قام الإستشاري المعماري السعودي INJ Architects بتصميم مسجد فريد من نوعه تحت اسم مسجد الفلك، والذي كان من ضمن مسابقة معمارية مرموقة حازت على زخم كبير في عالم العمارة، لتصميم مسجد برستول في المملكة المتحدة تحت رعاية وتنظيم الهيئة الملكية للعمارة في المملكة المتحدة.
مسجد الفلك يعد أحد التصاميم المعمارية المبتكرة والفريدة من نوعها، خصوصًا في مجال تصميم المساجد. وقد استوحى التصميم من العمارة الحداثة ومن فلسفة الإقتباس المعماري للعناصر العضوية وقد كان هذا سبب تميزه عن باقي أماكن العبادة الأخرى. وبالإشارة إلى الفلسفة المعمارية لمسجد الفلك، فإنها تعود إلى تصميم مختلف وشجاع تحت مسمى Pragmaticism، استنادًا إلى التصميم الحسابي.
ويعد التحدي الذي يجسد هذا التصميم هو إختلافه في الشكل عن باقي المساجد الأخرى الذي يعتبر تصميمها تقليدي ومتعارف عليه. فهو ذو شكل منحني ونحتي، يدلي ببيان لكل من الزوار والمصلين. كما يمثل القوس الطويل المئذنة ذات النقطة المحورية الواضحة؛ لذلك فهو يعتبر مكانًا فريدًا للعبادة مع نهج معاصر لمجتمع متعدد الثقافات ومعلم فريد للسنوات القادمة. كما أنه يشكل الطابع المعماري المميز الذي يعكس حداثة وتأقلم الإسلام مع أي بيئة في مختلف الدول وبين ثقافات متعددة.
شكل المبنى المرئي مُختار بعناية، فهو على شكل سفينة ذات معنى عميق في الإسلام. يدل هذا الشكل المميز على علامة انطلاق الإيمان والملاذ الآمن وبداية رحلة روحية لجميع المصلين فيه وحتى الزائرين ليشعروا بالراحة التامة والسكون.
أحدث تصاميم المساجد
على الرغم أننا لا ندعي أن تصميم مسجد الفلك أستوفى تمامًا على جميع الإرشادات التي تم وصفها للتصميم حيث تم تقديم بعض المعلومات الإضافية في وقت متأخر جدًا، إلا أن التصميم قد استوفى ما لا يقل عن 80% مما هو متوقع ويمكن تطويره بشكل أكبر.
بالإضافة إلى أن التصميم يقع في مكان بارز حيث يمكن رؤية المبنى من جميع الزوايا بكل سهولة ووضوح، كما يمكن التنقل فيه بصريًا من خلال الإتصال المكاني. يجب أن يكون الزائر قادرًا على تحديد موقع وصوله من بعيد. ويتم الاحتفاظ بالوصول إلى الموقع على D’Urton Lane، ولكن يتم تعديل الطريق إلى الهضبة.
رغم ان موقع بصمة المبنى توضع بشكل مختلف عن الموقع الموجود في مخطط الطابق الموحي، إلا اننا نعتقد بأن هذه الطريقة أفضل للأسباب التالية:
- يمكن أن يتم الإنزال فورًا بعد الوصول إلى المنصة.
- يمكن أن تواجه قاعة الصلاة الرئيسية اتجاه القبلة دون أي عائق بصري.
- مع وضع المبنى على ركن واحد من أركان الموقع، تم تحسين المساحة الخارجية لأغراض الفناء الخارجي ومواقف السيارات.
المساحة والأبعاد
من ناحية مساحة مسجد الفلك، فتبلغ مساحته 2382 متر مربع.
في البداية، كان التصميم مُكون من ثلاث طوابق فقط، لكننا قمنا بإضافة طابق آخر لزيادة المساحة وليتمكن المسجد من احتواء عدد مصلين وزوار أكثر. وكما تلاحظون في المخطط المعماري لتصميم المسجد، يظهران الطابقين العلويين بشكل أفقي، بينما المئذنة (المُتمثلة في القوس الطويل) تظهر على شكل منحني.
انتقالًا إلى الدور الأرضي، فتبلغ مساحته 862 متر مربع، والذي يعد ايضًا قاعة الصلاة الرئيسية. يحتوي هذا الطابق على جدار ستارة كبيرة بشكل منحني ليمثل المحراب الذي يضمن أقصى قدر من الضوء الطبيعي من الخارج. كما يمكن أن يستوعب حتى 410 سجادة صلاة. يمكن أيضًا العثور على مدخل فرعي بقاعة الصلاة الرئيسية في الطابق الأرضي.
الطابق الأول
يعتبر الطابق الأول هو اللوبي حيث يحتوي على مدخل مباشر من الشارع الداخلي للمسجد وتقدر مساحته ب 377 مترًا مربعًا. يتم تغطية مكان الإنزال بالشكل المتدلي للمبنى. كما يتم الترحيب بالزوار في ردهة كبيرة مع كوة مغطاة بإطار فضائي. يتوفر في هذا الطابق عدة خدمات كالإستقبال ومنطقة الوضوء وغرفة الملابس وغيرها.
الطابق الثاني
يعتبر الطابق الثاني قاعة صلاة خاصة بالسيدات مع منطقة وضوء خاصة بهن ومنشأة لرعاية الأطفال، وتبلغ مساحة هذا الطابق 392 متر مربع. وهي موضوعة أعلى قاعة الصلاة الرئيسية بجدار زجاجي مقعر من أجل توفير إطلالات واضحة عليها.
الطابق الثالث
يعتبر الطابق الثالث شامل المكتبة وغرفة الإجتماعات وغرفة المجتمع، وتبلغ مساحته 753 متر مربع.
جميع المساحات مرنة – اجدد تصاميم المساجد
تم العثور على التدفقات الرأسية على محيط المبنى بحيث يمكن الحفاظ على مساحة قاعة الصلاة الرئيسية خالية. ولتسهيل عمليه تنقل الزوار والمصلين، فيوجد سلم نزول إلى قاعة الصلاة الرئيسية على اليمين، وآخر إلى قاعة الصلاة الخاصة بالنساء على اليسار، بالإضافة إلى المصاعد المتوافرة بإتجاه اليسار الخلفي. كما تم وضع السلالم على طول الهندسة المنحنية للمباني، ولها أشكال متعرجة فريدة من نوعها مع ضوء خافت يتدفق على الجدار المنحني. هيكل المبنى خرساني لونه أبيض. ومادة الكسوة الخارجية هي GRC (الخرسانة المسلحة بالألياف الزجاجية)، والتي تستخدم على نطاق واسع لتشكيل ألواح الكسوة الخارجية ذات الهندسة المعقدة. كما يمكن تشكيلها بأي شكل وحجم. وفائدة أخرى للوحة GRC هي وزنها الخفيف ومتانتها لأكثر من مئة عام دون فقدان قوة الشد أو الإنثناء.
المناظر الطبيعية حول مسجد ٱلْفُلْكِ
من حيث المناظر الطبيعية، يمكن تحديدها على أنها جزأين هما softscape وhardscape.
العنصر الرئيسي في hardscape هو الساحة، والتي يمكن العثور عليها مباشرة حيث تتواجد مقابل مدخل المبنى. فهو ذو شكل نصف بيضاوي بنمط رصيف، محاط بوحدات متراصة من الخرسانة الملتوية بإرتفاعات مختلفة. ولهذه الأحجار المتراصة معنى خاص، حيث لديهم زوايا مختلفة في القاعدة، لكن في الجزء العلوي يتجهون جميعًا بإتجاه الجنوب الشرقي؛ أي بإتجاه مكة المكرمة. تعني الإرتفاعات والزوايا المختلفة أن الأشخاص من مختلف مناحي الحياة يجتمعون ويتكاتفون من أجل الخير. الأحجار المتراصة نفسها هي أيضًا ساعات شمسية؛ فيعطون إشارة إلى ساعات النهار من خلال تأثير ضوء الشمس عليها.
اما العنصر الآخر softscape فهو عبارة عن أشجار تحيط بمحيط المواقع كمانع للرياح والضوضاء. توفر الأشجار الموجودة على الجزيرة في ساحة انتظار السيارات، حيثما أمكن ذلك ، تظليلًا للسيارات. تم تصميم الشوارع الداخلية في خط مستقيم لأغراض هندسي؛ فهو مسار ذو اتجاه واحد مع حلقة رئيسية تسمح بالعودة إلى مبنى المسجد. يتم توفير مواقف السيارات كما هو محدد مع 140 مكانًا كحد أدنى، متناغمة مع مخطط تنسيق الحدائق. تتوفر أيضًا مساحة لوقوف الدراجات.
كما يقول البعض أن البناء عمل فني، ولا يمكن لهذا المبنى أن يكون غير ذلك. يجب أن يكون التصميم الداخلي للمبنى بسيطًا وأبيض وليس مزخرفًا، فهو أفضل طريقة لعكس شكله الأصلي. ويمكن استخدام الإضاءة غير المباشرة لغسل الجدران المنحنية وتعظيم ضوء الشمس الطبيعي من خلال سقف الإطار الفضائي والعناصر الزجاجية. بالإضافة إلى وجود تصميم بعض الكراسي الإضافية مثل الكراسي الزجاجية الملتوية التي تتناسب مع أحجار الفناء المتراصة وتصنيعها خصيصًا لتناسب المساحة.
التصميم المعماري للمسجد – تصميم المساجد الحديثة
يمثل تصميم المساجد بشكل عصري التطور المعماري الجديد والتصميم الإسلامي الحديث. على الرغم بأنه لم يحالفنا الحظ للفوز بجائزة في هذه المسابقة المعمارية، لكن نحن مقتنعين بأن الطور الذي سوف يدخل على مجال تصميم المساجد هو من نصيب مثل هذه التصاميم كيف تستطيع أن تقلل من الإحتكاك في زمن الاوبئة وتجعل جموع المصلين في امان. وهذا بالطبع ما نطمح له، لأن العمارة الإسلامية للمساجد لم تنص على الزخارف.
وإذا رجعنا إلى أصل العمارة الإسلامية حسب ما يقول (ابراهيم جوهرجي)، فإن أصلها إلى الكعبة البساطة والنسبة الحقيقية وهذا ما نريد الوصول إليه فكل الزخارف الموجودة هي عناصر تكميلية وليس لها علاقة مؤثرة في تصميم المسجد الحديث. حيث ان أول المساجد في الإسلام كانت من الطين وسعف النخيل، دون المبالغة في المظهر الخارجي. ولكن مع تطور العلم والفنون الإسلامية، تمكننا بنجاح من البذخ في الزخارف.
نحن نرى ان بناء المساجد لا ينص إلى علي شرطين اساسيين، وهما: النظافة و التوجة نحو القبلة. لذلك هذا ما يجب ان نركز عليه ونبدع فيه. فتخيل ان هذا المحراب العملاق يجعلك تعرف اتجاة القبلة من أي مكان حول المدية؛ انه في حد ذلك ترسيخ للقيم الاسلامية و سهولة في شرح المقاصد الإسلامية من المسجد و دار العبادة. أي أن لا ضرورة لسماع صوت الإذان حتى تعرف وقت الآذان يمكنك النظر ومعرفة وضع القبلة بكل سهولة.
المصدر: INJ