مدرسة دوموم: عندما يصبح التصميم درعًا حراريًا في قلب إقليم كاريري البرازيلي
في قلب منطقة جوازيرو دو نورتي بإقليم كاريري البرازيلي، تظهر مدرسة متكاملة تتجاوب بعمق مع متطلبات بيئتها القاسية. هذه المؤسسة التعليمية، التي تستوعب مراحل الدراسة من الطفولة المبكرة حتى المرحلة الثانوية، ليست مجرد مبنى، بل هي نموذج حي لدمج العمارة مع استراتيجيات التبريد الطبيعي. المشروع يجسد مفهوم التكيف المعماري مع المناخ، حيث يتحول التصميم نفسه إلى درع فعال ضد وهج الشمس وحرارة المنطقة. تبلغ المساحة المشيدة للمدرسة 3,700 متر مربع، وهي مصممة لتوفر بيئة تعليمية مفتوحة وجيدة التهوية، تتناغم مع النمط الثقافي المحلي.

الهروب من الشمس: تصميم الواجهات كاستراتيجية مناخية
الرحلة في مدرسة دوموم تبدأ من فهم عميق لحركة الشمس القوية في ولاية سيارا. يلاحظ الزائر كيف تم وضع المبنى بذكاء على محيط قطعة الأرض. هذا التوزيع المحيطي خلق حاجزًا طبيعيًا يقي الأجزاء الداخلية من التعرض المباشر لشمس الغرب الحارقة. الفصول الدراسية الأكثر حساسية للحرارة تم توجيهها بالكامل نحو الشرق والشمال، مما يضمن تدفقًا مستمرًا للإضاءة الطبيعية المستقرة طوال اليوم دون زيادة في الحرارة. حتى الملعب الرياضي، الذي يفتح على الواجهة الغربية، حظي بحماية خاصة عبر سقف معدني ضخم يقلل من اكتساب الحرارة، جاعلاً ممارسة النشاط البدني أمرًا مريحًا. هذا التوزيع المدروس يمثل جوهر التكيف المعماري مع المناخ في المشروع.

الفناء الداخلي: حيث يروي الميل قصة التفاعل
أثناء التجول داخل المدرسة، تظهر التضاريس كعنصر تصميمي لا يمكن تجاهله. واجه المصممون انحدارًا في الموقع بلغ أربعة أمتار، ولم يلجؤوا إلى حلول الردم المسطحة، بل قاموا بدمجه ببراعة في تصميم الفناء المركزي. هذا الفناء، الذي هو قلب المدرسة النابض، يتشكل كسلسلة من المستويات المتدرجة، ترتبط ببعضها البعض عبر منحدرات وسلالم واسعة. إنه ليس مجرد ممر، بل هو ساحة غير منتظمة تتضمن مدرجًا ومناطق جلوس هادئة، مما يشجع الطلاب من مختلف الأعمار على التفاعل والاكتشاف. هذا الحل سمح بتوزيع البرنامج التعليمي على ثلاثة طوابق بسلاسة، حيث يضم الطابق الأرضي المدخل والإدارة، والأول أنشطة الطفولة والكافيتريا، بينما يضم الطابق الثاني المكتبة والمختبرات، مع الحفاظ على جزء منه فارغًا للتوسع المستقبلي.

الملمس البصري: بساطة البناء وأصالة المواد
يرتكز البناء على فلسفة تؤكد على احترام مكان التدخل المعماري واستخدام المواد المتوفرة محليًا. الملمس العام للمدرسة يتميز بالمتانة والبساطة الوظيفية. الهيكل الأساسي مكون من خرسانة مسلحة، واستخدمت أعمال البناء الخزفية في الجدران. أما في الأرضيات الداخلية، فقد تم الاعتماد على أرضيات صناعية، بينما تم تكسية الفناء بأحجار إنترلوك متشابكة تتماشى مع المناخ.
استراتيجية التكيف المعماري مع المناخ تظهر بوضوح في التفاصيل المادية التي توفر الراحة الحرارية:
- عناصر التظليل المعدنية 100% : لحماية الواجهة الغربية للملعب.
- العناصر المثقوبة 95% : تستخدم بكثافة على طول مسارات الحركة لتوفير التهوية.
- حواجز كوبوغو 80% : وهي كتل إسمنتية مجوفة تستخدم في حدائق الطفولة المبكرة لتوفير الظل والتهوية المتوازنة.
- الرفوف الضوئية 75% : مثبتة في الفصول لتعزيز الإضاءة الطبيعية وتوزيعها بعمق دون جلب الحرارة المباشرة.
يتم إثراء هذه البساطة المعمارية بلمسات من الألوان الأساسية الموضوعة على خلفية بيضاء، ما يمنح مساحات الحركة والتعلم حيوية واضحة. يظهر المبنى من الخارج منفتحًا على محيطه، حيث يفصله سياج معدني فقط يحافظ على التواصل البصري والتهوية المستمرة، مؤكدًا على مبدأ التكيف المعماري مع المناخ المتأصل في هوية المنطقة.
يوثّق ArchUp باستمرار أبرز المعارض والمؤتمرات في مجال العمارة، مع تغطية دقيقة لـالمسابقات الدولية ونتائجها الرسمية في قاعدة بيانات مفتوحة للباحثين والمهتمين.

✦ ArchUp Editorial Insight
يمثل مشروع دوموم في منطقة كاريري تصميماً استراتيجياً يتسم بالصرامة البصرية والتكيف المناخي، حيث يستجيب لبيئة سيرتاو القاسية بذكاء. يلاحظ المتأمل كيف أن التوزيع المحيطي للمبنى يخلق جداراً ظليلاً فعالاً، بينما يُحَوِّل الفناء المركزي المتدرج، الذي يعالج ميلاً طوبوغرافياً بـ أربعة أمتار، العيب إلى محور حيوي للتفاعل الاجتماعي. يمكن أن يُنظر إلى بساطة المواد كقيمة مضافة، لكن النقد يتمحور حول مدى إمكانية دمج عناصر التكنولوجيا المنخفضة مثل حواجز الكوبوغو في استراتيجية استدامة طويلة الأمد دون الحاجة إلى صيانة مكثفة. إنه إنجاز يعزز دور التكيف المعماري مع المناخ كضرورة لا ترف، ويؤكد على أن العمارة الموثوقة تنبع من سياقها.