صميم حي سيولون: الحياة المتكاملة في مدينة العشرة دقائق
نحن على أعتاب حقبة جديدة من التخطيط الحضري في سيول. يتجسد مشروع سيولون في تحويل موقع صناعي وخط سكك حديدية سابق. هذا الموقع يتحول إلى نموذج متقدم للحياة متعددة الأجيال. يمثل هذا التخطيط رؤية لمدينة مصغرة خضراء لا تعرف السكون. تركز المدينة على تلبية جميع الاحتياجات الأساسية. هذه الاحتياجات تقع ضمن مسافة لا تزيد عن عشرة دقائق سيراً على الأقدام.
خطوات المشاة تحل محل عجلات السيارات
تخيل أنك تبدأ يومك في سيولون. هنا، تنعدم أصوات محركات السيارات. الحركة تقتصر بالكامل على المشاة. هذا قرار تصميمي رائد. إنه يكرس مدينة العشرة دقائق كواقع ملموس. يرتفع الحي بأكمله على منصة مخصصة للمارة. تفصلهم هذه المنصة تماماً عن الطرق المحيطة وحركة المرور. الحركة مقتصرة على حلقة خارجية توصل مباشرة إلى مواقف السيارات تحت الأرض. هذا الالتزام ببيئة خالية من السيارات يضمن سلامة وكفاءة الحركة. كما أنه يعزز الشعور بالانتماء المجتمعي ضمن مدينة العشرة دقائق.
عندما تتجول في هذا الحي، البالغة مساحته 405,000 متر مربع، تجد أن كل شيء في متناول اليد. يتوفر كل من المساكن العاملة على مدار الساعة، والمكاتب، والفنادق، والمرافق الأساسية. يتجلى مفهوم مدينة العشرة دقائق في هذه الكثافة المدروسة للاستخدامات المختلطة. هي تضمن وجود دور الرعاية النهارية ومراكز كبار السن والمستشفى. كما توجد مراكز التعلم والمحلات التجارية على بُعد خطوات قصيرة.
الانسجام مع التضاريس: الطبيعة كمرشد تصميمي
التصميم لا يقف عند حدود الوظيفية. بل يتجاوزها ليحتضن البيئة المحيطة. يقع الحي على مقربة من المنطقة الجبلية في شمال شرق سيول. هذا الموقع ألهم المصممين لتطبيق مبادئ التخطيط الكوري التقليدي.
تجد أن أشكال المباني تتناغم مع تضاريس الجبال القريبة. يخلق هذا ممرات بصرية مفتوحة باتجاه المناظر الطبيعية. كما يُعزز التكامل المرئي بتخصيص أكثر من 30% من الموقع للمساحات الخضراء. نتيجة لذلك، يتحول الحي إلى قرية خضراء دائمة.
- شبكة المساحات الخضراء في سيولون:
- حدائق الجيوب : لتوفير فواصل طبيعية صغيرة ومتاحة بسهولة.
- الأسطح الخضراء : لزيادة العزل الحراري والتقليل من جريان المياه السطحية.
- الحدائق المائية : للمساعدة في إدارة المياه وخلق نقاط جذب جمالية.
- مسار الغابة : لتوفير تجربة طبيعية غامرة داخل النسيج الحضري.
دائرة الحياة والاتصال المجتمعي
يتجلى المفهوم الأساسي لـ المشروع في ترتيب متدرج للمرافق يخدم جميع الأعمار. يسمى هذا المفهوم دائرة الحياة الكبرى. توفر المنصة المرتفعة مجالاً حيوياً للمشي. تعمل سلسلة من الجسور على ربط هذا الحي بالمناطق المجاورة.
ضمن هذا الترتيب، ستلاحظ نقاط التقاء مصممة بعناية. على سبيل المثال، كل برجين سكنيين يتصلان عبر قاعدة مشتركة. هذه القواعد تسمى مستويات المجتمع . هي مساحات مخصصة ليلتقي فيها السكان ببعضهم البعض. هذا يشجع على التفاعل ويقلل من العزلة. هذه التفاصيل المعمارية هي ما يضمن أن تبقى مدينة العشرة دقائق حية ومترابطة اجتماعياً.
تقنيات البناء والاستدامة
اعتمد المشروع على مجموعة من التقنيات والمواد لضمان استدامته:
- دمج الشبكات: دمج متكامل للشبكات الخضراء والزرقاء لإدارة الموارد.
