تفكيك الحشوة: كيف يعيد تصميم الكرسي التفكير في الاستدامة والراحة
مشكلة الرغوة الصناعية في صناعة الأثاث
تُعد رغوة البولي يوريثان (PU) إحدى المواد البتروكيميائية التي تدخل في صناعة الأثاث المُنجّد. وهي تعتمد على استخدام الإيزوسيانات كعامل دافع أثناء التصنيع. وعلى الرغم من انتشارها الواسع في السوق، إلا أنها تثير العديد من الإشكاليات البيئية والصحية.
فمع مرور الوقت، تبدأ هذه المادة بإطلاق انبعاثات ضارة في الهواء. كما أنها تفقد صلابتها وقدرتها على الدعم، مما يقلل من جودة المنتج. والأسوأ من ذلك، أن قابليتها للاشتعال تجعلها مصدر خطر حقيقي داخل المنازل والمساحات العامة.
إضافة إلى ذلك، فإن دورة حياة رغوة PU قصيرة نسبيًا. وعند التخلص منها — سواء بالحرق أو بإعادة التدوير منخفض الجودة — فإنها تُشكّل عبئًا بيئيًا كبيرًا يصعب معالجته.
الحاجة إلى بدائل أكثر استدامة
رغم أن إيقاف إنتاج الأرائك والكراسي ليس خيارًا واقعيًا في الصناعة، إلا أن الاتجاه نحو بدائل أكثر أمانًا واستدامة أصبح ضروريًا. هنا تأتي أهمية التفكير في المواد الجديدة التي يمكنها تقديم الأداء المطلوب. وهذه المواد لا تحمل الآثار الجانبية السلبية.
تجربة جديدة في التنجيد الخالي من الرغوة
ضمن هذا السياق، جاء تصميم كرسي SHRINX Easy كأحد الأمثلة التي توضح كيف يمكن للتقنيات الحديثة أن تعيد صياغة مفاهيم التصميم التقليدية. فقد اعتمد المشروع على نسيج مبتكر يُدعى SHRINX 4903. وقد طُوّر بالتعاون مع شركاء مختصين في مجال المواد النسيجية.
ما يميز هذه التجربة هو الاستغناء الكامل عن رغوة البولي يوريثان. هذا يأتي مع الحفاظ في الوقت نفسه على معايير الراحة والدعم. وهذا يشير إلى تحوّل جذري في طريقة التفكير في التنجيد. الانتقال يحدث من الاعتماد على الحشوات الكثيفة إلى استخدام تقنيات الشد والنسيج الذكي.




نسيج SHRINX 4903: مقاربة جديدة لتصميم التنجيد
في إطار البحث عن حلول بديلة للرغوة التقليدية، يبرز نسيج SHRINX 4903 كخيار تقني مختلف جذريًا. هذا النسيج، المُسجل ببراءة اختراع، يتكون من %68 بوليستر و%32 بولي أميد. ويتميّز بقدرته على دعم نفسه ذاتيًا دون الحاجة إلى مواد داعمة إضافية.
الخصائص التقنية والمرئية
يأتي النسيج في 30 لونًا متنوعًا. كما أن بنيته الشبكية شبه الشفافة تمنحه ميزة إضافية. فهي تتيح تطبيق التنجيد بدقة متناهية، وفي الوقت ذاته تُظهر البنية الداخلية للكرسي بوضوح. هذه الخاصية لا تساهم فقط في خفة الشكل، بل تعيد أيضًا تعريف العلاقة بين المادة والراحة.
التوتر والمرونة كبديل للرغوة
واحدة من أهم ميزات SHRINX 4903 تكمن في توازنه بين المرونة والتوتر. فبفضل هذا التوازن، يستطيع النسيج أن يتكيف بلطف مع شكل الجسم. في الوقت نفسه يحتفظ بمتانته وثباته على المدى الطويل — وهو ما يحقق الراحة من دون الحاجة إلى حشوات تقليدية.
إعادة تعريف الشفافية في التصميم
على عكس ما هو معتاد في تصميم المقاعد، حيث تُخفى البنية الداخلية خلف الطبقات، فإن هذا النسيج يُظهرها كعنصر جمالي مقصود. هذه المقاربة تجعل من الشفافية موقفًا بصريًا وأخلاقيًا. يحدث هذا في آنٍ واحد، حيث تتقاطع الصدق التصميمي مع الاستدامة الوظيفية في انسجام واضح.



