الملاذ الحضري في شيان: حوار معماري مع إرث ثلاثة آلاف عام

Home » الأخبار » الملاذ الحضري في شيان: حوار معماري مع إرث ثلاثة آلاف عام

رحلة على خط التاريخ: نقطة تحول في شيان

تمتلك مدينة شيان تاريخاً يمتد لأكثر من ثلاثة آلاف عام، مما يجعلها تتعامل مع إرثها عبر توازن دقيق بين الحفاظ على الجذور وبين متطلبات التطور العمراني. في هذا السياق، شهدت قاعدة الفضاء الوطنية إنجاز مشروع جديد . لم يكن الهدف إضافة مبنى فاخر تقليدي، بل إنشاء مساحة تشكل نقطة استراحة وتجديد للطاقة. هذا المرفق يهدف إلى تلبية احتياج السوق لوجهة متكاملة للاستجمام المائي في شمال غرب الصين، ويقدم مفهوم الملاذ الحضري في شيان كبديل لمراكز الإقامة التقليدية.

واجهة رمادية تندمج مع أفق شيآن، تضيء بخفة في الغسق.
تُظهر الواجهة الرأسية من الحجر والمعادن تدرجًا دافئًا للضوء، يُحيي حجر شيآن القديم ويُوجّه الزائر نحو مدخلٍ هادئ ومُستقر.

العمارة الرأسية: كيف تستجيب الواجهة للمدينة؟

تبدأ تجربة الزائر من الخارج، حيث يلتزم تصميم الواجهة بحدود الموقع والارتفاعات القائمة للمباني المحيطة. يتميز التكوين المعماري بربط الأحجام والكتل الوظيفية لخلق مدخل يوحي بالثبات والرسوخ على أرض المدينة. هذا التصميم يهدف إلى أن يبدو الهيكل منسجمًا مع محيطه بشكل طبيعي.

تستخدم الواجهات ترتيبًا مدروسًا مع لمسات من الجدران الرمادية المستوحاة من أسلوب شيان المحلي. هذا التكوين الرأسي لا يقدم مجرد جمالية بصرية، بل يعمل على توجيه إحساس النزيل بالعمق، وفي اللحظة ذاتها، يفتح مسارًا بصريًا نحو الصعود.

مدخل مُظلل بألواح خشبية، يضيء بخفة بين أوراق الأشجار في الغسق.
تُحيط الأشجار بالمدخل المُظلل، حيث تتدفق الإضاءة الدافئة من بين ألواح الخشب والأحجار، وتخلق انتقالًا سلسًا من الحركة الخارجية إلى الهدوء الداخلي.

مسارات الضوء والتجول: الانتقال من الظلمة إلى الوضوح

عند دخول الزائر إلى الردهة الرئيسية، تبدأ رحلة حسية متكاملة. لقد تم التعامل مع الضوء كعنصر إنشائي، حيث تتدفق الإضاءة الطبيعية والصناعية من كتل مُعتّمة، لتنحت الفراغ وتضيء المسارات. هذا التوظيف الدقيق للضوء لا يهدف للإبهار، بل يوجه حركة العين والقدم.

يشعر الزائر هنا بأن الزمن يتباطأ. المواد المستخدمة تعكس الضوء بطرق مختلفة، فتندمج لتشكل بيئة متماسكة تختلف في تفاصيلها القريبة. يخلق الترتيب المكاني المتعمد إحساسًا بالانفصال الهادئ، مما يحفز خيال المتجول دون أن يشتت انتباهه. يتم تفعيل الحواس تدريجيًا: اللمس، والسمع عبر جودة الصمت ، والشم، مما يرسخ تجربة الملاذ الحضري في شيان.

ردهة فخمة بألواح رخامية سوداء، تُضيء نوافذها العالية في هدوء مُستقر.
تُلامس أرضية الرخام المصقول الضوء الساقط من النوافذ العالية، بينما تُضفي الألواح المُرتفعة والتفاصيل المعدنية إحساسًا بالاتساع والهيبة في انتظار الزائر.

تفاصيل الهيكل والمواد: عظيم من بعيد، متقن من قريب

تتبلور فكرة التصميم الأساسية في مبدأ “عظيم من بعيد، متقن من قريب” داخل المساحات الداخلية الواسعة. تم توظيف المواد لتعكس إيقاعًا متينًا وراقيًا. تم تخصيص مساحة كبيرة للمرافق، تتضمن:

  • 14,000 م² للمنتجع الصحي (Spa) ومناطق الترفيه.
  • 86 جناحًا للإقامة.
  • 3 مطاعم وصالات لتقديم الطعام والشراب.

في مناطق الطعام، يندمج التاريخ القديم للمدينة في تفاصيل القوام والأنماط اللونية، مما يخلق تباينًا ملحوظًا مع مناطق الاستجمام العامة.

فيما يلي أهم المواد والتقنيات التي شكلت هذا الهيكل:

  1. المواد الإنشائية والتكسية:
    • المعدن والحجر الطبيعي: لتكوين الهيكل الأساسي الذي يوحي بالرسوخ.
    • قشرة الخشب والمنسوجات: تستخدم في تكسية الأسطح الداخلية لتدفئة الفراغات وتحسين الإحساس (انظر المواصفات الفنية).
  2. تقنيات الضوء والإنارة:
    • حساب الضوء: دمج مدروس للضوء الطبيعي (100% طبيعي حيثما أمكن) ليعمل كـ حجم داخل الفراغات.
    • الإنارة الصناعية: تصميم إضاءة مركز يبرز التفاصيل المعمارية وينحت الظل.
  3. العناصر الوظيفية:
    • هيكل المصعد: مصمم ليكون قويًا وكأنه جزء من بنية تحتية حضرية (نسبة وظيفية 100%).
    • الواجهات الرمادية: استخدام نمط الجدران الرمادية بأسلوب شيان المحلي.
أعمدة معدنية تلمع في الظلال، تُضيء جدران خشبية بخفة في ردهة هادئة.
تُشكّل الأعمدة المتدرجة والجدران الخشبية المُنيرة توازنًا بين القوة والدفء، بينما يُعيد الأرض المرآتي انعكاسات الضوء، ليُعمّق شعور الزائر بالحركة الهادئة والانغماس.

✦ ArchUp Editorial Insight

يُقدم فندق شينغه يونغو في شيان تجربة بصرية تستند إلى التناقضات المدروسة، حيث تمنح الواجهة الرمادية ذات التكوين الرأسي إحساسًا بالرسوخ في التاريخ، بينما يسيطر الضوء على الفراغات الداخلية ليتحول إلى كتل نافذة. يعكس التصميم الداخلي مبدأ “عظيم من بعيد، متقن من قريب”، مستخدمًا مزيجًا من الحجر والمعدن والخشب لإنشاء بيئة حسية تتجاوز الوظيفة البسيطة للإقامة. نقديًا، يمكن تتبع محاولة المشروع لربط الرفاهية المفرطة بالسرد التاريخي للمدينة، مما يطرح تساؤلات حول شفافية المقاربة السياقية. ورغم ذلك، يُحسب للمشروع نجاحه في معالجة الضوء كعنصر إنشائي أساسي، مما يرفع من جودة الإدراك الحسي للمتلقي ويضيف قيمة إثرائية للفضاءات الداخلية.

Further Reading from ArchUp

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *