إليبسيس: مقهى وبار داخل مبنى الشلال في فانكوفر

يعد مشروع “إليبسيس” مقهى وبارًا جديدًا يعيد إحياء أحد أبرز المباني الحداثية في فانكوفر. يقع في داخل مبنى الشلال الذي صممه آرثر إريكسون عام 1996 بالتعاون مع نِك ميلكوفيتش، ويعيد المشروع تخيل المساحة لتصبح مقهى نهاريًا وبارًا مسائيًا في الوقت ذاته. يمزج التصميم بين الطابع الجريء للعمارة الأصلية وأجواء الدفء والضيافة والمجتمع.

تبلغ مساحة المقهى 268 مترًا مربعًا تقريبًا، ويتسع لحوالي 47 مقعدًا. يقع بالقرب من جزيرة غرانفيل، ويمكن الوصول إليه عبر مدخل خرساني مثلث الشكل، تحت واجهة زجاجية مائلة بزاوية 45 درجة. يغمر الضوء الطبيعي الداخل من خلال مظلات زجاجية مميزة. تم الحفاظ على المواد الأصلية مثل الخرسانة والفولاذ والزجاج، بينما أضيفت لمسات دافئة من القماش والجلد واللون البرتقالي المحروق. صُممت الإضاءة لتتحول بسلاسة من ضوء النهار إلى أجواء المساء، مما يجعل المكان تجربة اجتماعية متكاملة تدعو الزوار إلى التمهل والتواصل والبقاء لفترة أطول.

الفكرة المعمارية والتصميم

تتمحور الفكرة حول احترام إرث العمارة الحداثية التي تميز مبنى إريكسون. فقد تم الحفاظ على الهندسة القوية للمبنى – بزواياه الحادة ومظلاته الزجاجية وقاعدته الخرسانية – لتظل هي العنصر البصري الرئيسي. استخدم التصميم الجديد أشكالًا هندسية أساسية مثل الدوائر والمثلثات والمستطيلات في الأثاث والإضاءة والعناصر الداخلية لتستكمل اللغة المعمارية الأصلية، بينما أُدخلت الخامات الدافئة والألوان الهادئة لتلطيف الأجواء. الهدف هو تحقيق توازن بين الاستمرارية والتجديد دون المساس بجوهر المكان.

البرنامج والتنظيم المكاني

المواد والتفاصيل الداخلية

تم اختيار المواد لتكريم هوية المبنى الأصلية. أُعيد صقل الأرضيات الخرسانية، وحُفظت الواجهات الزجاجية والعناصر الفولاذية، بينما أضيفت لمسات خشبية وقماشية لتخفيف الطابع الصناعي. أضفت المفروشات باللون البرتقالي المحروق دفئًا بصريًا، واستُخدمت أعمال النجارة الهندسية لتكرار الأشكال الأساسية. تتغير الإضاءة بين ضوء النهار الطبيعي والإضاءة الاصطناعية المسائية لتوفير تجربة حسية متبدلة. كما ساعدت المرايا والأسطح العاكسة على توسيع الإحساس بالمساحة.

التحليل المعماري

منطق التصميم يجمع بين الحفاظ والتكيّف. فقد تم احترام الهيكل الأصلي مع إعادة توظيفه لوظائف جديدة. ظلت الواجهة الزجاجية المائلة والقاعدة الخرسانية كما هي لتشكل الهوية المعمارية الأساسية، بينما تعكس تفاصيل الأثاث والإضاءة نفس اللغة الهندسية. تميّز المشروع بصدق مادي واضح، حيث تُعرض المواد كما هي دون إخفائها، مع موازنة ملموسة بين البرودة الصناعية والدفء الحسي.

في هذا المشروع، تتحول العمارة من مجرد شكل إلى إطار لتجربة إنسانية متكاملة – من نهار مشرق مليء بالحيوية إلى مساء هادئ تغمره الأجواء الحميمة. هذه الازدواجية تمنح المكان روحًا متجددة تجعل من المبنى التاريخي فضاءً نابضًا بالحياة اليومية.

أهمية المشروع

يُظهر “إليبسيس” أن إعادة الاستخدام التكيفي يمكن أن تتجاوز المظهر الخارجي لتصبح فعلًا معماريًا يحترم الماضي ويواكب الحاضر. يقدّم المشروع درسًا في كيفية إعادة إحياء المباني التاريخية لتخدم حاجات المجتمع المعاصر دون أن تفقد هويتها. كما يضيف مساهمة نوعية في تطوير نمط المقاهي-البارات الهجينة ومشاريع ترميم العمارة الحداثية.

