كشفت شركة SHED للهندسة المعمارية والتصميم عن مشروع مذهل لإعادة استخدام مبنى تاريخي في سياتل، واشنطن، حيث تم تحويل استوديو فنون يعود إلى الأربعينيات إلى منزل عائلي حديث من طابقين. يجمع التصميم بين الحفاظ على تراث المبنى وإضافة مساحة تبلغ 858 قدمًا مربعًا، مما يثبت أن التصميم الإبداعي يمكنه تحويل القيود إلى سحر.
من استوديو فنون إلى منزل عصري: تحول فريد:-
بُني المبنى البالغ مساحته 1000 قدم مربع في الأصل كاستوديو للرسم، ثم استُخدم لاحقًا ككنيسة. واجه المبنى تحديات بسبب قيوده تقسيم المناطق وضيق مساحة الأرض في المدينة. بدلاً من هدمه، قامت SHED للهندسة المعمارية والتصميم بدمج الهيكل القائم بذكاء في منزل عائلي بمساحة 1858 قدمًا مربعًا يتكون من غرفتي نوم، مع سقف مسطح مميز ناتج عن قيود الارتفاع.

أبرز التحديات والحلول التصميمية:-
- الحفاظ على الملامح الأصلية: تم توسيع النافذة الشمالية الشهيرة للاستوديو للحفاظ على الإضاءة الطبيعية المثالية التي اعتاد الفنانون العمل تحتها.
- ابتكارات لتوفير المساحة: سمحت الأسقف العالية بإضافة مساحات تخزين إضافية، يمكن الوصول إليها بواسطة سلم، مما يحسن الاستفادة من المساحة الرأسية.
- إبداع في تقسيم المناطق: شكل السقف غير التقليدي والمساحة المدمجة حلاً يتوافق مع قوانين البناء في سياتل مع إضافة لمسة معمارية فريدة.
أبرز ملامح الطابق الرئيسي:-
- مساحة معيشة مفتوحة: تتدفق غرفة المعيشة ومنطقة الطعام والمطبخ بسلاسة في مساحة واحدة مشرقة.
- منطقة طعام مزدوجة الارتفاع: تقع في وسط المنزل، وتوفر اتصالاً بصرياً مع الطابق العلوي وتغمر المساحة بضوء الشرق.
- مطبخ مجهز بالكامل: يقع في الجانب الجنوبي، ويطل على حديقة صغيرة تحتوي على جدار خرساني للجلوس ومكان للنار ومنطقة للطهي الخارجي—مثالية لصيف سياتل.
لمسات خارجية مميزة:-
يتميز المنزل من الخارج بـألواح خشب الأرز، بينما تضيف إطارات النوافذ الوردية لمسة مرحة تشير إلى مشاريع المالك في مجال المطاعم.
التفاصيل الإنشائية: دمج القديم مع الجديد باحترافية:-
لضمان متانة المبنى مع الحفاظ على هويته التاريخية، استخدم فريق التصميم تقنيات إنشائية متقدمة. تم تعزيز الأساسات الخرسانية لدعم الهيكل الجديد، مع الاحتفاظ ببعض الجدران الحجرية الأصلية التي تم ترميمها بعناية. كما تم تركيب نظام عزل حراري متطور في الأسقف والجدران للحفاظ على الطاقة، مع الحفاظ على التهوية الطبيعية التي تميزت بها المباني القديمة. الألواح الشمسية المدمجة بشكل غير مرئي على السقف المسطح توفر جزءاً من احتياجات المنزل من الكهرباء، مما يجعل هذا المشروع نموذجاً للاستدامة في قلب المدينة.
