مشروع مدرسة Nuoc Ui يعيد صياغة العلاقة بين البيئة الطبيعية والتعليم المحلي

الموقع والسياق الجغرافي

تقع مدرسة “نيووك أوي” في قرية ترا ماي بمقاطعة نام ترا مي في محافظة كوانغ نام، وهي منطقة جبلية نائية في وسط فيتنام. تشتهر هذه المنطقة بتضاريسها الوعرة وظروفها المناخية القاسية، حيث تتكرر فيها العواصف والأمطار الغزيرة تقريبًا سنويًا.

المجتمع المستهدف

تخدم المدرسة مجتمعًا من الأقليات العرقية المتفرقة، مما يجعل تصميمها يحتاج إلى مراعاة الخصوصيات الثقافية والاجتماعية للطلاب وأسرهم. هذه الميزة تؤكد أهمية توفير بيئة تعليمية متوافقة مع احتياجات المجتمع المحلي، بدلًا من اعتماد تصميم نمطي لا يعكس الواقع المحلي.

التمويل والدعم

تم تمويل المشروع بشكل رئيسي من قبل مؤسسة ميداس، بينما تكفلت شركة توستم بتوفير الأبواب والنوافذ. هذا التعاون بين المؤسسات المانحة والشركات الداعمة يعكس نموذجًا عمليًا لتطوير المشاريع التعليمية في المناطق النائية، حيث يوازن بين الموارد المحدودة وجودة البناء.

الأهداف التعليمية والمعمارية

يسعى المشروع إلى خلق بيئة تعليمية مستدامة وودية، تراعي الجوانب المناخية والاجتماعية للمنطقة. التصميم لم يركز فقط على الجمالية، بل على الاستدامة والوظائف العملية التي تخدم الطلاب والمعلمين على حد سواء، مما يجعل المدرسة نقطة محورية لتطوير المجتمع المحلي.

التصميم المتناغم مع الطبيعة

مع نية قوية للحفاظ على المناظر الطبيعية الخضراء القائمة، تم تصميم مباني المدرسة وفصولها الدراسية بعناية لتتكامل مع البيئة المحيطة، مع الحرص على التناغم البصري مع الطبيعة.

التوجيه والإطلالات

تم ترتيب النوافذ بحيث تفتح على الجبال المشجرة المحيطة، مما يعزز الاتصال البصري مع الطبيعة ويوفر بيئة تعليمية مريحة للطلاب. بالإضافة إلى ذلك، صُمم الفناء المركزي بطريقة تتيح الاستمتاع بإطلالة بانورامية على الوادي، مما يجعل الفضاء الخارجي جزءًا من تجربة التعلم اليومية.

الأثر البيئي والتعليمي

هذا التوجه لا يحمي البيئة فحسب، بل يسهم أيضًا في تعزيز الانتماء المكاني لدى الطلاب، حيث يشعرون بأن المدرسة جزء من محيطهم الطبيعي. كما يساهم في خلق بيئة تعليمية ملهمة ومحفزة، تربط بين التعلم والوعي البيئي.

استخدام المواد المحلية

استُخدمت المواد الطبيعية المتوفرة محليًا في بناء المدرسة، حيث شُيدت الجدران من التراب المدكوك، بينما صُنعت الأسقف من الخيزران. هذه المواد لا تقلل فقط من تكاليف النقل والأثر البيئي، بل تعزز أيضًا الارتباط الجسدي والروحي بالمكان والسياق المحلي.

التصميم والبساطة العملية

تم تصميم المبنى ليكون بسيطًا وعمليًا في الوقت نفسه، مع مراعاة التضاريس المائلة للمنطقة. يضمن هذا التصميم الصلابة والمتانة، مما يجعله قادرًا على مقاومة الأمطار الغزيرة والعواصف السنوية، ويضمن استمرارية استخدام المدرسة على المدى الطويل.

الاستدامة والوظائف المعمارية

اختيار التراب والخيزران يعكس نهجًا مستدامًا في البناء، حيث يربط بين البيئة، الثقافة المحلية، والوظائف التعليمية. كما يوفر هذا النهج نموذجًا عمليًا لتصميم مبانٍ تعليمية في المناطق النائية مع مراعاة الاقتصاد والبيئة والجمالية المحلية.

التنظيم المكاني للفصول الدراسية

تم ترتيب الفصول الدراسية حول فناء داخلي، حيث ترتبط بدورها بساحة أمامية عبر ملعب داخلي. هذا التنظيم يخلق تسلسلًا مكانيًا مستمرًا يدعم الأنشطة التعليمية واللعبية والجماعية، ويعزز تجربة الطلاب اليومية داخل المدرسة.

الحماية والاستدامة

تحيط بالفصول مظلات عميقة تعمل على حماية الجدران الترابية من الأمطار، وهو عنصر تصميمي أساسي لضمان متانة المبنى واستمرارية استخدامه في الظروف المناخية القاسية.

