دمج العمارة بالبيئة: حوار بصري ومكاني في كازا تريس باتيس
تكامل التصميم المعماري مع الطبيعة المحيطة
في قرية ألبونس بإقليم كاتالونيا، يظهر منزل “كازا تريس باتيس” كنموذج لدراسة العلاقة بين العمارة والمنظر الطبيعي. حيث لا يعتمد المشروع على الفصل بين المبنى والبيئة، بل يسعى إلى دمج الشكل المعماري في السياق الطبيعي المحيط، من خلال تفاعل بصري ومادي مدروس. يمثل المشروع مثالاً ممتازاً عن الاندماج بين المعمار والطبيعة.
تقسيم وظيفي يحاكي عناصر الطبيعة
يعتمد تخطيط المساحات الخارجية على ثلاث مناطق مفتوحة، تستوحي طابعها من الطبيعة المحلية:
- البساتين
- المروج
- البحر
تُحاط هذه المساحات بنطاق نباتي كثيف على الأطراف، ما يساعد على توجيه النظر والحركة داخل الموقع، ويمنح المكان إحساسًا بالاحتواء والخصوصية.
قراءة متعددة للحديقة
تتيح خطة الزراعة فهمًا مزدوجًا للحديقة:
- من جهة، تظهر كمساحة متكاملة ومترابطة.
- ومن جهة أخرى، تُختبر كتجارب متعددة ومتسلسلة، تتكشف تدريجيًا أثناء التنقل.
تسلسل الدخول وبناء المحاور البصرية
عند دخول الموقع، يُميز فناء صغير مزروع بأشجار الليمون منطقة الانتقال من الخارج إلى الداخل.
في المركز، تقف شجرة زيزفون كبيرة، تعمل كعنصر بصري محوري يربط بين مختلف المناطق، وتوفر ظلًا طبيعيًا يعزز من الراحة المناخية. هذه العناصر تعزز الاندماج بين المعمار والطبيعة.
الإطلالات كموجّه بصري
تنسج الممرات البصرية المتقاطعة شبكة تربط بين مناطق الموقع المختلفة، وتُساعد على توجيه الحركة والتنقل ضمن محاور محددة.
كما تسمح هذه الإطلالات بامتداد النظر من المنزل نحو المشهد الطبيعي الأوسع، وصولًا إلى الأفق الشرقي، حيث تلتقي سهول إمبوردا بالبحر الأبيض المتوسط. تؤكد هذه الإطلالات الاندماج بين المعمار والطبيعة.
الانتقالات التدريجية: لغة التصميم بين المعمار والطبيعة
تدرج في المواد يرسم مسارات الحركة
أحد أبرز ملامح تصميم “كازا تريس باتيس” يتمثل في استخدام تدرج مادي محسوب لتحديد مسارات التنقل داخل الموقع.
يبدأ الرصف الحجري، المصنوع من مواد محلية معدنية، من محيط المبنى، ثم يخف حضوره تدريجيًا كلما ابتعدنا عن المنزل، حتى يذوب في الغطاء النباتي المتوسطي في عمق الحديقة.
هذا التدرج لا يعبّر فقط عن انتقال مادي، بل يُجسّد التحول من الفضاء المبني إلى الطبيعة المفتوحة بطريقة سلسة وبصرية جذابة، وهو مثال آخر على الاندماج بين المعمار والطبيعة.
محاور بصرية توجه التفاعل مع الحديقة
اعتمد التخطيط على تنظيم الغطاء النباتي بحيث يُشكل إطارات بصرية طبيعية تُوجه النظر في اتجاهات مدروسة.
- أحد المحاور يمتد نحو الخارج، في انسجام مع المشهد الطبيعي المحيط.
- أما المحور العرضي، فيُعزز من حضور الحديقة كامتداد داخلي بصري يمكن رؤيته من زوايا متعددة داخل المنزل.
تكوين ثنائي بين النبات والمعدن
تستند بنية الحديقة إلى نظامين متكاملين:
- النظام النباتي
- النظام المعدني
يتم دمج هذين العنصرين عبر أسطح انتقالية، تتراجع فيها المواد الحجرية تدريجيًا أمام نباتات منخفضة الصيانة.
مع الوقت، يتشكل نظام بصري ووظيفي موحد، يعكس انسجامًا بين الطبيعة والعمران، مما يعزز الاندماج بين المعمار والطبيعة.
تنوع التجربة وتعدد طرق التفاعل
لا يقتصر التصميم على الجانب الجمالي فقط، بل يدعم تجارب متعددة للحركة والتفاعل:
- سواء عبر التنقل بين المساحات
- أو من خلال الإطلالات البصرية من داخل المنزل
وفي كلتا الحالتين، يُبقي التصميم العلاقة بين المستخدم والموقع مرتبطة بالسياق الطبيعي والإقليمي الأوسع، دون أن يفقد الحديقة طابعها الحميمي والوظيفي، مما يعكس الاندماج بين المعمار والطبيعة.







