منزل سيدي في كونها: نموذج رائد للتجديد التكيفي والعمارة المستدامة
في قلب المناظر الطبيعية الخلابة لوادي “سيرا دو مار” بالقرب من “بيدرا دا ماسيلا” في كونها البرازيلية، حيث تلتقي الجبال بالبحر وتطل الأفق على مدينة باراتي التاريخية، ينبثق مشروع “منزل سيدي” (House Sede) ليس مجرد مسكن، بل بيانًا معماريًا عن الانسجام بين الإنسان والطبيعة. أنجز هذا المشروع في عام 2024 من قبل مكتب ميسينا | ريفاس (Messina | Rivas)، وهو يمثل تحديًا مبدعًا للقيود، حيث تم تشييده داخل منطقة محمية بيئيًا تفرض الحفاظ على الهياكل القائمة. من خلال تجديد وتكييف المباني الأصلية، يقدم هذا المسكن البالغ 120 مترًا مربعًا إجابةً مستدامة على سؤال العمارة المسؤولة، معتمدًا على حوار عميق بين الحداثة والتقاليد الحرفية المحلية.

الموقع والإطار البيئي: التحدي والفرصة
يقع المشروع ضمن تضاريس سيرا دو مار الوعرة، وهي منطقة تتميز بتنوع بيولوجي فريد وحساسية بيئية عالية. هذا الموقع الاستثنائي لم يكن مجرد خلفية جمالية، بل كان العامل الحاسم في صياغة المفهوم التصميمي. القوانين البيئية الصارمة منعت البناء الجديد، مما دفع بالمهندسين المعماريين إلى تبني فلسفة مختلفة جذريًا: التجديد التكيفي. لقد تحول القيد القانوني إلى منصة للإبداع، حيث أصبح الهدف هو إعادة إحياء الموجود بدلاً من استبداله، مما يضمن الحد الأدنى من التأثير على النظام البيئي المحيط.
· منزل القائم بالرعاية: الحفاظ على وظيفته السكنية مع تطويره.
· منشأة غسيل الملابس: إعادة تأهيل مبنى ذو وظيفة خدمية.
· استوديو: توفير مساحة للإبداع والعمل.
· حظيرة الدجاج: دمج عناصر الحياة الريفية اليومية.
أما المنزل الرئيسي، الذي يمثل المرحلة النهائية، فيعمل كمرساة معمارية توحد هذه الوظائف المتنوعة في كيان متماسك، محققًا التوازن بين احتياجات السكان والاحترام الكامل للبيئة.

المواد والحرفية: روح المكان المجسدة
يقع الالتزام بالمواد المحلية والحرفية في صميم هوية المشروع، مما يجعله نموذجًا للعمارة المتجذرة إقليميًا.
· الطوب المصنوع يدويًا: تم جلب الطوب من قبل خزافي كونها المشهورين، زي تابوينها وبوريكو. لا يضيف هذا الخيار لمسة جمالية فحسب، بل يخلق اتصالاً ماديًا ملموسًا بتاريخ المنطقة وتقاليدها الحرفية، حيث يحمل كل طوبة أثرًا بشريًا فريدًا.
· أخشاب الأوكالبتوس المستدامة: تم حصاد خشب الأوكالبتوس ومعالجته مباشرة في الموقع من قبل الحرفي الإقليمي ليكو. هذه الممارسة لا تؤكد فقط على الاستدامة وتقليل انبعاثات النقل، بل تضمن أيضًا أن يكون للمشروع بصمة كربونية منخفضة.
· الحرفيون والمقاولون المحليون: تم تنفيذ كل جانب من جوانب البناء بواسطة حرفيين محليين، حيث ساهمت خبراتهم المتراكمة على مدى عقود في ضمان أصالة المشروع وإحساسه العميق بالمكان، مما يعزز الاقتصاد المحوري ويحفظ المعرفة الحرفية من الاندثار.

العلاقة مع الطبيعة: العمارة كوسيط
تم تصميم “منزل سيدي” ليكون وسيطًا شفافًا بين قاطنيه والمناظر الطبيعية المحيطة، وليس حاجزًا يعزلهم عنها. يعزز التخطيط انسيابية الحركة بين المساحات الداخلية والخارجية، حيث تتداخل الممرات والفتحات مع التضاريس الطبيعية بدلاً من مقاومتها. النتيجة هي مسكن معاصر يشعر وكأنه امتداد طبيعي للموقع، يحترم إيقاعات الحياة المحلية ويجسد الجوهر الدائم للعمارة الريفية في كونها. إنه لا يقدم مجرد حل سكني، بل يقدم نموذجًا يمكن الاحتذاء به للتصميم المستدام والمتجاوب مع سياقه الثقافي والبيئي في المناطق المحمية حول العالم.
✦ رؤية تحريرية من ArchUp
يقدم المشروع مقاربة للتجديد التكيفي في منطقة محمية بيئياً، مع التركيز على إعادة استخدام الهياكل القائمة ودمج المواد والحرف المحلية. من خلال تحليل المخطط، يظهر أن التدخلات المعمارية حافظت على الحجم الأساسي للمباني القائمة، مما قد يحد من إمكانية إعادة تشكيل الفراغات الداخلية بشكل جذري لمواكبة متطلبات الراحة المعاصرة بالكامل. يبرز اعتماد التصميم على نمط خطي في توزيع البرنامج حول فناء مركزي، والذي قد لا يولد نفس الديناميكية المكانية التي توفرها التخطيطات العضوية الأكثر اندماجاً مع التضاريس الوعرة. كما يطرح استخدام الطوب المصنوع يدوياً في الواجهات دون نظام عازل حراري متطور تساؤلات حول الكفاءة الطاقة للمبنى في المناخ الاستوائي الرطب على المدى الطويل. ومع ذلك، فإن معالجة العلاقة بين الكتل المبنية والفراغات الخارجية المحيطة أنتجت تسلسلاً واضحاً وهادئاً للحركة بين مختلف وظائف الموقع.
مقدم لكم من فريق تحرير ArchUp
من هنا يبدأ الإلهام. تعمق في الهندسة المعمارية، والتصميم الداخلي، والبحث، والمدن، والتصميم، والمشاريع الرائدة على ArchUp.