إعادة ابتكار معلم فني: تحول أرض مركز ستورم كينغ الفني
بمداخلة معمارية جريئة لكنها تحترم السياق، قامت شركتا Heneghan Peng Architects وWXY Architecture بتحويل أرض مركز ستورم كينغ الفني في شمال ولاية نيويورك، فاتحتَين بذلك فصلًا جديدًا لهذا المنتزه النحتي الأيقوني. تمثل هذه التعديلات أول تحديث شامل لمساحة المنتزه منذ أكثر من 65 عامًا، بفضل رؤية توازن بين الحساسية السياقية، الاستدامة، وتعزيز تجربة الزوار.
يقع مركز ستورم كينغ وسط تلال وادي هدسون، ويُعرف عالميًا بمجموعة منحوتاته الضخمة التي تندمج بسلاسة في التضاريس الطبيعية. ومع مرور الوقت، أصبحت البنية التحتية للموقع قديمة. اليوم، تعيد المنشآت الجديدة ومداخل المناظر الطبيعية—التي صممها مكتبا Reed Hilderbrand وGustafson Porter + Bowman—تأكيد تماهي العمارة والفن والبيئة في تناغم يُعزز هوية ستورم كينغ.
ولكل من يبحث عن مصدر موثوق ومُحدث حول المجال المعماري، يوفّر موقع ArchUp محتوى جديدًا يغطي المشاريع، التصميم، والمسابقات.
عمارة نابعة من الحاجة ومنتمية للمكان
تعتمد فلسفة التصميم التي تبنتها Heneghan Peng وWXY على مبدأ التقليل المدروس: البناء فقط عند الحاجة. ثلاث مبانٍ بسيطة مكسوة بالخشب تُشكّل تسلسل وصول جديد حول مبنى التذاكر الحجري الموجود مسبقًا على طرف ساحة الانتظار الرئيسية.
كل جناح يخدم غرضًا محددًا: واحد يضم مرافق صحية، وآخر يوفر منطقة مظللة للجلوس، والثالث مخصص لدعم العمليات. ورغم حجمها المتواضع، تُحدث هذه الإضافات تحولًا جذريًا في تجربة الزوار من خلال صياغة مدخل مقصود ومنظم للموقع. استُخدمت مواد محلية مثل الحجر، والخشب سريع النمو المعالج، والخرسانة، مما أوجد لغة مادية تنسجم مع البيئة المحيطة وتكتسب جمالية إضافية مع مرور الزمن.
قالت المعمارية كلير وايز، الشريكة في WXY، إن التصميم الجديد “يعيد تفسير ما كان موجودًا مسبقًا” ويعكس “الأرض، الفن، والإرث البيئي” للموقع. ويُبرز هذا التوجه رغبة الفريق في احترام الطبيعة مع تقديم حلول معمارية معاصرة.
صدق مادي وأداء بيئي متقدم
يمثل مشروع تجديد أرض مركز ستورم كينغ الفني مثالًا حيًا على الاستخدام الذكي للمواد بهدف الدمج بين الجمالية والاستدامة. تتشارك الأجنحة الثلاثة الكسوة الخشبية الفاتحة اللون، المصممة لتتحول تدريجيًا إلى الرمادي بتأثير الزمن، ما يُسهم في اندماجها البصري بالمحيط. تسمح النوافذ القابلة للفتح بالتهوية الطبيعية، في حين أن نقاط غسل اليدين وضعت أسفل هذه النوافذ للاستفادة من تدفق الهواء الخارجي.
الاستدامة ليست عنصرًا إضافيًا هنا، بل هي جوهر المشروع. فالألواح الشمسية على الأسطح تُساعد في تغطية استهلاك الطاقة، ويُعاد تدوير مياه المغاسل عبر نظام مياه رمادية يُستخدم في دورات المياه. كما أن جميع المباني تعمل بالكهرباء فقط، ما يجعلها نموذجًا للبنية التحتية الصديقة للبيئة في البيئات الريفية.
جناح المرافق الصحية، بتصميمه المفتوح على الطبيعة، يتحدى النمط التقليدي. فبدلًا من إخفاء البنية التحتية، يُبرز التصميم العناصر البيئية ويجعلها جزءًا من تجربة الزائر اليومية.
الحفاظ والصيانة وتجديد المشهد الطبيعي
بعيدًا عن منطقة الزوار، تم إنشاء مبنى جديد تحت اسم مبنى ديفيد آر كولينز للحفاظ والتصنيع والصيانة، ويخدم الاحتياجات التشغيلية للمركز. يأتي هذا المبنى بكسوة سوداء معدنية ويحتوي على ورشات تصنيع واسعة ومساحات عمل داخلية. يبتعد موقعه عن مسارات الزوار، مما يحافظ على نقاء تجربة مشاهدة الفن.
يشمل المشروع أيضًا تحويل ساحات الانتظار القديمة إلى خمس أفدنة من المساحات الخضراء العامة، مع زراعة 650 شجرة جديدة من الأنواع المحلية. لا توسع هذه الخطوة المساحة الخضراء فحسب، بل تُعيد إحياء التنوع البيولوجي وتحسن إدارة مياه الأمطار، وتفتح المجال لبرمجة فنية جديدة.
وقد تزامن افتتاح المساحات المجددة مع أعمال تركيب فنية لفنانين مثل كيفن بيزلي، سونيا غوميز، وديون لي، مما يعكس التزام المركز بدعم الحوار بين الفن والمكان.
✦ لمحة تحريرية من ArchUp
يعكس تجديد أرض مركز ستورم كينغ الفني مثالًا نادرًا على كيفية تطور المناظر الثقافية الكبرى دون المساس بهويتها. تتسم اللغة المعمارية بالصمت والدقة، حيث تتراجع الأجنحة إلى الخلف لتُبرز البيئة وتحسن البنية التحتية العامة. ومع ذلك، قد تفتقر بعض العناصر إلى الحضور المكاني القوي في ذاكرة الزائر. لكن من خلال تركيز المشروع على الأنظمة البيئية والجماليات الهادئة، فإنه يُعزز فلسفة ستورم كينغ الممتدة عبر الزمن، حيث يتكامل الفن والطبيعة والعمارة في تجربة موحدة.
خاتمة تحليلية
تُجسد أرض مركز ستورم كينغ الفني الجديدة توازنًا نادرًا بين التجديد والتقدير. من خلال إيماءات بسيطة وتفكير سياقي عميق، نسج المعماريون تحولًا قويًا ولطيفًا في آنٍ واحد. لا يُمكن اعتبار هذا المشروع “إعادة تصميم” تقليدية، بل هو إعادة ضبط ذكية تُدخل المركز في الحاضر مع الحفاظ على خصائصه الخالدة.
وعلى المدى البعيد، سيكون نجاح هذا المشروع في مدى تأثيره على المؤسسات الثقافية الأخرى لتبني فكر “البناء الأقل”، و”الذكاء البيئي”، و”تصميم مساحات تعليمية وخدمية في آنٍ واحد”. وبهذا المعنى، يؤكد ستورم كينغ مرة أخرى مكانته كمركز نحتي عالمي، ونموذج رائد في الممارسة المعمارية المستدامة.
استكشف المزيد مع ArchUp
يوثق ArchUp تطور مهنة المعماريين حول العالم، من رؤى مهنية وأبحاث إلى مراجعات مشاريع وأخبار الصناعة. ينشر فريقنا التحريري تقارير عن الرواتب العالمية، ونصائح مهنية، وفرصًا للمواهب الجديدة. تعرف أكثر على صفحتنا التعريفية أو تواصل معنا للتعاون.
The photography is by Richard Barnes