مساحة لعب محمية

تم تصميم ملعب شبه داخلي بين فصلين دراسيين، ليكون مساحة محمية للطلاب تتيح لهم اللعب وممارسة الأنشطة حتى خلال موسم الأمطار الغزيرة، مما يعكس الاهتمام بالجانب الاجتماعي والتعليمي للمدرسة على حد سواء.

الاستفادة من الضوء الطبيعي

تُتيح النوافذ الكبيرة، المصممة بشكل متماثل على جانبي كل فصل دراسي، الاستفادة القصوى من الضوء الطبيعي. هذا التصميم يعزز الراحة البصرية للطلاب والمعلمين، ويخلق أجواء تعليمية مشرقة ومحفزة.

التهوية الفعّالة

تساهم هذه الترتيبات أيضًا في تدفق الهواء الطبيعي، مما يوفر تهوية فعّالة تحافظ على بيئة تعليمية مريحة ومناسبة للمناخ الاستوائي الرطب.

تقليل استهلاك الطاقة

نظرًا لدرجات الحرارة المعتدلة نسبيًا في المنطقة، تُعد هذه الاستراتيجيات الطبيعية للتهوية كافية للحفاظ على مناخ داخلي مناسب للفصول، مما يقلل من الحاجة إلى الأنظمة الميكانيكية ويحد من استهلاك الطاقة، ويعكس اهتمامًا واضحًا بالاستدامة.

دور مناطق العزل والحماية

تلعب مناطق العزل مثل المظلات والممرات الخارجية دورًا مزدوجًا؛ فهي لا تحمي فقط الجدران الترابية من التلف الناتج عن المياه، بل تساهم أيضًا في التحكم السلبي بالمناخ. إضافة إلى ذلك، توفر هذه المساحات بيئة شبه خارجية للأنشطة غير الرسمية، مثل اللعب أو التجمعات الصغيرة، مما يعزز الجانب الاجتماعي والتعليمي في الوقت نفسه.

التصميم المستدام والبسيط

تمثل المدرسة مثالًا على الحل المعماري المتواضع والفعال، بفضل حجمها المتواضع، وبنيتها البسيطة، واستخدام المواد المحلية، وتركيزها على المتانة والاستدامة.

التكامل مع السياق المحلي

تعكس المدرسة تصميمًا ملائمًا للسياق المحلي ومتجذرًا بعمق في المكان، لتصبح ليس مجرد مبنى تعليمي، بل مركزًا مجتمعيًا ذي قيمة كبيرة، يربط بين البيئة والتعليم والأنشطة الاجتماعية بطريقة متكاملة ومستدامة.

✦ تحليل ArchUp التحريري

يمكن النظر إلى مشروع مدرسة Nuoc Ui كمثال على الاندماج بين البيئة المحلية والمواد المتاحة، حيث يظهر اهتمام واضح بالاستدامة والوظائف العملية، إلى جانب توفير بيئة تعليمية متصلة بالمحيط الطبيعي. هذه الجوانب تمثل عناصر إيجابية يمكن الاستفادة منها في مشاريع مماثلة، خصوصًا في المناطق النائية أو ذات الموارد المحدودة.

ومع ذلك، يبرز المشروع عدة تحديات محتملة على مستوى التكيف طويل الأمد والصيانة، نظرًا لاعتماد الجدران الترابية والخيزران، التي قد تتأثر بشكل أكبر بالعوامل المناخية القاسية على مدى السنوات. كما أن التصميم البسيط والمسطّح للفصول والممرات قد لا يوفر المرونة الكافية لتوسعة المدرسة أو تعديلها مع زيادة أعداد الطلاب أو تنوع الأنشطة المستقبلية.

من ناحية أخرى، يمكن اعتبار المدرسة نموذجًا تعليميًا وتجريبيًا لدراسة العلاقة بين التصميم المعماري والمجتمع المحلي، إلا أن الاعتماد على استراتيجيات تهوية وإضاءة طبيعية فقط يطرح تساؤلات حول قدرة المبنى على تلبية متطلبات بيئية متغيرة أو فصول شديدة الحرارة أو الرطوبة.

بشكل عام، يقدم المشروع دروسًا عملية حول استخدام المواد المحلية، دمج البيئة الطبيعية، وأهمية التنظيم المكاني في دعم الأنشطة التعليمية والاجتماعية، بينما تظل الحاجة قائمة لتقييم الاستدامة على المدى الطويل، وإمكانية تحسين المرونة الوظيفية والتكيف مع التغيرات المستقبلية في احتياجات المستخدمين والمناخ.

✦ تحليل ArchUp التحريري

قُدم لكم بكل حب وإخلاص من فريق ArchUp

لا تفوّت فرصة استكشاف المزيد من أخبار معمارية في مجالات الفعاليات المعمارية، و مشاريع معمارية، عبر موقع ArchUp.