ديفيد لوسيدو يتمتع بموهبة فريدة في تنسيق الأشكال، الألوان، والنسب ليبتكر تصاميم أنيقة وجذابة دون أن تكون متكلفة. سواء في المشاريع السكنية، التجارية، أو الفندقية، تميز أعماله بالتوازن بين الرقي والطابع الشخصي. تصاميمه ليست مبالغًا فيها لكنها بعيدة عن الرتابة، حيث تعكس حسًا عاليًا من البساطة الراقية. لكن تحقيق هذا الإحساس العفوي يتطلب جهدًا هائلًا. يعيش لوسيدو بين بالم بيتش ونيويورك، ويجمع بين دقة التفاصيل وأسلوب عمل صارم دون أن يفقد حسه المرح. يقول: “لست شخصًا جادًا للغاية. الأمر ليس جراحة، فلم لا نكون أكثر تعبيرًا؟ أحاول إبراز شخصية عملائي… وأعتقد أن أفضل المشاريع تدفعك للخروج من إطارك المعتاد.”
من التصميم الجرافيكي إلى التفوق في التصميم الداخلي
بدأ لوسيدو حياته المهنية في التصميم الجرافيكي بعد دراسته في مدرسة الفنون، لكنه شعر بالعزلة خلف شاشة الكمبيوتر. انتقل إلى التصميم الداخلي، حيث تعلم أساسيات المهنة في استوديو صغير قبل أن يعمل لعدة سنوات في إدارة تصميم ممتلكات خاصة في الجانب الشرقي العلوي من نيويورك. من اليخوت والطائرات إلى غرف السكن الطلابي، وفرت له هذه التجربة معرفة واسعة بالتصميم الفاخر وإدارة متطلبات العملاء. عندما قرر تأسيس عمله الخاص، كان ذلك في مارس 2020، بالتزامن مع بداية الجائحة. رغم التحديات، كان مشروعه الأول، مطعم Le Bilboquet في بالم بيتش، نقطة انطلاق قوية، مما جعله يتخذ من فلوريدا مقرًا دائمًا له.


التوازن بين جمالية نيويورك وبالم بيتش
بين نيويورك وبالم بيتش، يتبنى لوسيدو نهجين مختلفين في التصميم. في بالم بيتش، يعتمد على الطابع الاستوائي، باستخدام المواد الطبيعية والخامات الغنية. يقول: “أحاول أن أكون أكثر جرأة هنا.” أما في نيويورك، فيعتمد على الأسلوب الحضري الراق، ويهتم بتنسيق قطع الأثاث النادرة والمجموعات الفنية. رغم أن مشاريعه تمتد إلى مدن أخرى، إلا أن الحفاظ على هوية المكان يأتي في مقدمة أولوياته. يقول: “الموقع مهم جدًا. أكره المساحات التي لا تبدو وكأنها تنتمي إلى مكانها.”
للمزيد على ArchUp:
منهجية دقيقة في اختيار الأثاث والألوان
يبتعد لوسيدو عن صيحات الموضة السريعة، مفضلًا اختيار قطع تعكس هوية المشروع. يقول: “أفضل أن أبذل جهدًا في البحث عن قطعة فريدة ونادرة، حتى لو لم تكن الأغلى سعرًا.” نهجه الانتقائي يشمل مختلف العصور والتصاميم، من آرت ديكو إلى ما بعد الحداثة. كذلك، ليس لديه محظورات في الألوان، حيث يؤمن أن كل لون يمكن أن يكون جذابًا إذا تم اختيار الدرجة المناسبة منه. حتى الألوان غير الشائعة، مثل البرتقالي، يمكن أن تبدو رائعة إذا تم استخدام الدرجة الصحيحة. يتبع قاعدة ثلاثية الألوان في التصميم، حيث يرى أن الحفاظ على البساطة في الألوان يجنب الوقوع في الأخطاء.



الإلهام: من أناقة السفن الفرنسية إلى جرأة ما بعد الحداثة
يستمد لوسيدو إلهامه من مصادر متنوعة، أبرزها تصاميم السفن الفاخرة في العشرينيات والثلاثينيات، والتي تتجلى بوضوح في تصميماته لمطعم Le Bilboquet ومتاجر كارولينا هيريرا. كما يجد تشابهًا بين فن الآرت ديكو وأساليب التصميم في الثمانينات، حيث يرى أن ما بعد الحداثة تعد امتدادًا مكثفًا لهذا الأسلوب الكلاسيكي. يقول: “أعتقد أن هذا ما يضيف حس الدعابة إلى أعمالي، عندما أمزج عناصر من الثمانينات والتسعينات لا تتمتع دائمًا بتاريخ عريق لكنها تعمل بتناغم معًا.” ومن المثير للاهتمام أنه من أشد المعجبين بفيلم Beetlejuice، حيث يراه مزيجًا مثاليًا بين الجدية والمرح، وهي الفلسفة ذاتها التي يعتمدها في أعماله.
مشاريع المستقبل والطموحات القادمة
يحلم لوسيدو بتصميم فندق بوتيك، حيث يمكنه التحكم في كل تفاصيل التصميم الداخلي. كما يطمح للعمل على مساحة سكنية واسعة ومفتوحة في نيويورك. من بين مشاريعه الحالية، بناء سكني جديد في ميامي، متاجر كارولينا هيريرا في تكساس وكاليفورنيا، مشروع سكني في بالم بيتش، وبار في ويست بالم يحوّل المواد العادية مثل الفلين والبلاط المعدني إلى عناصر تصميمية مميزة.
يواصل ديفيد لوسيدو إثبات أنه من أكثر مصممي الديكور الداخلي إبداعًا اليوم، حيث ينجح في تحقيق التوازن بين الفخامة والمرح، ما يجعل تصاميمه فريدة ولافتة للنظر.


الصور بواسطة أوري هارباز