التوسعة المعمارية لمخبز باستيش دي بليم في لشبونة
في قلب حي بليم التاريخي في لشبونة، تم افتتاح مخبز باستييش دي بيليم لتعيد تعريف العلاقة بين التراث المعماري البرتغالي وروح التصميم المعاصر. لم تُصمم التوسعة كمجرد إضافة وظيفية، بل كحوار مفتوح بين الحِرفة والتاريخ من جهة، والتجديد والحداثة من جهة أخرى.

اللغة المعمارية: بين الأصالة والمعاصرة
اعتمد التصميم على قراءة حسّاسة لجوهر المكان، فالمساحة الجديدة لم تسعَ إلى محاكاة النمط القديم بقدر ما حاولت تفسيره بأسلوب حديث. بدلاً من استنساخ عناصر الماضي، أعيدت صياغتها بلغة معمارية توازن بين البساطة والدفء.
الجدران المطلية بطبقة جيرية طبيعية تحتفظ بإحساس الخامة الأصلية، بينما تمنح الأخشاب الفاتحة للمكان طابعاً دافئاً ينسجم مع الإضاءة الطبيعية. البلاط اليدوي الأزرق والأبيض، المستلهم من الزليج التقليدي، يربط الداخل بتاريخ العمارة البرتغالية دون أن يُحوّل الفضاء إلى مشهد تراثي جامد.
المواد لا تعمل هنا كعناصر زخرفية فحسب، بل كأدوات تواصل، تستحضر الحِرَفية المحلية وتربطها بالمفردات الجمالية الحديثة. التوسعة ليست تكراراً، بل إعادة صياغة لهوية مألوفة في قالب معاصر.

الفكرة التصميمية: تجربة حسية متكاملة
تقوم الفكرة الأساسية للمشروع على تحويل عملية شراء الحلوى إلى تجربة مكانية متكاملة. منذ لحظة الدخول، يشعر الزائر بانسيابية الحركة ووضوح المسار، دون أن يفقد إحساسه بالقرب من الفضاء الأصلي للمخبز.
المساحة الجديدة صُممت كفضاء مفتوح يسود فيه الضوء الطبيعي والدفء البصري. الإنارة ليست وظيفية فقط، بل تلعب دوراً رمزياً في محاكاة توهج ضوء لشبونة الذهبي بعد الظهيرة، ما يجعل المكان أشبه بمسرح للضوء والحركة اليومية.
العناصر المصنوعة يدوياً من العدّادات إلى الأرفف تُبرز الاهتمام بالتفاصيل الصغيرة التي تُظهر كيف يمكن للبساطة أن تكون شكلاً من أشكال الفخامة.

العلاقة بين الداخل والخارج
رغم أن مخبز باستيش دي بليم تقع بجوار المبنى الأصلي، إلا أن تصميمها لم يُغلق على نفسه. الواجهات الزجاجية والتدرجات اللونية الهادئة تخلق علاقة بصرية مستمرة مع الشارع، فيشعر المارّون بدفء الداخل من الخارج، ما يجعل المشروع امتداداً طبيعياً للنسيج العمراني لا انقطاعاً عنه.
يعكس هذا الاندماج بين الفضاءين العام والخاص جوهر العمارة البرتغالية الحديثة، التي ترى أن الجمال المعماري لا ينبع من الإبهار البصري، بل من الانسجام الدقيق بين الكتلة والضوء وحركة الإنسان اليومية.
فلسفة التصميم
المشروع لا يكتفي بتجديد المكان، بل يسعى إلى إعادة تعريف العلاقة بين الذاكرة المعمارية والوظيفة المعاصرة. فكل تفصيل من ملمس الجدران إلى اتجاه الضوء يعبّر عن فلسفة تعتبر التصميم سرداً بصرياً يحافظ على الروح الأصلية ويمنحها حياة جديدة.
التوسعة ليست مجرد استجابة لاحتياجات عدد أكبر من الزوار، بل هي محاولة لترجمة قيم ثقافية إلى تجربة معمارية ملموسة، تُظهر كيف يمكن للتاريخ أن يعيش في الحاضر دون أن يتحول إلى متحف.

خلاصة تحليلية
| العنصر | التوصيف |
|---|---|
| الموقع | حي بليم في لشبونة، وسط نسيج عمراني تاريخي غني |
| الطابع المعماري | مزيج بين الأصالة البرتغالية والحداثة الهادئة |
| المواد المستخدمة | أخشاب طبيعية، جص جيري، بلاط يدوي أزرق-أبيض |
| الفكرة التصميمية | خلق تجربة حسية تربط الضوء بالحركة اليومية للزوار |
| النهج الفكري | الحفاظ على روح المكان مع إعادة تفسيرها بلغة معاصرة |
| العلاقة مع البيئة | تواصل بصري وانفتاح على الشارع والضوء الطبيعي |
| الهوية العامة | حوار بين التراث الحِرفي والوظيفة الحديثة |

✦ نظرة تحريرية على ArchUp
يمثل التوسّع الجديد ل مخبز باستييش دي بيليم تجربة معمارية دقيقة تعيد تعريف العلاقة بين الفضاء التجاري والذاكرة الحضرية. بصريًا، يبرز المشروع بتدرجاته الخفيفة من الخشب الطبيعي والجص الجيري، التي تحتضن الضوء البرتغالي وتمنح المكان طابعًا دافئًا وشفافًا. تحليليًا، المقاربة التصميمية تتجاوز فكرة الترميم لتدخل في حوار نقدي مع الإرث المحلي، حيث تُترجم الحرفية التقليدية بلغة معاصرة خالية من الزخرفة. رغم طابعها الهادئ، تنجح التجربة في تحقيق توازن نادر بين الأصالة والتجديد، ما يجعل المشروع نموذجًا يُحتذى في صون الذاكرة المادية بأسلوب معاصر.
يمكن للمهتمين بالعمارة العالمية متابعة قسم الفعاليات على ArchUp، حيث تُنشر باستمرار بيانات موثقة عن المعارض والمؤتمرات والمسابقات ونتائجها.