Floating AquaPraça platform rising and falling with tides on the Guajara Bay in the Amazon, showing adaptive architecture.

مشروع AquaPraça يعيد صياغة العلاقة بين العمارة والبيئة النهرية

Home » الأخبار » النقاشات المعمارية » مشروع AquaPraça يعيد صياغة العلاقة بين العمارة والبيئة النهرية

منصة تتفاعل مع الطبيعة

تخيّل مساحة عامة تتحرك صعودًا وهبوطًا مع تغيّر مستويات المياه. هذه هي الفكرة الأساسية خلف مشروع AquaPraça الذي تم الكشف عنه خلال مؤتمر المناخ COP30 في مدينة بيليم البرازيلية.
ورغم أن الكثير من المنشآت المرتبطة بالمؤتمرات البيئية تكون مؤقتة، إلا أن هذا المشروع وُضع ليبقى كجزء من البيئة المحلية في قلب الأمازون، وبصورة مستدامة بقدر الإمكان.

استجابة معمارية لواقع مناخي متغيّر

يأتي تصميم المنصّة من مكتبي CRA-Carlo Ratti Associati وHöweler + Yoon، في محاولة لتقديم نموذج بديل للبناء في المناطق التي لم تعد مستويات المياه فيها ثابتة.
وبما أن المشروع يقع في خليج غواجارا ضمن نظام نهر الأمازون، فقد جرى الاعتماد على مبدأ الطفو الطبيعي للتعامل مع تغيّرات ارتفاع المياه اليومية.

كيف تعمل المنصّة؟

اعتمادًا على مبدأ أرخميدس في الطفو، ترتفع AquaPraça وتنخفض مع حركة المد والجزر، والتي قد تتغيّر بما يقارب أربعة أمتار يوميًا.
وهذا يتيح للزوار:

  • ملامسة إيقاع النهر الحقيقي
  • اختبار البيئة المتغيّرة بشكل مباشر
  • ملاحظة تأثير الطبيعة على العمارة بشكل حي

وبمعنى آخر، لا تفرض المنصّة حضورها على الطبيعة، بل تتكيّف معها وتتحرك معها باستمرار.

قراءة أعمق للمفهوم

من خلال هذا النهج، يقدم المشروع رؤية جديدة للأماكن العامة، تقوم على:

  • الاستجابة الديناميكية بدلاً من الثبات
  • الاندماج بدلًا من السيطرة
  • التعايش مع المناخ لا مقاومته

وهذا يفتح الباب أمام فكرة أوسع:
كيف يمكن للعمارة أن تتحوّل من هياكل صلبة إلى نظم مرنة تتفاعل مع التغيّرات البيئية؟

Floating AquaPraça platform rising and falling with tides on the Guajara Bay in the Amazon, showing adaptive architecture.

خلف الفكرة: رؤية معمارية جديدة

يوضح كارلو راتّي، أستاذ في MIT والمسؤول عن تنسيق بينالي العمارة في البندقية لعام 2025، الخلفية الفكرية التي تقف وراء المشروع. يشير راتّي إلى المعماري الإيطالي ألدّو روسّي بوصفه مصدرًا مهمًا للإلهام، خصوصًا في قدرته على قراءة المدن تاريخيًا.

مقارنة بين رؤيتين

في ثمانينيات القرن الماضي، استلهم روسّي الماضي ليظهر كيف تستطيع العمارة أن تترك بصمتها في أفق مدينة مثل البندقية.
أما اليوم، ومع تسارع التغير المناخي، تتجه AquaPraça نحو منظور مختلف؛ منظور يبحث عن مستقبل يمكن البناء فيه جنبًا إلى جنب مع الطبيعة، بدلًا من محاولة التغلب عليها أو فرض شكل ثابت عليها.

خطوة فكرية دقيقة

هذا التحوّل، ورغم بساطته الظاهرية، يحمل معنى عميقًا:
العمارة لا تقتصر على تصميم المباني، بل تمتد لتشمل كيفية تفاعلها مع عناصر البيئة المتغيرة باستمرار.
إنها نقلة فكرية تمهد لتصور جديد للمساحات العامة، أكثر مرونة وانفتاحًا على العالم الطبيعي.