- الطاقة النظيفة: استخدام أنظمة طاقة لتقليل الأثر البيئي.
- مواد محلية: استخدام مواد مستوحاة من السيراميك الكوري التقليدي. هذا يساهم في تقليل البصمة الكربونية للمشروع.
- التقنية الذكية: تطبيق تقنيات المدينة الذكية لتعزيز كفاءة الخدمات.
المعلم الأبرز في الحي هو مبنى الكيوب . يعمل هذا المبنى كمركز متعدد الاستخدامات. يضم مركزاً تجارياً، ومكاتب، وفندقاً. تتميز المكاتب فيه بتنظيمها حول ردهة داخلية تعاونية. يتدفق الضوء الطبيعي عبر مناور متدرجة. هذه المرافق تضمن استمرار حركة الأفراد والنشاط التجاري على مدار الساعة. هذا يؤكد على جدوى مدينة العشرة دقائق كنموذج حياة مستدام.
✦ ArchUp Editorial Insight
النسخة العربية
يكشف مخطط سيولون عن إعادة تفسير وظيفية لـ مدينة العشرة دقائق، حيث يبرز كنسيج حضري متكامل يرتفع فوق حركة المرور. بصريًا، يفرض المشروع هيمنته من خلال كتل المباني المتدرجة التي تحاكي التضاريس الجبلية المحيطة، وتتصل عبر جسور مشاة معلقة. ينطوي النقد الأساسي على المقاربة التخطيطية؛ فبينما يعد الفصل التام للمشاة عن السيارات (عبر منصة مرتفعة) حلاً جذاباً، إلا أنه ينشئ حيّاً منعزلاً قد يفتقر إلى الشفافية الحضرية والتكامل الطبيعي مع النسيج التقليدي لسيول، رغم الوعود بالربط الخارجي. ومع ذلك، تبقى القيمة المعمارية للمشروع في تقديمه نموذجاً كثيفاً ومستداماً لـ الإسكان متعدد الأجيال، ما يعزز النقاش حول مستقبل التنمية المتمحورة حول الإنسان في المدن الكبرى.
ArchUp: التحليل الحضري والاستدامة لتصميم حي سيولون المتكامل
يقدم هذا المقال نظرة على حي سيولون في سيول كدراسة حالة في نموذج “مدينة العشرة دقائق”. ولتعزيز قيمته الأرشيفية، نود تقديم البيانات التخطيطية والتقنية الرئيسية التالية:
يعتمد التصميم الحضري على منصة مرتفعة للمشاة بارتفاع 12 متراً فوق مستوى الشارع، تغطي 100% من مساحة الحي البالغة 405,000 م². يفصل النظام الدائري للمرور (حلقة خارجية) حركة السيارات بالكامل عن المساحات الداخلية، مع توفير مواقف تحت الأرض تتسع لأكثر من 5,000 سيارة. تبلغ كثافة الاستخدام المختلط 6.0، مع تخصيص 40% للمساكن و30% للمكاتب و30% للمرافق العامة.
يتميز النظام البيئي بشبكة خضراء-زرقاء تغطي 35% من المساحة الإجمالية، تشمل 15,000 م² من الأسطح الخضراء وحدائق مائية تبلغ سعتها الاستيعابية لمياه الأمطار 5,000 م³ سنوياً. يحقق المخطط كفاءة في استهلاك الطاقة بنسبة 40% أقل من المعايير المحلية عبر استخدام أنظمة طاقة متجددة مركزية.
من حيث الأداء الوظيفي، يضمن التصميم وصولاً مشياً لأهم 12 خدمة أساسية (رعاية صحية، تعليم، تسوق) ضمن نصف قطر 800 متر (10 دقائق سيراً). يتكون المشروع من 15 برجاً سكنياً تتراوح ارتفاعاتها بين 25 و50 طابقاً، باستيعاب إجمالي يصل إلى 20,000 مقيم، مع مراكز مجتمعية متدرجة تخدم جميع الفئات العمرية.
رابط ذو صلة: يرجى مراجعة هذا المقال لمقارنة نماذج التخطيط الحضري المتمحور حول الإنسان:
المدن المتكاملة: من النظرية إلى التطبيق في التخطيط الحضري المعاصر
https://archup.net/ar/التخطيط-العمراني-المستدام-في-حي-نيوبي/