مشروع Secret Camp يدمج البيوت الشجرية مع البيئة الطبيعية والغابة

استكشاف غابة الميتاسكويا في ووهان

في أعماق حي دونغشيخو بمدينة ووهان، تمتد غابة كثيفة من أشجار الميتاسكويا، موطنًا للعديد من الطيور المهاجرة ومشهدًا طبيعيًا غنيًا بالتنوع البيئي. ضمن هذا الإطار، برز مشروع معماري فريد يعتمد على دمج الطبيعة بالتصاميم الحديثة، حيث تم إنشاء أكثر من اثنتي عشرة بيتًا شجريًا منتشرة بين الأشجار دون الإضرار بها، ما يعكس اهتمامًا بالاستدامة وحماية البيئة.

المبادئ الإبداعية للمشروع

المشروع نشأ من مبادرة Wiki Building School التابعة لمجموعة Wiki World، التي تسعى لاستكشاف طرق جديدة للتعايش مع الطبيعة. كل بيت شجري صُمم ليحكي قصة خاصة ويقدم تجربة فريدة للزوار. هنا يمكن ملاحظة التوازن بين الإبداع والاحترام للبيئة المحيطة، حيث يدمج كل تصميم بين الوظيفة والجمالية بطريقة مدروسة.

تنوع التجارب بين البيوت الشجرية

تتنوع البيوت الشجرية في أشكالها ووظائفها:

• Time Machine: بيت فضي مستقبلي يلتقط أشعة الشمس بين أوراق الأشجار، ويبرز التفاعل بين الضوء والتصميم.
• Nomadic Land: كبسولة دافئة للمسافرين المؤقتين، تعكس فكرة المرونة في الإقامة.
• Playground: تصميم مرح يثير روح الطفولة، مع مسارات متعرجة تنسجم مع الفروع.
• Daydream: بيت يستخدم ألواحًا عاكسة لتندمج تقريبًا مع الغابة المحيطة، ما يقلل من التأثير البصري على البيئة.
• Red Windmill: هيكل يبرز وسط الظلال الخضراء بجرأة، كإشارة واضحة في الغابة.
• Unicorn: تصميم عمودي مع لمسات فضية تعكس عناصر أسطورية، موحية بالخيال والإبداع.

دمج الطبيعة مع التصميم المعماري

يمثل هذا المشروع مثالًا عمليًا على كيفية دمج الهندسة المعمارية الحديثة مع البيئة الطبيعية، مع مراعاة الاستدامة والحفاظ على الأشجار القائمة. كما يوضح أهمية التفكير الإبداعي في استخدام المساحات الطبيعية دون الإضرار بها، مما يقدم نموذجًا يحتذى به في تصميم المساكن البديلة والصديقة للبيئة.

الإلهام الطبيعي وراء التصميم

ما يجعل هذا المشروع فريدًا ليس مجرد الأسماء المبتكرة أو التصاميم اللافتة، بل الإلهام المباشر من الغابة نفسها. استلهم المبدعون أشكالهم من الطيور المحلية، والبذور المتناثرة، والأنماط العضوية التي تصنعها الطبيعة دون تدخل بشري. كل هيكل مبني على منصات خشبية مرتفعة، محافظًا على أرض الغابة سليمة تمامًا. لا توجد مسارات مرصوفة أو تنسيقات حدائق مصقولة، بل يترك التصميم النظام البيئي للغابة يظهر في أجمل صوره. يعكس هذا النهج فلسفة Wiki World المعروفة بـ “ابنِ صغيرًا، واحلم كبيرًا“، مؤكدة أن الراحة في العيش لا تتطلب السيطرة على البيئة المحيطة.

الغابة كمتحف فني مفتوح

يتجاوز المشروع مفهوم الإقامة بين الأشجار ليحوّل الغابة إلى معرض فني طبيعي. على مدار العام، تظهر التركيبات المؤقتة، وتُقام ورش عمل تجمع العقول المبدعة، بينما تحتفل المعارض بالعلاقة بين البشر والحياة البرية.

التعلم والمشاركة في قلب الطبيعة

يشكل Forest Reception مركزًا نشطًا حيث يمكن للزوار المشاركة في أنشطة تعليمية وعملية، مثل:

• صناعة بيوت الطيور
• دراسة المواد الطبيعية
• المشاركة في مشاريع تدمج بين الإقامة والتعليم

بالإضافة إلى ذلك، يقام مهرجان البناء الصيني-الفرنسي، الذي يجمع المهتمين بالبناء المستدام والحياة البسيطة، ويعزز مفهوم العيش بتناغم مع الطبيعة.

الهندسة المستدامة في تصميم البيوت الشجرية

يكشف الجانب الفني للمشروع عن جدية الالتزام بالمسؤولية البيئية. جميع الهياكل مبنية باستخدام خشب رقائقي ملتصق (glued laminated timber) مُصمم رقميًا بدقة، ثم يتم تصنيعه مسبقًا خارج الموقع لتقليل أي تأثير على الغابة أثناء البناء.

التصميم المعياري والكفاءة

يعتمد المشروع على تصميم معياري بعرض مترين، ما يسمح بتنوع الأشكال مع الحفاظ على كفاءة عالية في الاستخدام والمساحة. تمنح الألواح الخشبية المكربنة يدويًا كل بيت شجري لمسة طبيعية ومقاومة للعوامل الجوية، بينما تتيح الوصلات المعدنية الصغيرة إمكانية تفكيك البيوت وإعادة تركيبها بالكامل دون ترك أي أثر على البيئة.

تجربة حياة مرتفعة دون الإضرار بالطبيعة

يعني هذا النهج المرتفع أن لا تلامس البيوت أرض الغابة، ولا حاجة لتنسيق اصطناعي، مما يحافظ على الإيقاع الطبيعي للنظام البيئي. يسمح ذلك للزوار بالعيش بين ظلال الأشجار العليا، مستمتعين بالطبيعة دون أي تدخل يغير شكل الغابة.

السياحة المستدامة والإبداع

يثبت المشروع أن السياحة المستدامة لا تعني التضحية بالإبداع أو الراحة. بل على العكس، يظهر كيف يمكن للتصميم المدروس أن يعزز البيئة الطبيعية، ويخلق مساحات تشرك جميع الحواس مع ترك أثر بيئي ضئيل. إن تجربة الإقامة في هذه البيوت تجعل الزائر أكثر وعيًا بالبيئة، ويقدّر جمال الطبيعة بشكل أعمق.

✦ تحليل ArchUp التحريري

يمكن النظر إلى مشروع Secret Camp كنموذج عملي يوضح كيفية دمج التصميم المعماري مع البيئة الطبيعية دون الإضرار بالنظام البيئي، ويُظهر إمكانيات الابتكار في استغلال المساحات الشجرية العليا، وهو ما يمكن أن يكون مصدر إلهام للمشاريع الصغيرة والمبادرات التعليمية حول البناء المستدام.

مع ذلك، هناك عدة نقاط تستحق النظر قبل التعميم أو الاعتماد على هذا النموذج على نطاق أوسع. أولًا، الطبيعة المرتفعة للبيوت والشكل المعياري قد يحدّان من القدرة على التوسع أو التكيف مع أنواع أخرى من البيئات الطبيعية المختلفة. ثانيًا، التركيز على التجربة الفردية والزوار المؤقتين يجعل المشروع أقل قدرة على الاستدامة المجتمعية طويلة الأمد مقارنة بالمباني التقليدية أو المشاريع التي تشمل مساكن دائمة. ثالثًا، التكلفة العالية للتصميم المسبق والخشب الرقائقي المكربن يدويًا قد تجعل إعادة تطبيق هذا النهج صعبة في سياقات اقتصادية محدودة، وهو ما يطرح تساؤلات حول إمكانية دمج المبادئ نفسها بشكل عملي في مشاريع سكنية عامة أو في التخطيط العمراني الأوسع.

بشكل عام، يقدم المشروع فرصة للاطلاع على أساليب التصميم المستدام والممارسات المبتكرة، ويمكن استخدام عناصره كمرجع للتجارب التعليمية أو لتطوير حلول معمارية تراعي البيئة، مع إدراك أن التطبيق العملي يحتاج إلى تكييف وفق السياق الاقتصادي والاجتماعي والبيئي لكل مشروع.

قُدم لكم بكل حب وإخلاص من فريق ArchUp

لا تفوّت فرصة استكشاف المزيد من أخبار معمارية في مجالات الفعاليات المعمارية، و مشاريع معمارية، عبر موقع ArchUp.