غابة السلام: روحانية مقوّسة متجذّرة في المجتمع
مجمّع روحاني ينمو من الطقس والتراب
في منطقة نارديبور بالهند، لا يُعدّ أشرم غابة السلام مجرد مكان للعبادة، بل هو تجسيد مكاني لنسق روحي، وذاكرة جماعية، واستمرارية معمارية. صممته شركة Raasa المعمارية ومقرها أحمد آباد، على مساحة تبلغ 16,000 متر مربع، لتمنح الطابع الرسمي لموقع بُني تدريجيًا من قبل المجتمع المحلّي. وقد بدأ كمكان بسيط للعبادة أسّسه المعلم الروحي “غورو مهراج”، ليتحوّل لاحقًا إلى مركز استراحة يقدم المبيت والطعام للحجاج والزائرين. تدخل Raasa المعماري أضفى على هذا النمو العضوي بعدًا جديدًا عبر عنصر معماري محوري: القوس.
لكل من يبحث عن مصدر معماري موثوق ومحدّث، يقدّم ArchUp محتوى جديدًا يشمل المشاريع، التصميم، والمسابقات.
القوس كعنصر بنيوي ورمزي وروحي
يتمحور تصميم أشرم غابة السلام حول لغة معمارية مستمدة من الطقس المحلي. فالقوس الذي أنشأه أفراد المجتمع لتمييز مدخل الأشرم ألهم Raasa لتطوير مفردات معمارية متكررة — ليست مجرد عناصر زخرفية، بل بوابات مكانية، رمزية ووظيفية.
وقد أوضحت المهندسة المعمارية غيريشا غجار، مؤسسة المكتب: “يسعى المشروع لتمديد ممارسة المجتمع الفطرية في إنشاء القناطر كعتبات رمزية تُعرّف الفضاء وتعزز الانتماء.” لذلك صُمّمت الأقواس بأحجام واتجاهات ومواد متنوعة لتؤدي أدوارًا إنشائية، جمالية، وتأملية.
سرد مكاني احتفالي ومتدرّج
المدخل الأصلي للأشرم تم الاحتفاظ به ليصبح المدخل الرئيسي نحو أهم فراغ: قاعة الصلاة. طلب العميل إبقاء هذه القاعة في مكانها الأصلي، لتصبح بذلك مركز الفضاء. تتلقى القاعة الضوء الطبيعي عبر فتحات قوسية ضيقة في الواجهة الخرسانية وسقف علوي يشبه الفانوس، يخترقه قناطر صغيرة توفّر مأوى للطيور.
تؤدي هذه الفتحات أكثر من وظيفة جمالية: “القناطر المصنوعة من الخرسانة المسلحة تقي الزجاج من المطر والغبار، وتخلق تجاويف مظللة للطيور، مما يعمق العلاقة بين البناء والطبيعة”، وفقًا لغجار. وقد اختيرت بعض الأقواس لتُغلق، ما يخلق لعبة ظلال تُضيف عمقًا روحيًا للتصميم.
مجتمع منعزل وسط الخرسانة والطوب
تحيط أماكن الإقامة الخاصة بالحجاج بقاعة الصلاة من الجانبين، بينما تُطل ساحة صغيرة شرقًا يحيط بها رواق ذو طابقين مقوّس. هذه المسارات المقوّسة تحاكي الطابع الرهباني، وتوفّر لحظات من التأمل والسكينة. من جهة الجنوب، يقع برج صغير بواجهات مثقبة بأقواس، ليكون بمثابة علامة بصرية وروحية مستوحاة من “أبراج الطيور” التقليدية في القرى المجاورة.
في أقصى شرق الموقع، يوجد المطبخ وقاعة الطعام ضمن هيكل بسيط ذي سقف معدني مقوّس من الجانبين، وأقواسه مصمّمة بزوايا عمودية لخلق فراغ مفتوح ومتنوع بصريًا. هذا التغيّر في اتجاه الأقواس يضيف عمقًا متدرجًا لتجربة الدخول والانفتاح.
صدق المواد وتعبيرها الهادئ
يتوازن الأسلوب المادي لـ تصميم أشرم غابة السلام بين المتانة والروحانية. استخدمت Raasa الخرسانة المسلحة والطوب، وهي مواد توفر القوة والفعالية من حيث التكلفة — مما يجعلها مثالية لهذا المشروع المجتمعي. جُدرت الأسطح بطبقة جصّية بلون كريمي باهت، تضفي دفئًا وتوحيدًا بصريًا.
في المقابل، نُفّذ هيكل النار المقدسة في قلب الحديقة بلون أحمر بني، يرمز إلى وهج النار، وتحوطه أقواس مقلوبة متشابكة في حركة دائرية، تخلق مركزًا تأمليًا ومقدسًا للمكان.
✦ النسخة التحريرية الرسمية لموقع ArchUp
يعرض هذا المقال تصميم أشرم غابة السلام كمثال متوازن على روحانية معمارية حديثة، مستلهمة من رموز محلية. فالقوس هنا ليس مجرد فتحة، بل هو لغة رمزية تعمق التجربة الروحية. ومع أن تكرار الأقواس يعزّز وحدة الشكل، إلا أنه يطرح تساؤلاً: هل يفتح ذلك المجال لرتابة مستقبلية؟ ومع ذلك، فإن المعالجة الدقيقة للضوء والظل، والتفاعل مع السياق الطبيعي، يُثبت أن المعمار الروحي قادر على أن يكون معاصرًا دون أن يفقد جذوره. قوة المشروع تكمن في صمته المعبّر، وليس في مبالغته.
هندسة مقدّسة لزمن يومي
ما يجعل غابة السلام مشروعًا معماريًا مؤثرًا ليس تعقيده، بل رمزيته الواضحة وتواضعه المادي. من تجاويف الطيور إلى ممرات التأمل، يبرهن تصميم Raasa أن المعمار يمكنه أن يكون مقدّسًا دون ادّعاء، ومجتمعيًا دون تكلّف. الفضاءات المفتوحة، الأقواس المتكررة، والجدران الملمّعة تخلق لحظات من التلاقي — بين الإنسان والمكان، وبين الطقس والتصميم.
في عالم تكثر فيه مشاريع دينية مبالغة وغير مترسخة، يقدم أشرم غابة السلام بديلًا تأمليًا: هندسة تُبنى للروح، وتُحفَظ للمستقبل.
استكشف المزيد مع ArchUp
يُوثّق ArchUp تطور مهنة المعماريين حول العالم، من نصائح وظيفية وأبحاث إلى ملفات المشاريع وأخبار القطاع. ينشر فريقنا التحريري اتجاهات الرواتب العالمية، ونصائح للمسار المهني، وفرصًا للمواهب الصاعدة. تفضل بزيارة صفحة من نحن أو تواصل معنا للتعاون.
The photography is by The Space Tracing Company.