الحياة المجتمعية: كيف أثر المشروع على الحي:-
أصبح هذا المنزل نموذجاً يُحتذى به في حي سياتل، حيث ألهم الجيران لإعادة النظر في إمكانيات المباني القديمة في منطقتهم. قامت بلدية المدينة باستخدام هذا المشروع كدراسة حالة لتشجيع سياسات إعادة التأهيل الذكية. كما نظم المالك جولات افتراضية للمهتمين بالعمارة المستدامة، مما ساهم في زيادة الوعي بأهمية الحفاظ على التراث المعماري. حتى أن أحد المقاهي القريبة بدأ في تقديم قهوة خاصة باسم “الإبداع المعماري” كتحية للمشروع! اليوم، يقف هذا المنزل ليس فقط كمسكن عائلي جميل، ولكن كشاهد على كيف يمكن للتصميم الواعي أن يغير وجه الأحياء القديمة بروح إبداعية.
اللمسات الفنية: إحياء روح الإبداع في كل زاوية:-
لم يقتصر التجديد على الجوانب الوظيفية فحسب، بل امتد ليشبع حب المالكين للفنون. في الزاوية الجنوبية الغربية، تم تخصيص مساحة صغيرة كاستوديو مصغر، حيث تطل النوافذ الكبيرة على الحديقة الخلفية، مما يوفر إضاءة طبيعية مثالية للأعمال الإبداعية. الجدران الداخلية تضم رفوفاً لعرض اللوحات والأعمال الفنية العائلية، بينما تم تثبيت نظام إضاءة متحرك يمكن تعديله حسب حاجة المشاريع الفنية. حتى أن الأرضية في هذه المنطقة صممت من مادة سهلة التنظيف مقاومة للبقع، لتتحمل سقطات الألوان أثناء العمل. هذه التفاصيل تجعل المنزل ليس مجرد مسكن، بل ورشة إبداعية مستمرة، تماماً كما كان في أيامه الأولى كاستوديو للرسم.
التصميم الداخلي: حيث تلتقي الوظائفية بالجماليات:-
حرص المصممون على خلق مساحات داخلية تجمع بين الراحة والأناقة. الأرضيات المصنوعة من الخشب المعاد تدويره تمنح الدفء، بينما الجدران البيضاء تعكس الضوء الطبيعي لتعزيز إحساس الاتساع. تم تخصيص ركن للقراءة تحت النافذة الشمالية الكبيرة، حيث يمكن الاستمتاع بضوء النهار المثالي للقراءة أو الرسم. أما السلالم المؤدية للطابق العلوي فصممت بشكل مائل لتوفير مساحة، مع درابزين من الحديد المطاوع يعطي لمسة عصرية. في الطابق العلوي، توجد غرف النوم الرئيسية التي تتميز بخزائن مدمغة مصممة خصيصاً لتناسب المساحات غير المنتظمة الناتجة عن السقف المائل.
التحديات المستقبلية: دروس مستفادة لمشاريع مماثلة:-
يوفر هذا المشروع دروساً قيمة للمهتمين بإعادة تأهيل المباني التاريخية. أحد أهم التحديات التي واجهت الفريق كان التوفيق بين متطلبات السلامة الحديثة والرغبة في الحفاظ على الطابع الأصلي. على سبيل المثال، اضطر المصممون إلى إيجاد حلول مبتكرة لتحسين مقاومة الزلازل دون تشويه الواجهة التراثية. كما أن عملية الحصول على التصاريح البلدية استغرقت وقتاً أطول من المعتاد بسبب طبيعة المبنى غير التقليدية. هذه العقبات – رغم صعوبتها – ساهمت في تطوير منهجيات جديدة أصبحت الآن مرجعاً لمشاريع مماثلة في منطقة سياتل. المشروع يثبت أن الصبر والتعاون بين المصممين والجهات الرسمية يمكن أن يحقق نتائج استثنائية تحفظ الماضي مع تبني متطلبات المستقبل.
لماذا يبرز هذا التجديد؟
يمثل هذا المشروع نموذجاً رائعاً لـإعادة استخدام المباني القديمة، حيث يثبت أن التصميم الذكي يمكنه تحويل المباني التاريخية إلى مساحات معيشة عصرية دون فقدان الهوية. من خلال الالتزام بقوانين المدينة، نجحت SHED في إنشاء منزل مشرق وفعال يحترم جذوره الفنية.