توسعة متحف فيرو بيتش للفنون: تحول معماري طموح على ساحل فلوريدا
مقدمة: جوهرة ثقافية على ساحل الكنز
بينما تحتل مدن مثل ميامي وبالم بيتش مكانة بارزة على الخريطة الفنية لفلوريدا، يبرز متحف فيرو بيتش للفنون (VBMA) على ما يسمى بـ “ساحل الكنز” كمركز ثقافي حيوي وإن كان أقل شهرة. لم يعد هذا المتحف مختبئًا في الظل، فهو يستعد لبدء فصل جديد وجريء في تاريخه. من خلال مشروع إعادة تطوير ضخم بقيمة 85 مليون دولار، يهدف المتحف إلى تحويل حرمه الجامعي من مجموعة مباني متفرقة إلى مؤسسة فنية متماسكة ومرنة، تواجه تحديات الحاضر وتستشرف مستقبل الفن على الساحل.
من مركز تعليمي إلى متحف رائد: رحلة النمو
تأسس المتحف في عام 1986 تحت مسمى “مركز الفنون”، وكان في البداية مؤسسة متواضعة تركز على التعليم الفني. على مر السنين، نما المتحف بشكل مطرد، ليس فقط في حجمه المادي حيث ضاعف مساحته أكثر من مرة في أواخر التسعينيات وعام 2010، بل أيضًا في مكانته. حيث توسعت مقتنياته الدائمة لتركّز على مدارين مهمين: الحداثة الأمريكية والفن المعاصر العالمي، مما جذب جمهورًا أوسع وحصل على تصنيف كأحد أفضل المتاحف الفنية الصغيرة في البلاد، هذا النجاح نفسه هو الذي كشف عن محدودية البنية التحتية الحالية.
تحديات الحاضر: إخفاقات البنية التحتية وعزلة الحرم الجامعي
يكمن الدافع الرئيسي وراء مشروع التطوير في القيود الوظيفية والشكلية للحرم الجامعي الحالي. فالتوسعات السابقة، وإن كانت ضرورية في وقتها، جاءت على نمط “رقعي” أدى إلى افتقار الحرم الجامعي للتماسك المعماري. كما أن العديد من المباني الحالية ذات الطابق الواحد تعاني من مشاكل هيكلية تشمل الأسطح المتسربة وأنظمة التكييف والتدفئة القديمة، مما يهدد سلامة المجموعة الفنية الثمينة. الأهم من ذلك، أن تخطيط الموقع الحالي يشبه “مجمعًا مسورًا” منفصلًا عن المجتمع، مما يحد من تفاعله مع الفضاء العام المحيط به في حديقة ريفرسايد بارك.
رؤية المستقبل: مشروع إعادة التطوير بقيمة 85 مليون دولار
يُمثل المشروع الجديد نقلة نوعية شاملة. فبدلاً من الترقيع، سيتم هدم معظم المباني القائمة (مع الاحتفاظ بمبنى تخزين الفنون لأسباب وظيفية) ليفسح المجال أمام بناء جديد مكون من طابقين. لن يؤدي هذا إلى تقليل البصمة الكلية للمباني فحسب، بل سيزيد من المساحات الخضراء العامة. تشمل أبرز مكونات المشروع:
· مساحة عرض ضخمة: إضافة 68,000 قدم مربع من البناء الجديد، بما في ذلك 22,000 قدم مربع مخصصة للمعارض الدائمة والمؤقتة، مما يضاعف المساحة الحالية.
· بنية تحتية مجتمعية وتعليمية: يشمل ذلك جناحًا تعليميًا باستوديوهات حديثة لمدرسة المتحف الفنية، وقاعة مرنة بمقاعد قابلة للسحب للمناسبات، ومقهى، وتراس على السطح.
· تكامل مع الطبيعة: إنشاء 14,400 قدم مربع من المدرجات والفناءات التي تدمج المتحف مع ضفاف نهر.
الفريق المعماري: تحالف إبداعي بقيادة Allied Works
لقيادة هذا التحول، تم اختيار تحالف متميز بقيادة شركة Allied Works Architecture، التي تشمل مشاريعها الثقافية البارزة متحف الفن المعاصر في سانت لويس ومتحف بالمر للفنون. ينضم إليهم استوديو المتخصص في التصميم الحضري وعمارة المناظر الطبيعية. تم اختيار هذا الفريق من بين أربعة متسابقين في عام 2022 لقدرته على معالجة السؤال الجوهري: “كيف تخلق مبنى متحفي مرنًا في مواجهة الأعاصير، ينفتح في نفس الوقت على الحديقة المحيطة؟”
استراتيجية التصميم: المرونة البيئية والانفتاح على المجتمع
تعتمد فلسفة التصميم على مبدأين أساسيين:
- المرونة البيئية: بدلاً من البناء مباشرة على الأرض، سيقوم الفريق “ببناء الأرض” لرفع أساسات المتحف تسعة أقدام فوق مستوى سطح البحر، كحاجز وقائي ضد الفيضانات والأعاصير. هذه ليست مجرد إجراء هندسي، بل جزء من جمالية التصميم.
- تفكيك فكرة “القلعة”: كما أوضح المصممون، فإن الهدف هو عكس المشاعر العزلة الحالي. من خلال إنشاء سلسلة من الحدائق المسيجة بالمدرجات الخرسانية والمناظر الطبيعية المتدرجة، يصبح المتحف جزءًا لا يتجزأ من الرحلة عبر الحديقة. يقول براد كلويبفيل من Allied Works: “لقد استخدمنا المناظر الطبيعية لخلق شعور بالترحيب حيث لا يتعين على الناس بالضرورة المجيء إلى المتحف”.
توزيع المساحات: رحلة بصرية ووظيفية متقنة
سيتم تنظيم المساحات الداخلية بشكل مدروس:
· المستوى الأرضي: سيحتضن المرافق المجتمعية والتعليمية (المقهى، القاعة، الاستوديوهات)، مما يجعله واجهة مفتوحة ومباشرة للجمهور.
· المستوى الثاني: سيُخصص معظمه لصالات العرض، مما يوفر للزائرين إطلالات على النهر والحديقة من خلال الجسور والفتحات المعمارية، مما يخلق ما وصفه كلويبفيل بـ “نوع من جودة المتاهة” التي تربط الفن بالطبيعة.
✦ رؤية تحريرية من ArchUp
يتناول المقال مشروع تطوير متحف فيرو بيتش للفنون (VBMA)، الذي يحول حرمه من مجموعة مباني متفرقة إلى كيان متماسك يركز على المرونة البيئية والانفتاح على المجتمع. من خلال قراءة معماريّة، يلاحظ أن الحل التصميمي القائم على رفع مستوى الأرضية لتشكيل قاعدة ترابية يواجه إشكالية في علاقته مع المقياس الإنساني والسياق الحضري للمنطقة؛ حيث قد يخلق هذا الرفع عتبة مرتفعة تعيد إنتاج شعور العزلة الرمزي الذي يسعى المشروع إلى تفاديه، بدلاً من خلق اندماج حقيقي مع النسيج الحضري المنخفض للمنطقة. كما أن الاعتماد على سلسلة من “الحدائق المسيجة” بالخرسانة، رغم نيتها خلق مساحات انتقالية، يحمل تناقضاً داخلياً قد يحول دون تحقيق الانسيابية البصرية والحركية المرجوة بين الفراغات الداخلية والخارجية. على الجانب الإيجابي، يتميز المشروع بالفصل الوظيفي الواضح بين المستويات، حيث تكرس الأرضية للأنشطة المجتمعية والتعليمية، وهو توزيع يعزز بشكل عملي فكرة المتحف كمؤسسة مفتوحة وليس حصناً منغلقاً
مقدم لكم من فريق تحرير ArchUp
من هنا يبدأ الإلهام. تعمق في الهندسة المعمارية، والتصميم الداخلي، والبحث، والمدن، والتصميم، والمشاريع الرائدة على ArchUp.