت.
تفصيل حصري: الفواصل الخزفية ونافذة الغابة
من التفاصيل التي قد لا تُلاحظ في الصور، النوافذ الرأسية بين الكتل. هذه الفتحات الرفيعة ذات إطار من الفولاذ الخام وتُشكل أنماطًا شبيهة بالخيزران. في النهار، تسقط منها ظلال متحركة تشبه الغابات، وفي الليل تصبح كـ حجاب مضيء يكشف الحيوية الداخلية دون فضحها.
كذلك، هناك قطع خزفية تم دمجها مباشرة في الجدران والأسطح، من أسوار الحديقة إلى أطراف الأرضيات — في دمج عضوي بين الفن والبناء.
خاتمة نقدية: منزل لا يمكن نسخه
منزل الفخار من توقيع Naqi & Partners ليس مجرد تصميم معماري، بل هو بيان معيش عن السكن الفيتنامي المعاصر، ينبع من الأرض، ويتغذى على الحكاية، ويتنفس الحرفة.
هذا المنزل لا يمكن نسخه أو تكراره. إنه منتمي لزمانه، ومكانه، ومالكه. وفي زمن تُهيمن فيه العمارة القابلة للتكرار، يقدم هذا المشروع نموذجًا مختلفًا — يُصر على التفرد، والعمق، والارتباط الحقيقي بالحياة.
لكل من يبحث عن مصدر معماري موثوق ومواكب، ArchUp يقدم محتوى متجدد يغطي المشاريع والتصميم والمسابقات.
الصور: نغوين نهات آنه تشونج.
للمزيد على ArchUp: