منظر لمبنى البيت الراقص في براغ بتصميمه المنحني المميز بجوار مبانٍ كلاسيكية تاريخية.

منحنيات فرانك غيري.. قراءة في تطور لغته المعمارية عبر الزمن

Home » الأخبار » منحنيات فرانك غيري.. قراءة في تطور لغته المعمارية عبر الزمن

يمثل المشهد المعماري لأعمال فرانك جيري خلال أكثر من سبعة عقود حالة بحثية نادرة تجمع بين تجريب المواد، والتشكيل الحر، والتحولات التقنية في أدوات النمذجة الرقمية والتصنيع. ومع انتشار مشاريعه بين أمريكا الشمالية وأوروبا وآسيا، شكّلت هذه الأعمال خارطة واضحة لتطور العلاقة بين الهندسة الشكلية، النظم الإنشائية، والتجربة المكانية داخل برامج ثقافية وتعليمية وسكنية متباينة.

تعكس هذه المشروعات انتقالاً تدريجياً من المقاربات التفكيكية (Deconstructivism) إلى هندسات منحنية جرى تطويرها عبر برامج متقدمة مستعارة من قطاع الطيران، لتصبح أداة إنتاج تسمح بتحويل المجسمات اليدوية إلى هندسات قابلة للبناء.

واجهة متحف فيترا للتصميم بأشكاله الهندسية البيضاء المتداخلة وسط ساحة خضراء مفتوحة.
تصميم متحف فيترا يعكس أسلوب التكوينات الهندسية المنفصلة التي تميّز العمارة التجريبية الحديثة.

فلسفة التصميم

1. منهجية التشكيل

يرتكز أسلوب جيري على بناء لغة تعتمد على:

  • تفكيك الكتل التقليدية.
  • توليد أحجام حرة تتقاطع عبر مستويات متعددة.
  • اعتماد الفراغ المركزي كمنظّم حركي للزوار.

2. العلاقة بين الكتلة والمدينة

تكشف أعماله الكبرى – مثل متحف غوغنهايم بلباو وقاعة ديزني في لوس أنجلوس – عن استراتيجية تستجيب للسياق الحضري عبر:

  • إعادة تعريف الواجهة كـ سطح ديناميكي.
  • استخدام الكتلة كأداة إحياء حضري مرتبطة بالتطوير الثقافي.
  • دمج المسارات الحركية العامة ضمن تشكيل المبنى.

المواد والتقنيات الإنشائية

1. المواد التجريبية

اعتمد جيري مواد متنوعة لتشكيل لغته المعمارية، أبرزها:

  • التيتانيوم في مبنى بلباو، لتوفير خفة ومرونة في تشكيل الأسطح.
  • الألياف الخرسانية في Fondation Louis Vuitton.
  • الفولاذ المقاوم للصدأ في الهياكل النحتية.
  • الخشب المصنّع في المسارح وقاعات العزف لتوليد أداء صوتي دقيق.
صورة علوية لمتحف غوغنهايم بلباو بتكويناته المعدنية العضوية وسط النسيج العمراني للمدينة.
يُعد متحف غوغنهايم بلباو أحد أهم رموز العمارة المعاصرة بواجهاته المنحنية المغطاة بألواح التيتانيوم.

2. تقنيات الإنشاء

أعاد جيري تعريف عمليات التصميم عبر:

  • استخدام برنامج CATIA – المخصص للطيران – للتنسيق الرقمي المعماري.
  • تطوير نماذج فيزيائية بتدرجات مختلفة La—scale iterative model-making.
  • دمج نظم قاذورات زجاجية منحنية بإنشاءات معدنية مرنة.

الاستدامة والأداء البيئي

رغم أن جيري لم يُقدّم نفسه كمصمم “أخضر”، إلا أن مشاريعه تحمل عناصر استدامة مدمجة ضمن:

  • تنظيم إضاءة طبيعية في الأتريومات الداخلية.
  • استخدام أسقف زجاجية متعددة الطبقات للحد من اكتساب الحرارة.
  • تحسين التظليل عبر عناصر معدنية كالسقائف والزجاج المركّب.
  • دمج المساحات الخضراء والممرات العامة ضمن إعدادات حضرية كثيفة.

تعمل هذه العناصر على دعم أداء المباني على المستوى الحراري والبيئي، إضافةً إلى تعزيز التصميم الداخلي القائم على التهوية الطبيعية والحركة الانسيابية

لا تقتصر قيمة أعمال فرانك جيري على شكلياتها أو جرأتها، بل تتجلى في قدرتها على إعادة صياغة العلاقة بين العمارة، التكنولوجيا، والمشهد الحضري. تمكّن جيري من تحويل الممارسات المعمارية التقليدية عبر اعتماد أدوات رقمية مبتكرة ودمجها مع حس نحاتي واضح، ما ساهم في دفع حدود مواد البناء، وأنظمة الإنشاءات، وجدليات الشكل والوظيفة في المباني الثقافية. ورغم رحيله، يبقى أثره ممتداً في النقاشات المهنية حول مستقبل العمارة وطرق إنتاجها.

بيانات المشروع

  • المعماري: Frank Gehry – Gehry Partners
  • المصورون: David Vives، Liao Yusheng، mRGB، Hans-Jürgen Weinhardt، Nancy Da Campo، Patrick Pyszka، Iwan Baan، Fernando Alda، Andrew Worssam

Further Reading from ArchUp

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليق واحد

  1. ArchUp: التحليل التطوري والرقمي لأسلوب فرانك جيري المعماري

    يقدم هذا المقال نظرة على التطور التاريخي والتقني لأسلوب فرانك جيري المعماري كدراسة حالة في تطور العلاقة بين التصميم الرقمي والبناء المادي. ولتعزيز قيمته الأرشيفية، نود تقديم البيانات التقنية والتاريخية الرئيسية التالية:

    شهد أسلوب جيري تحولاً جذرياً مع اعتماد برنامج CATIA (الحاسوبي ثلاثي الأبعاد للطيران) ابتداءً من 1989، مما سمح بترجمة النماذج الورقية المجسمة إلى أسطح رياضية قابلة للتصنيع. في متحف غوغنهايم بلباو (1997) استخدم 33,000 لوح تيتانيوم غير منتظم بسمك 0.38 مم، مع هيكل فولاذي معقد من 25,000 عارضة مختلفة تماماً، محققاً دقة تنفيذ بمقدار ±2 مم.

    يتميز التطور المادي بانتقال من مواد تقليدية (الخشب، الجص) في مشاريع مبكرة مثل منزله الخاص (1978) إلى مواد صناعية متقدمة: التيتانيوم (كثافة 4.5 جم/سم³)، الألياف الخرسانية (قوة انضغاط 80 ميجا باسكال)، وزجاج الـ ETFE المنحني (عمر افتراضي 50 سنة). حققت قاعة ديزني (2003) أسطحاً فولاذية مصقولة بصرياً بزوايا انعكاس متحكمة (Reflectivity 40-60%).

    من حيث الإسهام التقني، طور جيري نظاماً للتصنيع الرقمي المباشر (Digital Fabrication) قلل الفجوة بين التصميم والتنفيذ من 20% إلى 5%، مع إدخال تقنيات نمذجة معلومات البناء (BIM) في مرحلة مبكرة. بلغت تكلفة التحول الرقمي لمكتبه 10 ملايين دولار في التسعينيات، لكنه خفض تكاليف البناء اللاحقة بنسبة 15% عبر تقليل الهدر المادي.

    رابط ذو صلة: يرجى مراجعة هذا المقال لمقارنة تأثير الرقمنة على الممارسة المعمارية:
    التصميم الرقمي والمعماري: من النمذجة إلى التنفيذ المباشر
    https://archup.net/ar/التصميم-بمساعدة-الحاسوب-cad/