مقدمة: نموذج جديد للمراكز المجتمعية
يُعد Self Care Community Centre Jakarta أكثر من مجرد مبنى؛ إنه بيان معماري متكامل. أعاد تصميمه وإحياؤه استوديو التصميم متعدد التخصصات Space Available، ليصبح مزيجًا من الاستدامة، وتجديد المناطق الحضرية، والتصميم المجتمعي المفتوح. يقع هذا المشروع في منطقة كيمانغ التي كانت نابضة بالحياة سابقًا، ويهدف إلى دمج الرفاهية الثقافية، وابتكارات المواد المعاد تدويرها، والمساحات العامة المفتوحة ضمن بيئة حضرية موحدة.
تم تأسيس المركز داخل مبنى عمره أكثر من عشرين عامًا صممه المعماري الإندونيسي الشهير أندرا ماتين. واليوم، أعاد الفريق الحياة إلى هذا الهيكل المهجور من خلال تصميم جديد يدور حول نواة معمارية لافتة: حفرة محادثة باللون البرتقالي الزاهي، محاطة بآلات إعادة تدوير وأثاث مصنوع من البلاستيك الملتقط من المحيطات. إنها مساحة للحوار والتجديد—سواء للمواد أو للمجتمع.
تحليل معماري: أنظمة معيارية وتجديد مستدام
من منظور معماري، يُعد هذا المشروع مثالًا ناجحًا لإعادة الاستخدام التكيفي. بدلاً من هدم الهيكل الأصلي، تعاون استوديو Space Available مع المعماريَين الإندونيسيَين سيدارتا وسانداجا، والمصمم أنديكا واهيو، لإعادة برمجة المساحات الداخلية والخارجية مع الحفاظ على روح التصميم الأصلي.
المخطط الفراغي مفتوح في معظمه ومرن في التكوين—استراتيجية متعمدة لتشجيع الاستخدام المجتمعي المتعدد الوظائف. تشمل البرامج أنشطة حركية مثل الجري والرقص، وغرفة تأمل، ومعرض للفن وابتكار المواد، ومكتبة استماع، وورشة لإعادة التدوير، ومساحة للبيع بالتجزئة.
الأهم من ذلك، تم استخدام أكثر من 11 طنًا من البلاستيك المعاد تدويره محليًا في التشطيبات الداخلية والواجهة الخارجية. الواجهة مكسوة بألواح بلاستيكية معاد تدويرها، مثقبة بفتحات بيضاوية غير منتظمة تحاكي ثمار أشجار كيمانغ الأصلية—في تلميح بيوميمتيكي يربط المبنى ببيئته المحلية.
تجربة حسية: التصميم البصري والملمس
عند الدخول، يُستقبل الزائرون بممر مضاء باللون الأحمر، في تجربة حسية تمثل انتقالًا من ضجيج المدينة الخارجي إلى داخل هادئ ومتأمل. وفقًا لمؤسس المشروع دانيال ميتشل: “تضفي الألوان الحمراء طاقة وتوازنًا على درجات الأزرق الباردة، مما يدعم فكرة الربط بين العوالم الداخلية والخارجية من خلال الضوء والملمس واللون.”
يمتزج الضوء والمواد المعاد تدويرها في الداخل ليُكوّنا تجربة ملموسة نادرة في العمارة المجتمعية المعاصرة. الأرائك المنحنية، التي صممها الحرفي نانو أهيرو باستخدام حبال بلاستيكية معاد تدويرها وخيزران طبيعي، تعتبر قطعًا نحتية عملية. كما تم تصنيع الطاولات والرفوف من بلاستيك بحري معاد تدويره بتقنية الدوامة اليدوية الخاصة بالاستوديو، دون الحاجة إلى غراء أو تثبيت معقد—تعزيزًا لمبدأ التفكيك وإعادة الاستخدام.
لكن أبرز معالم المشروع تبقى حفرة المحادثة، وهي منخفض مركزي يعكس وظيفة رمزية—مساحة حوار وتفاعل وصيانة، محاطة بمحطات إصلاح وإعادة تدوير مخصصة للزوار.
مجتمع وطقوس وثقافة دائرية
ما يميز Self Care Community Centre Jakarta عن غيره من المراكز الثقافية هو تركيزه على “الطقوس الجماعية والرفاهية الثقافية.” بعض المساحات مفتوحة للجميع، بينما يتطلب البعض الآخر عضوية مجانية للوصول إلى ورش العمل والفعاليات. هذا النموذج من الوصول المتدرج يعزز الانتماء والعلاقات طويلة الأمد مع الزائرين.
وبالتعاون مع المجموعة الثقافية A3000، يمثل المشروع نموذجًا رائدًا لتعاون الاستوديوهات التصميمية مع المبادرات المجتمعية لإنشاء بنية تحتية مدنية مبتكرة. وكما أوضح ميتشل: “إنه يتعلق ببناء منظومة للرفاهية الثقافية في خدمة المجتمع، حيث يمكن للأفراد ممارسة طقوسهم الفردية والجماعية للرعاية الذاتية.”
الربط بالمشاريع السابقة والرؤية الأوسع
يعكس هذا المشروع الفلسفة التي ظهرت في مشروع سابق هو Museum of Space Available (MoSA) في بالي، والذي استخدم أكثر من 200,000 زجاجة بلاستيكية معاد تدويرها في واجهته. يشكل كلا المشروعين جزءًا من منظومة متكاملة تدعو إلى أبحاث المواد الحيوية، وإعادة تدوير البلاستيك، ونماذج الحياة الدائرية.
في كل من MoSA ومركز الرعاية الذاتية في جاكرتا، لا يُفصل الجمال البصري عن الرسالة البيئية. التصميم لا يتعلق فقط بما يبدو عليه المبنى، بل بما يفعله: كيف يعلم، ويعيد التدوير، ويربط، ويُعالج.
فقرة نقدية: ما بعد الواجهة الجمالية
رغم أن مشروع Self Care Community Centre Jakarta يُعد إنجازًا معماريًا متميزًا، إلا أن أسئلة مهمة تظل مطروحة حول قابلية النمو والاستدامة طويلة المدى. هل يمكن تكرار هذا النموذج في أحياء أقل موارد؟ هل يُمكن تعميم استخدام البلاستيك المعاد تدويره في مشاريع أكبر حجمًا أو بنماذج عمرانية أخرى؟
هذه ليست نقاط ضعف، بل تحديات مشروعة تُبقي النقاش حول الاستدامة معماريًا صادقًا ومتجددًا. من خلال الدمج بين البرمجة الثقافية وإعادة الاستخدام الجذري، يتحرك هذا المركز بعيدًا عن مظاهر التسويق البيئي السطحية نحو عمارة متحولة فعليًا. ومع ذلك، فإن التأثير الحقيقي سيظهر عندما تُبنى مثل هذه المساحات في النطاق العام وعلى نطاق واسع—لا في النخبة التصميمية فحسب.
لكل من يبحث عن مصدر معماري موثوق ومواكب، ArchUp يقدم محتوى متجدد يغطي المشاريع والتصميم والمسابقات.
الصور: إرنست ثيوفيلوس.
للمزيد على ArchUp:
