Curving exposed concrete walls encircle the oval laminated timber prayer space of the Nest Chapel in São Paulo.

كنيسة العش (Nest Chapel): ملاذ خرساني يحاكي جيولوجيا الأرض في ساو باولو

Home » المشاريع » كنيسة العش (Nest Chapel): ملاذ خرساني يحاكي جيولوجيا الأرض في ساو باولو

بقلم فريق تحرير ArchUp

في المشهد الريفي لمنطقة إيتو (Itu) في ساو باولو، غالباً ما تميل المباني الدينية نحو التقليدية أو الضخامة. ومع ذلك، يقدم مشروع Nest Chapel، وهو تدخل حديث للمعماري Felipe Caboclo Architecture، سرداً مغايراً. يقع المشروع على قطعة أرض مساحتها 2000 متر مربع بجوار “منزل العش” (Nest House)، ولا يسعى هذا الهيكل المستقل للسيطرة على محيطه، بل لتأطير لحظة محددة من التأمل عبر التحكم الهندسي الصارم والاقتصاد في المواد.

يعمل المشروع ككتلة نحتية مستقلة، لا تُعرف بالرموز الدينية التقليدية، بل عبر تنسيق الحركة، الضوء، والصفات الملموسة لـ مواد البناء الخام.

التكوين الفراغي: سيكولوجية الانضغاط والتحرر

يتجنب المفهوم المعماري للمشروع المدخل المباشر والتقليدي. بدلاً من ذلك، يتم تنظيم التصميم حول جدارين خرسانيين مكشوفين يتبعان هندسة زائدية (Hyperbolic geometry). تنحني هذه الجدران وتلتف أثناء ارتفاعها عن الأرض، مما يخلق مساراً يتلاعب بإحساس الزائر بالمقياس.

يفرض هذا التخطيط “حركة موكبية” (Processional movement). كلما اقترب الزائر، تضيق الجدران، مما يخلق إحساساً بـ “الانضغاط” (Compression) يبطئ حركة المستخدم جسدياً ويهيئ العقل للتأمل. هذا التتابع بين الانضغاط والتحرر يخلق انتقالاً متعمداً من الخارج الدنيوي إلى الداخل المقدس، مؤكداً أن فعل المشي هو جزء لا يتجزأ من التجربة الروحية.

المادية والإنشاء: صدى الجيولوجيا

تتجذر مادية المشروع بعمق في السياق الجيولوجي لمنطقة إيتو. العنصر الأساسي، وهو الخرسانة المكشوفة، تمت معالجته للإشارة إلى حجر “فارفيتو” (Varvito)، وهو صخر رسوبي محلي معروف بطبقاته المميزة.

  • منطق القوالب: استخدم فريق الإنشاءات ألواح صب خشبية بعرض خمسة سنتيمترات يدوياً. ترك هذا ملمساً أفقياً دقيقاً وغير منتظم على الخرسانة، مما عزز الطبيعة الحرفية للهيكل وحاكى التطبقات الصخرية الأصلية.
  • القلب الداخلي: داخل القشرة الخرسانية، تقع مساحة صلاة مدمجة بمساحة 10 أمتار مربعة. تم تحديد هذا الحجم البيضاوي بعناصر من الأخشاب المصفحة وتشطيبه بشرائح خشب “فريجو” (Freijó)، مما يوفر دفئاً صوتياً وبصرياً يتناقض مع القشرة الخارجية الباردة.
  • التأريض: تتميز الأرضية بجرانيت “ساو غابرييل” الأسود المصقول، المرصوف بنمط “الحجر المكسور”. يمتد هذا الرصف غير المنتظم من الخارج إلى الداخل، مذيباً الحدود بين المناظر الطبيعية والكتلة المبنية.

المشهد الطبيعي والاستجابة البيئية

استراتيجية المناظر الطبيعية مختزلة ولكنها حسية. يحيط بالكنيسة مسار من نبات اللافندر (الخزامى) أحادي النوع، مما يوفر اتساقاً لونياً ويدخل بُعداً شميّاً للتجربة المعمارية.

  • التهوية: على الرغم من الشعور بالانغلاق، تسمح لوحان زجاجيان قابلان للفتح بزاوية بتوفير تهوية عرضية (Cross-ventilation)، وهي استراتيجية سلبية حاسمة في المناخ البرازيلي.
  • هندسة السقف: يميل السقف الخشبي قليلاً لتوجيه مياه الأمطار إلى الخارج، مستخدماً غشاءً مقاوماً للماء لحماية الداخل الخشبي الدقيق.

ينجح مشروع Nest Chapel كتمرين ظاهراتي (Phenomenological exercise). إنه يثبت أن الفضاء المقدس لا يتطلب أبعاداً هائلة لإثارة الرهبة؛ بل يتطلب التناسب والمادية المدروسة. نجح مكتب Felipe Caboclo في ترجمة مفهوم “الكهف” إلى لغة خرسانية معاصرة.

ومع ذلك، فإن الصغر الشديد للمساحة الداخلية (10 أمتار مربعة) يطرح تساؤلات حول التنوع الوظيفي لأي تجمع يزيد عن شخصين أو ثلاثة. علاوة على ذلك، في حين أن أرضية “الحجر المكسور” تعزز الاتصال بالطبيعة، إلا أنها قد تشكل تحديات في سهولة الوصول (Accessibility) لكبار السن، وهي فئة ديموغرافية غالباً ما ترتاد مثل هذه الأماكن. ورغم ذلك، يقف المشروع كمثال بارع على كيفية اندماج التصميم الداخلي والشكل الهيكلي لخلق جو عاطفي متفرد.

✦ رؤية تحريرية من ArchUp

يُوصَف “مصلى العش” في ريف ساو باولو بأنه ملاذ خرساني ذو شكل هندسي مبالغ فيه، يجمع بين جماليات النحت والسكينة الروحية، مُجسِّدًا حضورًا متجانسًا يتردد صداه مع ثقل البناء وهدوئه. يُسلِّط السرد الوصفي الضوء على جرأة تصميمه، ولكن يمكن للمقال أن يتناول بشكل أكثر نقدًا كيفية أداء هذه الكتلة الخرسانية الضخمة بيئيًا وتجريبيًا في الظروف الاستوائية، حيث تُشكِّل الأمطار والحرارة والرطوبة اختبارات قاسية للمواد والمنطق المكاني. ويُذكِّرنا هذا بملاحظة متكررة في تاريخ العمارة في الشرق الأوسط، حيث تتجنب الأشكال الجميلة أحيانًا التقييم الدقيق للأداء. ومن الناحية الإيجابية، يُشير المصلى إلى اهتمام متجدد بـالفضاء المُجسَّد والصدى الروحي، مُتحديًا سطحية البساطة المفرطة. ولكي يكون هذا المشروع أكثر من مجرد تحفة فنية فريدة، فإن مناقشة جدوى البناء، والسلوك الحراري، والاستخدام الطقسي على مر الزمن ستُعمِّق من مكانته المعمارية. وعلى مر السنين، سيُميِّز هذا التدقيق العمارة المقدسة الخالدة عن مجرد العروض الشكلية.

Further Reading from ArchUp

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *