تراجع الأقراص المدمجة: من هيمنة إلى نسيان
في أواخر التسعينيات وبداية الألفية الثانية، كانت الأقراص المدمجة (CDs) تُعد الشكل الصوتي الأكثر انتشارًا، متفوقةً بوضوح على أشرطة الكاسيت. غير أن التطور التقني السريع غيّر المشهد كليًا، لتفقد الأقراص المدمجة بمرور الوقت قيمتها الوظيفية في ظل صعود الوسائط الرقمية. ولكن مع ظهور تقنيات جديدة مثل قاذف أقراص قابل للارتداء، قد تتغير الأمور.
إعادة تدوير إبداعية: حين تتحول الأقراص إلى أدوات
مع فقدانها لوظيفتها الأصلية، اتجه البعض إلى استغلال الأقراص القديمة في استخدامات جديدة، مثل صناعة الأثاث أو تحويلها إلى عناصر فنية. وفي بعض الحالات، ظهرت مشاريع مبتكرة استخدمت الأقراص كـ”قذائف” يتم إطلاقها عبر أدوات محلية الصنع — كما في لعبة Far Cry 6 التي قدمت سلاحًا خياليًا يُدعى “Discos Locos”.
مشروع موسى: رؤية مختلفة لتصميم مألوف
من هذا المنطلق، استلهم “عائد موسى” فكرة تصميمه من تلك الابتكارات، لكنه قرر اتخاذ مسار مختلف. عوضًا عن تصميم يشبه البندقية، اختار موسى تطوير جهاز يُثبّت على المعصم ويطلق الأقراص بشكل أفقي، ما أضفى على المشروع طابعًا تقنيًا وتجريبيًا مميزًا.

تحديات تصميم قاذف الأقراص القابل للارتداء
ابتكار تصميم فريد على تصاميم قديمة لا يخلو من التحديات. وهذا ما اكتشفه عائد موسى خلال عملية تطوير قاذف الأقراص الخاص به. ففي البداية، كان تصميم الجهاز يتطلب التعامل مع تفاصيل فيزيائية ورياضية معقدة لضمان فاعليته في إطلاق الأقراص بسرعة ودقة.
الحسابات الدقيقة وراء التصميم
قام موسى بشرح كافة الحسابات الفيزيائية والرياضية التي اعتمد عليها في بناء جهازه عبر فيديو على يوتيوب، حيث قدم شرحًا شاملاً ودقيقًا لآلية العمل. لكن إذا كنت لا تفضل الغوص في التفاصيل التقنية، فلا داعي للقلق. يمكنك متابعة القراءة لفهم الأساسيات التي ساعدت موسى في تحويل جهازه إلى أداة قوية يمكنها “قطع رؤوس” الخضروات والفواكه في الحديقة للمتعة!
الأغراض العملية للقاذف القابل للارتداء
بالرغم من أن الجهاز قد صُمم في البداية للمتعة فقط، يظل السؤال: هل يمكن استخدام قاذف الأقراص القابل للارتداء لأغراض عملية أخرى؟ إذا قررت أن تحذو حذو موسى وتصنع جهازًا مشابهًا بنفسك، فهل توجد تطبيقات عملية يمكن أن تضيفها له لتوسيع استخداماته؟ يمكن أن تكون هذه الأفكار المفتوحة بابًا للتطوير المستقبلي لمثل هذه الأجهزة.


من الفكرة إلى التنفيذ: كيف بدأ المشروع؟
قبل الحديث عن الاستخدامات المحتملة، من المهم التعرّف على خطوات موسى الأولى في بناء جهازه الفريد. فقد بدأت القصة بعلبة من الأقراص المدمجة الصغيرة (Mini-CDs) — وهي أقراص بحجم أصغر من الأقراص المألوفة المخصصة لتشغيل الصوتيات. وبمجرد رؤيته لها، خطرت له فكرة تحويلها إلى “قذائف” تطلق من جهاز يُثبت على المعصم.
العجلة الطيّارة: القلب النابض للجهاز
أولى خطوات التصميم كانت مع العجلة الطيّارة (Flywheel)، والتي وصفها موسى بأنها العنصر الأساسي في القاذف. وظيفة هذه العجلة هي الدوران بسرعة عالية جدًا، بحيث تسمح للقرص بأن ينزلق على مسارها ليتم إطلاقه بقوة.
لتأمين هذا الدوران السريع، استخدم موسى محركًا قادرًا على بلوغ 40,000 دورة في الدقيقة (RPM). ومع اكتمال هذه المرحلة، بدأ العمل على تعزيز قوة الإطلاق.
تحسين الأداء: مضاعفة الدفع
لم يتوقف موسى عند عجلة واحدة. بل أضاف عجلة طيّارة ثانية لتحقيق دفع مزدوج، ما أدى إلى رفع سرعة الإطلاق إلى نحو 33 ميلاً في الساعة. هذا التطوير منح الجهاز طابعًا ديناميكيًا حادًا، ليصبح قادرًا على إطلاق الأقراص بقوة تكفي لاختراق بعض الأجسام الطرية — مثل الفواكه والخضروات — ما جعله أداة تجريبية فعّالة.


دقة في التصويب: الدوران الجيروسكوبي
من أبرز الابتكارات التي أضافها موسى إلى تصميمه هو تعديل زاوية العجلات الطيّارة. هذا التعديل لم يكن عشوائيًا؛ بل خُطط له بعناية ليمنح الأقراص المدمجة دورانًا أثناء انطلاقها، مما يخلق ثباتًا جيروسكوبيًا (gyroscopic stability). هذا النوع من الثبات يساعد المقذوف على الحفاظ على مساره، وبالتالي تحقيق دقة عالية في إصابة الهدف، حتى أثناء الطيران بسرعة كبيرة.
سرعة الإطلاق: خمس رميات في الثانية
الجهاز لا يقتصر فقط على القوة أو الدقة، بل يتميز أيضًا بمعدل إطلاق مرتفع. إذ يمكنه إطلاق خمسة أقراص في الثانية الواحدة، مما يجعله أداة مسلية بشكل كبير، خاصة في التجارب الترفيهية أو الاختبارات المنزلية.
من الطباعة إلى الصناعة الدقيقة
أما بالنسبة للهيكل الذي يحمل آلية الإطلاق، فقد كانت البداية باستخدام طابعة ثلاثية الأبعاد لصناعة نسخة بلاستيكية. لكن هذه النسخة لم تكن تلبي المعايير المطلوبة من حيث المتانة أو الشكل الجمالي. ولذلك، قرر موسى تصنيع نسخة نهائية باستخدام المعدن، مشغولة بواسطة ماكينة CNC، ما منح القاذف شكلًا احترافيًا وأكثر صلابة.