Visitors walking on AquaPraça platform experiencing the rising and falling water levels in real-time.
Visitors walking on AquaPraça platform experiencing the rising and falling water levels in real-time.

رحلة المشروع: من البندقية إلى الأمازون

تتسم رحلة AquaPraça نفسها بالإثارة والتميز، حيث لم تقتصر أهمية المشروع على تصميمه فقط، بل شملت أيضًا طريقة تقديمه ونقله بين البيئات المختلفة.

من النسخة الأولية إلى التطبيق العملي

كُشف عن المنصة لأول مرة في مدينة البندقية خلال شهر سبتمبر الماضي، ضمن بينالي العمارة، وكانت نسخة مبسطة تعكس الفكرة الأساسية.
لاحقًا، نُقلت المنصة إلى مدينة بيليم البرازيلية لتصبح جزءًا من الجناح الإيطالي في مؤتمر COP30، ما سمح للحضور برؤية الفكرة تتحول إلى واقع ملموس في بيئة طبيعية حقيقية.

الاستدامة الاجتماعية والثقافية

بعد انتهاء فعاليات المؤتمر، ستتبرع إيطاليا بالمنصة للبرازيل، لتتحول إلى مساحة مجتمعية دائمة.
هناك، ستصبح AquaPraça نقطة التقاء للحوار حول:

  • القضايا المناخية
  • الثقافة المحلية والإبداعية
  • المبادرات والصناعات المبتكرة

وبذلك، يتجسد المشروع ليس فقط كتحفة معمارية، بل كمنصة حية تساهم في تعزيز الوعي البيئي والاجتماعي.

Visitors walking on AquaPraça platform experiencing the rising and falling water levels in real-time.
Visitors walking on AquaPraça platform experiencing the rising and falling water levels in real-time.

تجربة المناخ الحية

ما يميز AquaPraça حقًا هو قدرتها على تحويل تغيّر المناخ من مفهوم نظري مجرد إلى تجربة حسّية ملموسة يمكن للزوار إدراكها مباشرة.

تفاعل مع الطبيعة في الزمن الحقيقي

تعمل الأسطح المائلة والمستويات المتغيرة للمنصة على الاستجابة لحركة المياه في الزمن الفعلي، ما يخلق تجربة ديناميكية يشعر بها الزائر كما لو كان جزءًا من البيئة نفسها.
وصف إريك هاويلر هذا التفاعل بأنه “توازن دقيق”، مما يعكس مدى حساسية التصميم للتقلبات الطبيعية.

منصة للتفكير والفهم

تعتبر المنصة وفقًا لرؤية جاي ميجين يون أكثر من مجرد هيكل معماري؛ فهي بمثابة أداة تعليمية وتجربة مجازية لفهم ارتفاع مستوى سطح البحر وتأثيراته على المجتمعات الساحلية حول العالم.
من خلال هذا التفاعل المباشر، يستطيع الزوار إدراك المخاطر البيئية بطريقة تتجاوز البيانات والإحصاءات، لتصبح تجربة حية محفزة للتفكير والتعلم.

AquaPraça floating platform in Belem, Brazil, demonstrating adaptive architecture, sustainable design, tidal interaction, and climate-responsive features.

رمزية الموقع الجغرافية

لا يمكن اختيار موقع أكثر دلالة من مدينة بيليم، التي تقع عند نقطة التقاء نهر الأمازون بالمحيط الأطلسي. هنا، تلتقي المياه العذبة بالمالحة لتشكّل نظامًا بيئيًا مصبّيًا فريدًا، ما يجعل الموقع مثاليًا لتجربة العمارة التكيفية.

درس من الطبيعة

يعكس خليج غواجارا دورات الطبيعة بشكل يومي، إذ تكشف المياه عند تراجع المد عن تضاريسه المائية المتغيرة باستمرار.
هذا المشهد الطبيعي يقدّم تذكيرًا حيًا بأهمية تصميم الهياكل المعمارية التي تتفاعل مع البيئة بدلًا من مقاومة تحوّلاتها.

العمارة والتفاعل مع البيئة

من خلال هذا الموقع، تصبح AquaPraça أكثر من مجرد منصة عائمة؛ فهي تمثل تجربة تعليمية وبيئية تُظهر كيف يمكن للعمارة أن تتحوّل إلى نظام مرن يتكيف مع الطبيعة ويعكس ديناميكياتها.

AquaPraça floating platform in Belem, Brazil, demonstrating adaptive architecture, sustainable design, tidal interaction, and climate-responsive features.

التحديات الهندسية

لم يكن بناء AquaPraça مهمة سهلة على الإطلاق. فقد تطلب المشروع تنسيقًا معقدًا بين التصميم المعماري والهندسي والإنشائي لضمان عمل المنصة بكفاءة وأمان في بيئة مائية متغيرة باستمرار.

إنجاز استثنائي في وقت قصير

تمكنت شركة Cimolai الإيطالية من إنجاز المشروع بالكامل خلال خمسة أشهر فقط، متولية مسؤولية:

  • التصميم الإنشائي
  • التنفيذ
  • اعتماد معايير السلامة

هذا الإنجاز يُعد استثنائيًا، خصوصًا بالنظر إلى أن المنصة عائمة وتتفاعل مع مستويات المياه المتغيرة يوميًا، ما يجعل من السرعة والدقة أمرًا حاسمًا لضمان نجاح المشروع واستدامته.

AquaPraça floating platform in Belem, Brazil, demonstrating adaptive architecture, sustainable design, tidal interaction, and climate-responsive features.

التعاون الدولي وراء المشروع

جاء تنفيذ AquaPraça نتيجة تحالف دولي واسع، ضمّ جهات حكومية ومؤسسات خاصة، ما يعكس مدى تعقيد وتطلّع المشروع نحو الاستدامة.

شركاء متعددون لتحقيق هدف مشترك

شمل التحالف:

  • وزارة الخارجية الإيطالية
  • وزارة البيئة وأمن الطاقة الإيطالية
  • مؤسسات داعمة مثل Bloomberg Philanthropies، Costa Crociere، وENEL

درس في العمل المشترك

يُظهر المشروع كيف يمكن للحكومات والشركات الخاصة والمؤسسات الثقافية أن تتكاتف لتحقيق أهداف بيئية مستدامة.
ويُعد مثالًا حيًا على أن مواجهة التغير المناخي تتطلب تعاونًا متعدد القطاعات، حيث يجتمع التمويل والخبرة والمعرفة لتقديم حلول عملية وقابلة للتطبيق.

AquaPraça floating platform in Belem, Brazil, demonstrating adaptive architecture, sustainable design, tidal interaction, and climate-responsive features.

ساحة عائمة ورمز للتجديد

وصف وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاجاني مشروع AquaPraça بأنه “ساحة إيطالية عائمة”، تستحضر روح البندقية وتمثل في الوقت نفسه رمزًا للصداقة بين إيطاليا والبرازيل.
لكن بعيدًا عن المجاملات الدبلوماسية، يعكس المشروع فكرة ملموسة حول العمارة الدائرية: هياكل يمكن أن تؤدي وظائف متعددة وتتجدد مع مرور الزمن.

نموذج للاستدامة والابتكار

من البندقية إلى بيليم، ثم باعتبارها الآن بنية دائمة، تُظهر المنصة كيفية:

  • إعادة الاستخدام المستمر
  • إعادة الابتكار
  • تكيّف التصميم مع الطبيعة والبيئة

وهذا يجعلها أكثر من مجرد هيكل معماري؛ فهي مثال حي على المرونة والاستدامة العملية في العمارة الحديثة.

العمارة كحوار حي مع البيئة

تتجاوز AquaPraça كونها مجرد منشأة جذابة بصريًا. فهي تحتضن:

  • ندوات وبرامج ثقافية
  • حوارات حول سياسات المناخ
  • تجربة مباشرة للتغيرات البيئية، إذ تتحرك حرفيًا مع المياه المحيطة

بهذه الطريقة، لا تكتفي العمارة بالحديث عن التكيف مع المناخ، بل تجسّده يوميًا، مع كل مد وجزر، لتصبح تجربة تعليمية وبيئية في الوقت ذاته.

AquaPraça floating platform in Belem, Brazil, demonstrating adaptive architecture, sustainable design, tidal interaction, and climate-responsive features.

تحليل ArchUp التحريري

يُظهر مشروع AquaPraça قدرة واضحة على دمج العمارة مع التغيرات البيئية، حيث يقدم نموذجًا عمليًا لكيفية تفاعل المباني مع ارتفاع وانخفاض مستويات المياه بشكل يومي. هذا الجانب يُعد قيمة تعليمية وتجريبية مهمة، إذ يمكن للمهندسين والمصممين استلهام فكرة المرونة والتكيف الديناميكي في مشاريع مشابهة، خاصة في المناطق المعرضة للفيضانات أو ارتفاع مستوى البحار.

مع ذلك، يثير المشروع عدد من التساؤلات المتعلقة بالاستدامة الطويلة المدى والوظائف العملية للمنصة. فعلى الرغم من كونها تجربة تعليمية وجاذبة، فإن التكاليف المرتفعة لتشييد منصة عائمة وديمومتها على مدى عقود غير محدد قد تحدّ من قابليتها للتكرار في سياقات مدنية أخرى. كذلك، التركيز على التفاعل مع الطبيعة كمفهوم أساسي يطرح تحديات تتعلق بالصيانة والتشغيل، خصوصًا في بيئات تتغير فيها مستويات المياه بشكل متطرف أو غير متوقع.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن اعتبار المشروع مركزًا ثقافيًا محدود النطاق؛ فعلى الرغم من إمكانياته لإقامة ندوات وحوارات، فإن المساحة المادية المحدودة للمنصة قد تقلل من تأثيره العملي على المجتمع المحلي مقارنة بالمشاريع الثابتة الأكبر حجمًا. من منظور معماري أوسع، يبقى السؤال حول مدى إمكانية تكييف هذه التجربة الفريدة مع مشاريع حضرية أخرى دون فقدان القيمة التعليمية أو الاستدامة الاقتصادية.

باختصار، يقدم AquaPraça نموذجًا مهمًا لدراسة العمارة التكيفية والتفاعل المباشر مع الطبيعة، لكنه يظل أكثر صلة بالتجربة البحثية والتعليمية منه كحل معماري قابل للتطبيق على نطاق واسع في المشاريع الحضرية التقليدية. ومع ذلك، يمكن الاستفادة من مبدأ المرونة الديناميكية في تصميم مساحات عامة أو مبانٍ مستقبلية في البيئات المتقلبة، مع مراعاة التوازن بين الابتكار والتطبيق العملي.



قُدم لكم بكل حب وإخلاص من فريق ArchUp

لا تفوّت فرصة استكشاف المزيد من أخبار معمارية في مجالات الفعاليات المعمارية، و مشاريع معمارية، عبر موقع ArchUp.

Further Reading from ArchUp

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليق واحد

  1. ArchUp Editorial Management

    يقدم المقال تحليلاً شاملاً للبعد المفاهيمي والتقني في مشروع AquaPraça، مع تركيز استثنائي على تفاعل العمارة الديناميكي مع البيئة النهرية. ولتعزيز القيمة الأرشيفية، نود إضافة البيانات التقنية والإنشائية التالية:

    نود الإضافة إلى أن:

    · البيانات الإنشائية: هيكل فولاذي معشق بوزن 85 طن مع طفو يحمل 120 طن، وألواح أرضية من الألومنيوم البحري بسمك 15 ملم مقاومة للتآكل
    · أنظمة الطفو: 28 عوامة بوليميرية مغلقة الخلايا بسعة طفو فردية 4.5 طن، مع نظام تحكم آلي في التوازن يستشعر تغيرات منسوب المياه حتى 4 أمتار
    · المواد المتقدمة: سطح من البولي إيثيلين عالي الكثافة (HDPE) بمقاومة انضغاط 25 ميجا باسكال، ودرابزينات من الفولاذ المقاوم للصدأ 316L
    · الأداء البيئي: تحقيق محايدة كربونية بنسبة 100% عبر استخدام طاقة شمسية بسعة 15 كيلوواط، مع مواد قابلة لإعادة التدوير بنسبة 95%

    ربط ذو صلة يرجى مراجعته لمقارنة تقنيات العمارة العائمة:
    [العمارة العائمة: من النماذج التقليدية إلى الحلول المستدامة المتقدمة]
    https://archup.net/ar/افتتاح-الساحة-العائمة-الجديدة-في-بيلم/