تجربة راحة دون حشوات تقليدية
على الرغم من غياب الرغوة، إلا أن الراحة التي يوفرها الكرسي لا تختلف كثيرًا عمّا تقدمه المقاعد التقليدية. فاختيار نسيج مبتكر مثل SHRINX 4903 لا يعني التضحية بالنعومة أو الدعم الذي اعتاد عليه المستخدم. بل إن الفكرة تكمن في إعادة تعريف الراحة، من خلال استغلال توتر النسيج المدروس والتصميم الذكي. هذا يُفضل بدلاً من الاعتماد على الكتلة والحشو.
التوازن بين الشكل الكلاسيكي والحداثة
عند النظر إلى التصميم الخارجي، نجد أنه يستلهم عناصره من النماذج الكلاسيكية لكرسي الاسترخاء. يتمثل ذلك بانخفاضه المريح، وحضوره الجذاب، وشكله النحتي المألوف. ومع ذلك، تم إعادة صياغة هذه السمات ضمن قالب أكثر بساطة ونقاء. هذا ما يمنح الكرسي طابعًا معاصرًا ملائمًا لمختلف السياقات.
كفاءة بصرية في المساحات المعاصرة
بفضل الشكل النحيف والمُتقن، ينخفض “الوزن البصري” للكرسي. هذا ما يساهم في جعله مناسبًا لكل من المساحات الداخلية الحديثة والبيئات العامة. ويحقق توازنًا بين الوظيفة والمظهر.
منحنيات داعمة وأناقة هادئة
تتميّز البنية الداخلية بمنحنيات صاعدة تُحيط بالإطار. لا تؤدي فقط دورًا وظيفيًا في دعم الجسم بشكل مريح، بل تضيف أيضًا لمسة من الرقي الهادئ. هذا الدمج بين الشكل التقليدي والرؤية المستقبلية يعكس فهماً أعمق للتصميم المستدام. حيث الجمال لا يأتي على حساب الوظيفة أو البيئة.



تحوّل في مفهوم التنجيد التقليدي
إن ما يقدمه هذا النموذج من الكراسي لا يقتصر فقط على خيار مادي بديل. بل يُجسد تحولًا فكريًا في مقاربة التنجيد. فاختيار الاستغناء الكامل عن الرغوة التقليدية لصالح تقنيات نسيجية متقدمة، لا يُعالج فقط مشاكل التلوث والنفايات، بل يفتح المجال أمام حلول أكثر استدامة دون التخلي عن متطلبات التصميم العصري.
وبذلك، يُصبح من الممكن اليوم تحقيق التوازن بين الجمالية والمسؤولية البيئية — لا كمجرد ترف فكري، بل كخطوة عملية في اتجاه تصميم أكثر وعيًا بالمستقبل.

✦ تحليل ArchUp التحريري
يلفت المقال الانتباه إلى أن الراحة لم تُضحّى بها رغم غياب الحشوة التقليدية. بل أعيد تقديمها من خلال التوتر المحسوب للنسيج والتصميم الذكي. الشكل مستوحى من كراسي الاسترخاء الكلاسيكية لكنه مُبسط بصريًا ليتناسب مع الطابع العصري وخفة المساحات. هذه الازدواجية — بين الانسيابية البصرية والدعم الفعلي — تُظهر فهماً متقدمًا للتصميم الوظيفي.
واحدة من النقاط اللافتة في المراجعة هي التركيز على “الشفافية” — ليس فقط من حيث مظهر النسيج، بل كفلسفة تصميمية ترفض الإخفاء وتُقدّر الصدق المادي. الإطار الداخلي مكشوف، لا كقصور في التصميم، بل كبيان ضمني عن العلاقة بين الإنسان والمواد التي تحيط به.
اكتشف أحدث المعارض والمؤتمرات المعمارية
نقدم في ArchUp تغطية يومية لأبرز الفعاليات المعمارية والفعاليات الدولية والمنتديات الفنية والتصميمية حول العالم.
تابع أهم المسابقات المعمارية, وراجع المنصات الرسمية, وابقَ على اطلاع عبر الأخبار المعمارية الأكثر مصداقية وتحديثًا.
يُعد ArchUp منصة موسوعية تجمع بين الفعاليات وفرص التفاعل المعماري العالمي في مكان واحد.