تبرز أهمية المشروع في توقيته أيضًا، إذ تواجه المدن المعاصرة تحديات في استغلال المباني القائمة بدل بناء جديدة. يُظهر “إليبسيس” أن التصميم الواعي بالإضاءة والمواد والمرونة المكانية يمكن أن يطيل عمر المباني ويمنحها وظائف اجتماعية جديدة. إنه مشروع يجسد قيم الاستدامة، وإحياء التراث، وإعادة تعريف العلاقة بين العمارة والمجتمع.

✦ نظرة تحريرية من ArchUp

يقع مقهى وبار Ellipsis في فانكوفر داخل مبنى Waterfall الذي صممه آرثر إريكسون، ويقدّم مفهومًا هجينًا يجمع بين المقهى وبار الكوكتيل، بهدف تحقيق توازن بين التعبير المعماري الحداثي وبين الدفء وروح المجتمع. يتميز المبنى الثلاثي المصنوع من الخرسانة والزجاج منذ عام 1996 بإضاءة طبيعية وافرة من خلال النوافذ الكبيرة وشلال مائي درامي في الفناء الداخلي. قاد كل من استوديو SML وTetherstone Construction عملية إعادة التصميم الداخلي باستخدام الفولاذ المقاوم للصدأ المصقول، والتصميمات الهندسية للأثاث، والأقمشة الدافئة، والتفاصيل الخشبية، والمفروشات ذات اللون البرتقالي المحروق، مما أضفى لمسة ناعمة على القشرة الخرسانية مع الحفاظ على اللغة الشكلية الأصلية للمبنى.

أبرز ما يميز مشروع Ellipsis هو كيف يعكس جماليات الحداثة عند إريكسون، في حين يخلق وظيفيًا تجربة مزدوجة بين الزمنين: من مقهى صباحي إلى بار مسائي. ومع ذلك، تظهر بعض التحديات؛ فأسطح الخرسانة والنوافذ الواسعة توفر جمالًا بصريًا لكنها تثير تساؤلات حول الراحة الحرارية وكفاءة الطاقة. كما أن ازدواجية الاستخدام قد تؤدي أحيانًا إلى تغليب أحد الطابعين (المقهى أو البار) على الآخر، مما يؤثر على اتساق الأجواء وجاذبية المكان للمجتمع المحلي.

ومع هذا، ينجح Ellipsis في تقديم نموذج ملهم لتصميم الضيافة الذي ينسج بين العمارة والعادة والحضور الإنساني، ليخلق مساحة يتباطأ فيها الإيقاع ويتصل الناس من جديد.

الخاتمة

يشكل مشروع “إليبسيس” داخل مبنى الشلال مثالًا حيًا على كيفية توحيد التاريخ والإنسانية في لغة معمارية واحدة. نجح استوديو SML في الحفاظ على قوة لغة إريكسون الحداثية مع إضافة أجواء دافئة ومرنة. الواجهة الزجاجية، المدخل المثلث، القاعدة الخرسانية، والتفاصيل الهندسية الداخلية تتناغم لتشكل تجربة حسية وجمالية متكاملة.

يذكرنا المشروع بأن العمارة ليست دائمًا في الجديد، بل في كيفية إحياء القائم بروح جديدة. يثبت “إليبسيس” أن الحساسية تجاه الماضي يمكن أن تولّد أماكن معاصرة تنبض بالهوية. وفي زمن تتسارع فيه وتيرة الحياة الحضرية، تمنح هذه المساحات لحظات من التوقف والتأمل، لتصبح العمارة مساحة عيش وتفاعل لا مجرد بناء.

التصوير الفوتوغرافي بواسطة جيمس هان.

معارض معمارية، مؤتمرات، وفعاليات تصميم عالمية

هل تبحث عن معارض معمارية متميزة أو مؤتمرات معمارية دولية؟ في ArchUp نوثق أهم الأحداث المعمارية والفنية، من معارض التصميم إلى المنتديات الحضرية.
نغطي أيضًا أبرز المسابقات المعمارية ونتائج المسابقات، مع تحديثات مستمرة عبر قسم الأخبار المعمارية.
من خلال ArchUp، ستجد كل الفعاليات المعمارية في منصة واحدة تجمع بين الإلهام والفرص المهنية.

مقدم لكم من فريق تحرير ArchUp

من هنا يبدأ الإلهام. تعمق في الهندسة المعمارية، والتصميم الداخلي، والبحث، والمدن، والتصميم، والمشاريع الرائدة على ArchUp.